هناك حقيقة ثابتة على الأرض، يغفل المخلصون إبرازها بشكلها المطلوب، في حين يجتهد المحرضون والإرهابيون لنكرانها، مع وجود جمعيات ومؤسسات تدعي أنها معنية بحقوق الإنسان وحرياته لكنها تتعامل بعيون «عمياء» مع هذه المسألة.
كم شخصاً منذ بداية الفوضى في البحرين وحتى اليوم خرج ليتحدث بوجهه المكشوف في مواجهة إرهاب جماعة الولي الفقيه ومن في حكمهم من ساعين لإسقاط النظام وإحراق البلد؟! وهنا نعني بالأشخاص ساكني القرى التي تهيمن عليها الوفاق، نعني الأشخاص الذين سرقت أصواتهم وإرادتهم غصباً عنهم باعتبارات مذهبية أو مناطقية.
بعض هؤلاء الأشخاص خرجوا بوجوههم ليتكلموا فكانت عاقبتهم التهديد وتخريب ممتلكاتهم وتهشيم سياراتهم والتوعد بعاقبة أكبر. بعضهم يخرج ليتحدث في الصحف لكن يطلب تغطية وجهه وعدم الكشف عن هويته لأنه يدرك أن إرهابهم سيطاله لا محالة خاصة وأنه ساكن بينهم وبين من يأتمرون بأمرهم.
لست بصدد الحديث عن هذه المسألة بقدر ما هو الحديث عن عجز الوفاق ومن معها بشأن نفي عمليات الترهيب والوعيد واستهداف الأشخاص الذين يخالفونهم الرأي. هذه حقيقة واضحة يعمدون لإخفائها ومن يتضامن معهم من دكاكين حقوق إنسان لا يذكرونها أبداً وكأن هؤلاء البشر لا حقوق لهم، فقط الحقوق لمن يريد إسقاط النظام ويرمي المولوتوف ويسد الشوارع.
هل يمكنهم أن ينكروا لغتهم التسقيطية وقواميس الشتائم والبذاءات التي تصدر بحق كل من يخالفهم الرأي؟! حتى من يتحدث معهم بأسلوب محترم ويقارع الحجة بالحجة يستهدف بالتهديد وإهدار الدم وينعت بأقذر النعوت إلى غيرها من وسائل لا تصدر إلا عن عاجز وفاقد لقدرة استيعاب آراء الآخرين المختلفين معه.
من ينتقد عيسى قاسم والوفاق فكأنما ارتكب كبيرة من الكبائر، كأنما شتم رسولاً أو خرج عن الملة! ولو كان شيعياً فيعامل بحكم المرتد ولو كان شيخ دين يرتدي عمامة. ذنبه أنه يختلف معهم فكرياً لا مذهبياً، لكن ماذا نقول فيمن يستخدم الدين والمذهب أداة؟! حتى الإسلام أشار للاختلاف وقال «أمرهم شورى بينهم!».
هذه مصيبة الوفاق التي تحاول أن تتجمل قسراً بشعارات حرية الرأي والاحترام لكنها بسهولة تسقط في أول اختبار، نصبت قاسم إلهاً وهاجمت الأطراف الأخرى بنعوت وتوصيفات بل استفزتهم باستهداف رموزهم، ثم يزعل علي سلمان ومن معه أن قام الآخرون بردة فعل تماثل الفعل في قوته ومستواه! من الذي يكذب في ادعائه الشعارات هنا؟! الوفاق تبرأت من تصريحات معتدلة منصفة من عضوها الدكتور جاسم حسين بشأن الفورمولا1، هذا أبسط مثال.
عموماً هناك الكثير ممن ضجوا بهذا الوضع، ممن عانوا في معيشتهم بسبب مغامرات ومقامرات الوفاق، بات بعضهم يخرج بوجهه غير آبه، إذ إلى متى سيظل يعيش في هذا الخوف؟!
المحرضون والإرهابيون لا يمكنهم نكران أفعالهم الانتقامية ولغتهم التسقيطية، وأهل القرى الذين ضجوا بسبب ما يحصل وأوقعهم ذلك وسط سجالات هنا وهناك ودخان إطارات ومسيلات دموع، هؤلاء إن ضمنوا سلامتهم من انتقام الغوغاء سيكشفون حقائق أكبر عن آلة التحريض والإرهاب.
ووسط كل ذلك فقط يطل علينا تساؤل وحيد خاصة مع استمرار التفجيرات والفوضــى، مـــا هـــي أخبــــار تطبيــــق التوصيات؟! وكم محرضاً وإرهابياً امتثل أمام القانون؟! ما نقرأه شيء والواقع يفرض شيئاً آخر!