منذ أن بدأت الكتابة في صحيفة أخبار الخليج وإلى اليوم، أحسب نفسي من أكثر الأشخاص الذين كتبوا عن ارتفاع سعر الدواء بالبحرين، وكنت أقول إن بعض الأدوية يكون سعرها مضاعفاً ثلاث إلى أربع مرات عن سعر ذات العلبة بالمملكة العربية السعودية، ولم يكن هناك حل لهذا الموضوع طوال تلك المدة، رغم أننا «ردحنا» على ارتفاع سعر الدواء واصطدمنا بتجار الأدوية وأصحاب الصيدليات..!
كان خبراً طيباً ولافتاً أن تعلن الهيئة الوطنية لتنظيم المهن الصحية عن قائمة الأسعار الموحدة خليجياً للأدوية التي ستطبق اعتباراً من 15/5/2014 «الخميس القادم»، وقالت إن القائمة ستضم ما يقارب 1000 نوع من الأدوية، وقال الدكتور فتيحة إن قائمة أخرى ستطبق من سبتمبر المقبل تضاف إلى هذه القائمة..!
هذا الإعلان أسعد أهل البحرين الذين يعانون الأمرّين من الأمراض، ويعانون من ارتفاع الأسعار التي كانت تحرق جيوبهم، فالرواتب على حالها، وزيادة الأسعار تضرب في كل مكان وأغلب السلع.
اللافت في تصريح الدكتور فتيحة أنه أعلن -في ذات الخبر- أنه سيطلق حملة لمراقبة تطبيق اللائحة الجديدة للأسعار بعد أسبوعين من إعلان تخفيض الأسعار..!!
السؤال هنا؛ كم مفتشاً لدى هيئة تنظيم المهن الصحية؟
المعلومات التي لدينا أنه يوجد لديهم موظفان، ويقال إنهما قدما استقالتهما..!!
فهل تتم مراقبة الأسعار في جميع الصيدليات بموظفين اثنين؟
يبدو أن الإخوة في هيئة المهن قالوا إن وزارة الصناعة والتجارة لديها 5 موظفين لكل أسواق البحرين، فمراقبة الصيدليات يكفيها موظفان..!!
مشكلتنا هي مشكلة رقابة وأدوات رقابية، ربما لدينا قوانين لكن ليس لدينا من يطبقها ويفرضها بصرامة على الأسواق، وهذه هي المشكلة.
السؤال هنا أيضاً؛ هل انسحبت شركات من السوق بعد أن تم الإعلان عن قرب تطبيق التعرفة الجديدة لأسعار الأدوية؟
إن كان هذا قد حدث، فهذا يعني أن هناك أدوية اختفت من الأسواق، فهل هناك بديل لهذه الأدوية، وهل الحل هو الاستيراد من السعودية؟
هل حصرت الهيئة اختفاء أدوية بعينها من الأسواق؟ فبعض الأمراض تحتاج إلى نوعية محددة من الدواء، فهل تم النظر إلى هذا الموضوع؟
السؤال الآخر؛ هل لدى الهيئة خطة أو استراتيجية مع وزارة الصحة للأمن الدوائي، بحيث يتم تصنيع أدوية يحتاجها السوق باستمرار كأدوية القلب والسكري والضغط والكولسترول وأمراض الباطنية والكلى وغيرها؟
أغلب الممتهنين اليوم في مهنة الصيدلة من جنسية عربية معينة، وذات جنسية رئيس المهن الصحية، فهل ستتم الرقابة بشكل صارم وقوي أم ستكون هناك مجاملات؟
يقول أحدهم؛ إن كل من يراد منهم أن يراقبوا الأسعار في هيئة المهن كانوا موقوفين بعد أزمة 2011، وهذا سؤال آخر، كيف يصبح المفتشون كلهم -وهما اثنان- من لون واحد؟
خبر تخفيض أسعار الدواء خبر كان ينتظره أهل البحرين بفارغ الصبر، خاصة أن بعضهم أصبح «يأكل في نفسه لما يرى ويشاهد، من جراء ما مررنا به من أحداث»، لكن كيف ستراقب المهن الصحية الأسواق؟ وكيف ستفرض على الصيدليات سعراً موحداً؟ فحتى اليوم هناك تباين في الأسعار بين صيدلية وأخرى رغم أن العلبة هي ذاتها والشركة هي ذاتها؟
من المهم اليوم أن تقوم الدولة بمراقبة جميع الأسواق والسلع، ورمضان قادم، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن الصيدليات، وإنما عن جميع الأسواق، فإذا كانت الدولة تقوم مشكورة بخفض كلفة المعيشة على المواطن بهذه الإجراءات؛ فمن الذي يراقب تحقيق هذه الأهداف للدولة؟ ووزارة الصناعة لديها 5 مفتشين وهيئة المهن لديها اثنان، ووزارة الصحة لا أعرف كم ولكنهم قلة، وهكذا يضيع المواطن في «حيص بيص»، وفي لعبة الأسعار بين مجموعة من التجار الجشعين.
تم طرح موضوع افتتاح صيدليات سعودية كبيرة بالبحرين، وبرغم أن هذا مفرح للمواطن الذي يريد أن تنخفض الأسعار بأية طريقة إلا أن هناك من يخيف الدولة بأن تجار الصيدليات سيفلسون..!
تطبيق خفض أسعار الأدوية يصب في صالح المواطن أولاً، وفي مصلحة الدولة التي من واجبها أن تخفض كلفة المعيشة على المواطن، لكن كما تعرفون المصيبة في مراقبة الأسواق، وهذا للأسف غير متحقق حتى الساعة ولا تملكه هيئة المهن الطبية ولا تملكه وزارة الصناعة، ولا بقية الوزارات..!!