في المقابلة الصحفية التي أجرتها صحيفة الوسط البحرينية بتاريخ 23 فبراير الحالي مع الشيخ عادل المعاودة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب البحريني وأحد أهم رموز التيار السلفي في البحرين، أدلى الشيخ المعاودة بتصريحات مهمة بخصوص القتال في سوريا تستحق الوقوف عندها. فقد أعلن الشيخ المعاودة أن تنظيم «داعش» الذي يخوض حروباً في كل من سوريا والعراق والمتفرع عن تنظيم القاعدة هو «فئة مارقة»، وحذر ممن أسماهم بـ«أصحاب الفتنة في البحرين من الشذاذ والجهال» الذين يدعون شباب البحرين للجهاد ويغررون بهم، وطالب الجهات الأمنية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم.
وبعد بضعة أيام صدر عن جمعية الأصالة الإسلامية، التي ينتمي إليها الشيخ المعاودة، بيان يحمل المضمون ذاته، في التحذير من توجه الشباب البحريني للجهاد في سوريا، وانتقاد التوجه الفكري والفقهي والحركي لتنظيم داعش.   
هذه التصريحات والبيانات لها أهميتها بعد أن مرت البحرين بحملة تشجيعية لمسألة الجهاد في سوريا سواء باستقدام من أصبحت المصادر الرسمية السعودية تطلق عليهم اسم دعاة الفتنة، أو بجمع الأموال لما سمي بـ«تجهيز غازٍ» في سوريا، أو بالتغرير بشباب البحرين والزج بهم في أتون النيران السورية للاستشهاد على أراضي الشام، وتأتي تصريحات الشيخ المعاودة وبيان جمعيته مؤشراً على انضواء البحرين مع الدول التي بدأت تضع حداً لتورط أبنائها في القضية السورية مثل المملكة العربية السعودية، ومثل بريطانيا التي أعلنت رسمياً عن سحب الجنسية البريطانية من كل مواطن بريطاني يلتحق بالجماعات المقاتلة في سوريا حتى لو كان ابناً لمواطنين بريطانيين ولدوا في بريطانيا!!     
ولا نستطيع التطرق لموقف جمعية الأصالة من قضية الجهاد في سوريا دون أن نتذكر أن بعض أعضاء الجمعية دخلوا الأراضي السورية والتقطوا الصور التذكارية مع الجيش الحر دعماً له. أما الحديث عن كون الجيش السوري الحر هو الممثل الشرعي أو الصحي للثورة السورية والمعارضة السورية فهذا أشبه بحديث «خرافة». والفيصل في ذلك ليس الشعارات والتصريحات، بل المعلومات، فمن تتبع تأسيس الجيش السوري الحر ولقاءاته بالسيناتور الصهيوني جون ماكين في حلب، ولقاء بعض أفراده بالشخصية الصهيونية الشهيرة الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي الذي لعب دوراً مريباً في أحداث ما سمي بالربيع العربي في ليبيا تحديداً، ومن شاهد صور جنود الجيش الحر وهم يتلقون العلاج في مستشفيات إسرائيل ويصافحون بنيامين نتنياهو مؤخراً، من يتتبع هذه المعلومات لا يمكنه أن يعتبر الجيش الحر جيشاً وطنياً ثائراً للحرية والديمقراطية والاستقلال، بل هو أحد أدوات الفتنة في سوريا وأحد الأذرع للتدخل الخارجي وسفك الدماء. والتخلي عن دعمه لا يختلف وجوباً وضرورة عن التخلي عن جماعات داعش والنصرة والجيش الإسلامي وباقي الفصائل التي تفرخها الفوضى في سوريا كل يوم.   
ولأن الفيصل في بناء المواقف هو صحة المعلومات، كما ذكرنا، فإن الجمعيات الخيرية والأفراد الذين يجمعون الأموال والمساعدات لمخيم اليرموك مطالبون بالإعلان عن الجهات التي ستتسلم تلك المساعدات، فمخيم اليرموك يقع في قلب العاصمة دمشق على بعد عدة كيلومترات من القصر الرئاسي وهو محتل من عناصر جهادية، أغلبها ينتمي إلى جبهة النصرة، تعمل على تحويل المخيم إلى ثغرة للبدء في معركة دمشق؛ لذلك يخضع المخيم لحصار محكم من قبل الجيش السوري، فهل ستصل المساعدات البحرينية لمخيم اليرموك عن طريق السلطات السورية الرسمية (نظام الأسد)؟ أم ستدخل المساعدات للمخيم عن طريق جبهة النصرة وأخواتها الداعشية؟ أم أن ثمة بين ذلك سبيلاً؟!!    
الوضع الملتبس في سوريا يستدعي ترك الأمر لأهل سوريا يفكون التباسه، ويستدعي من الحكومات العربية والإسلامية دعم الشعب السوري الجريح في استعادة دولته واستقراره ومستقبله. ومواجهة دعاة الفتنة والجهاد في سوريا واجب أمني ووطني لحماية شبابنا من العودة من سوريا في توابيت الموت، وحماية أمننا ممن قد يعودن إلينا أحياء وقد اعتنقوا ثقافة الموت بقطع الرؤوس.     
شكراً للشيخ المعاودة على هذا التصريح، وشكراً لجمعية الأصالة الإسلامية على بيانها الذي سيحمي الكثير من شباب البحرين من الوقوع في فخ كل من لبس رداء السلفية وتنطع باسمها وارتفع صوته بدعاوى الفتنة واستباحة الدم الحرام. وشكراً لوزارة الداخلية على تحذيرها شبابنا من الانخراط في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل.