لم تكن القمم العربية ذات يوم مبعثاً للتفاؤل لدى الشعوب العربية، حتى في أوقات الركود العربي وانحسار الخلافات، في ذلك الوقت لم تكن الخلافات بين الدول العربية ظاهرة شاهرة متشعبة كما هي اليوم، الخلافات تجاوزت الوضع العربي، وأصبح الحديث اليوم عن الخلافات الخليجية الخليجية.
من الواضح أن القيادة في دولة الكويت الشقيقة تبذل جهوداً كبيرة لإنجاح القمة على كافة الصعد، وقد بذل الإخوة الكويتيون كل ما يمكن فعله لتهيئة الأجواء لنجاح القمة، خاصة وأن الكويت اليوم أصبحت عاصمة القمم، كما أنهم وجهوا دعوات كثيرة للإعلاميين العرب من أجل تغطية واقعية وكبيرة للقمة.
هناك أنباء تتردد في كواليس وأروقة المؤتمر حول جهود أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح -حفظه الله- في بذل أقصى جهد لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء بالخليج (وبين دول عربية أخرى بينها خلافات) من أجل تطويق الأزمة، وإيجاد سبل للحل بين أطرافها.
ما يتم الحديث عنه اليوم أن الكويت ستسعى خلف الكواليس (وليس على طاولة القمة) للعب هذا الدور، الذي تبرع فيه الكويت ممثلة في أميرها، الذي لديه خبرة طويلة في السياسة وفي مد جسور التواصل بين الأطراف ذات الخلاف.
يبقى أيضاً أمر آخر يتعلق بهذه الجهود وهو مستوى تمثيل القيادة لدى الدول التي بينها خلافات، فكلما هبط مستوى التمثيل قلت نسب نجاح الوساطة، الحديث أيضاً يدور عن دور (توافقي تصالحي) ستقوم به الكويت بين الأطراف، والجميع يأمل نجاح الكويت في ذلك.
هذا من جانب الكويت ودورها، ونيتها في استغلال القمة من أجل إزالة الخلافات، أما على صعيد آخر وما يجري في أروقة القمة وما يقوله الإعلاميون فإن جهود نجاح الوساطات مرتبطة بزوال أسباب الخلاف، ومن الواضح أن أسباب الخلاف القطري من الدول الخليجية الثلاث لم تُزَل بعد.
على صعيد آخر فقد نشرت أنباء عن طلب قطر من وزير الخارجية العماني القيام بدور الوساطة مع السعودية، وهذه الأنباء نشرت في صحف ومواقع إلكترونية، غير أن ذلك لم يخرج بصورة رسمية من أطراف الخبر.
على الجانب الآخر فقد ذكرت (خدمة بلوببيرغ) الأخبارية الأمريكية أن أي قرار سعودي إماراتي بإغلاق الحدود مع قطر سوف يؤثر على قطر كثيراً، وأن قطر قد بحثت البدائل مع خبراء، كما بحثت خياراتها فيما لو تم إغلاق الحدود مع أكثر دولتين ترتبطان غذائياً وتجارياً مع قطر.
وذكر الموقع نفسه أنه لا يبدو أن قطر سوف تتراجع عن سياساتها، مما ينذر باتخاذ خطوات تصعيدية من الدول الثلاث.
كل ما يجري ويدور في أروقة القمة العربية بالكويت هذه الأيام لا نجد فيه لغة تفاؤل بأن الأزمة الخليجية في طريقها للحل رغم جهود الكويت الكبيرة لذلك، الحديث يدور حول أن ما يحدث قابل للتصعيد وليس للحل.
طغى موضوع الخلاف الخليجي على الأجواء الإعلامية في أروقة القمة، رغم أن القمم العربية بها ما بها من ملفات شائكة، فالموضوع المصري مطروح بقوة، بين مؤيد لترشيح السيسي مثلاً وبين من يقف ضد ذلك وبقوة، وهناك من يقول إن السيسي سيفقد قوته وشعبيته بعد فترة إن أصبح رئيساً، ومن الأفضل له أن يبقى في منصبه الحالي فهو أقوى من الرئيس، ويملك قوة التغيير في أي لحظة.
موضوع سوريا مطروح، موضوع ليبيا، موضوع اليمن والحوثيين (والبعض أرجع موضوع الحوثيين لارتباطه بالخلاف الخليجي).
غير أن اللافت في ذلك هو غياب موضوع فلسطين المحتلة عن دائرة نقاشات الإعلاميين، صار الموضوع الفلسطيني في الخلف، قد يكون حاضراً على طاولة القمة إلا أنه غاب عن نقاشات واهتمامات الإعلاميين بشكل واضح، إلا ما ندر.
الذي يعلق الكثير من الآمال على القمم العربية يصبح كمن ينتظر أن يُزرع «الكيوي» في بر الصخير، من الواضح أن أشياء كثيرة في الأفق مغلقة، رغم كل الجهود الكويتية الحثيثة للخروج بنتائج وقرارات تدعم على الأقل الاقتصاد والتجارة بين الدول العربية، فالسياسة فرقت الذين نحسبهم ألا فراق بينهم.
لكن من الواضح أن شيئاً من الإثارة غائب برحيل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، كان على الأقل يضفي جواً من الإثارة حين يدخل قاعة القمة، وحين يتحدث، وحين يلبس نظارته الشمسية داخل القاعة..!