جرت العادة على لسان شعب منطقة الخليج العربي أن يكون الجواب على السؤال اليومي المعتاد؛ شلونك.. شلون الصحة أو شلون الأحوال؟ الصحة «زينة» والأمور كلها زينة بإذن الله.. في حينٍ أنه بأواخر السبعينات اشتهر على محطات التلفاز العربي جميعها مسلسل الأطفال الكرتوني «زينة»، ومع الوقت اشتهر المسلسل باسم البطلة مع البطل المرافق لها «زينة ونحول»، فهو يتحدث عن حياة النحل بشكل جميل ومحبب لدى الصغار والذي سرعان ما اعتاد على مشاهدته الكبار أيضاً.
فالحلقة من أغنية المقدمة لآخر كلمة في الحوار ممكن أن تسمعها فتبقى مشدوداً لها ولا تعلم متى يأتي الوقت كي يتم عرض الحلقة القادمة، أما الآن وتحديداً من تاريخ «6 يناير 2015» لم يعد مصطلح «زينة» مرتبطاً فقط بذكريات الطفولة الجميلة التي عهدناها في أيام الزمن الجميل. فأصبح تعبير «زينة» الذي يرمز للأحوال الطيبة والأمور الجيدة كابوساً جليدياً يسيطر على أحوال الناس في بلاد الشام والتي تشمل؛ لبنان فلسطين الأردن وسوريا، كابوساً بدأ ولا يعلم أهل هذه المنطقة الذين يشهدونه متى تنتهي آخر حلقة منه وما هي مخلفات المآسي والأحزان التي سيتركها برحيله؟!
أهالي هذه المنطقة يشهدون هذه الأيام أصعب ما يمكن أن يمر على المرء من لحظات الصقيع، فأنا لا أتكلم عن الناس المتمركزين في بيوتهم أمام مواقد الشتاء المتنوعة المنتشرة في أرجاء البيت وكأنها فرش ممددة ولا عن المغمورين بكوب الشاي الساخن حيث يمسكون هاتفهم النقال باليد اليمنى وريموت كونترول التلفاز باليسرى.. وإنما كلي حزن على اللاجئين من الشعب السوري الشقيق الأعزل الذي احتمى بقماش خيمة هرباً من عدوان كفيف أصم لا يملك قلباً ولا ذرة رحمة، عدوان قضى على أرضه وشرده من داره ويتمه من أهله.
ولا أخفي عليكم بأنني كنت سعيدة بالمبادرات الفردية أو الجماعية من الشعب البحريني الذي عرف بطيبته وحبه لأعمال الخير، حيث استلمت مجموعة من الرسائل النصية التي تحث أهل هذه الأرض الطيبة بعدم التردد بالتبرع بالبطانيات والملابس سواء القديمة أو الجديدة لكي يتم إرسالها للمعوزين والمحتاجين في تلك الديار. قرأت الإعلان؛ ومن دون سابق إنذار بدأت دموعي تنهمر بغزارة قهراً على أحوال تلك الناس التي أصبحت أحوالها غير زينة كليا. علما أن الموضوع أكبر من ذلك بكثير، فهم ليسوا بحاجة إلى بطانيات تغطيهم ولكن بحاجة إلى جدران تأويهم.
لذا؛ ألم يحن الوقت بأن تتضافر الجهود لفض هذه الأحوال المريرة على هذه الأمة التي عرفت بشهامتها وطيبة قلبها وكانت صادة شرها عن الجميع!! ولكن ها هو الشر يحيطها من كل حدب وصوب وأنينها يتزايد يوماً بعد يوم ونحن ننظر إليها من بعيد نتمنى لها وندعو لها بأن ترجع أحوالها الزينة أحسن مما كانت عليه.
ولكن الحقيقة تنص على أن شعار «وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا» الذي ربينا عليه ما هو إلا شعار أدبي مرفق بأحد نصوص اللغة العربية التي كانت مقررة علينا ليكتب علينا فقط بأن نسمع عن أساطير الشجاعة والشهامة والعزة في تلك الأيام الأولية التي نحلم أن نشهدها في أوقاتنا الآنية.