اليوم يعلل لنا مجلس الشورى سبب موافقته على رفع سقف الاقتراض لـ7 مليارات دينار، وذلك بعدما تقدم بمقترحاته إلى النواب؛ لا لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين أو رفع الضيم عن المتقاعدين، إنما لتأمين رفاهية الشوري لما بعد مجلس الشورى. فبالله عليكم أيها الشوريون ألا يكفيكم الخير الذي أنتم متنعمون فيه، ألا تكفيكم رواتب عالية وعلاوات راهية وسيارات فارهة وجوازات خاصة؟
كل هذا لم يكف أعضاء مجلس الشورى الذين انشغلوا عن المصالح العامة، هؤلاء الذين بالأمس كانوا يناقشون رفع الاقتراض. وهنا سنعرض بعض وجهات النظر، منها ما ذكره العضو جمال فخرو، حيث قال «إننا نسد أقساط القروض بالاقتراض لا بالتوفير»، وهنا نسأل؛ من أين يأتي التوفير مادام هناك إسراف وتبذير، ويا ليته كان على المواطنين. أما العضو عبدالرحمن جمشير قال: «أمام الدولة طريقان، الأول هو خفض النفقات، والآخر هو زيادة مدخول الدولة»، ونقول له إنها معادلة صعبة؛ يطالب بخفض النفقات في الوقت الذي يطالب بزيادة امتيازاته وحوافزه، ثم أين اقتراحاتك ومشاريعك وآراؤك في كيفية زيادة مدخول الدولة؟ كما قال العضو عادل المعاودة «نحن أمام معادلة صعبة، نحن في حرقة على البلد، ونحاول أن نوفر له ما نستطيع»، فأين هذه الحرقة حين تقدم الشوريون بمقترح زيادة معاشاتهم التقاعدية، وضم خدماتهم السابقة حتى يحتسب المعاش التقاعدي على آخر مكافأة شهرية؟ أما العضو هالة رمزي، فكان تعليقها في هذه المناقشة أنها دعت إلى رفع الناتج المحلي، فهل لنا أن نعرف منها ما هي المقترحات التي ترفع الناتج المحلي، هل بالعودة إلى الهول يا مال وصيد المحار أم بزراعة النخيل وتربية الجمال والغزلان؟
إن مناقشة مزايا الشوريين والنواب التقاعدية تأتي في وقت الإعلان بالخطوط العريضة عن عجز حاد في الميزانية مع انخفاض إيرادات النفط والغاز بنسبة 44.6% بموازنة 2015-2016، ومع انخفاض دعم منتجات النفط والغاز في السوق المحلي بنسبة 80% في الموازنة الحالية عن الموازنة السابقة، حيث بلغ حجم دعم منتجات النفط والغاز في الموازنة السابقة أكثر من مليار دينار، أما في الموازنة الحالية فهو 208 ملايين دينار فقط.
فبالله عليكم أيها السادة والنواب والشوريون عللوا وبرروا هذه الزيادات لرواتبكــم التقاعديـــة، حيـــث كـــان مــن الواجب أن تكونوا مثالاً ونموذجاً للمواطن في التقشف، خاصة عندما تكون خدمتكم في المجلسين هي لتحسين الوضع المعيشي للمواطن وإيجاد حلول لمشكلاته الإسكانية والصحية والبيئية، ولحلحلة الاقتصاد والتصدي للفساد، وها هو تقرير الرقابة المالية أمامكم؛ حيث كان من الأولى بكم أن تنكبوا عليه وتلاحقوا المفسدين، لا أن تخصصوا جلسات لمناقشة مستقبلكم وما سيؤول إليه حالكم. أما بالنسبة لشراء الخدمة للنواب الذين لم يكملوا السنوات الأربع، فهذه مصيبة أخرى، وذلك حين يصبح مجلس النواب فرصة للاستثمار وتحسين المعيشة وليس لخدمة المواطنين والوفاء بما وعدوا به المرشح، فإذا بهذا النائب يتنكر لقسمه ووعده ويطالب لنفسه براتب تقاعدي مجزٍ، بدعوى أنه لا يمكنه العودة للعمل مرة أخرى، إذ قد يتصدى له المسؤول الذي استجوبه بالأمس، أو قد لا يحصل على فرصة عمل، وهذا أمر كان يجب أن يضعه النائب في الحسبان قبل أن يفكر بدخول البرلمان، ثم إن هذا النائب أو الشوري ليس على رأسه ريشة؛ فهو مواطن وعليه الكد والردح كباقي المواطنين، ويذوق ما يذوقون من تعب، أم أنه لا يقدر على العودة إلى ضيم العيش بعد أن اعتاد على نعيمه؟!
هؤلاء النواب والشوريون لم يستطيعوا وقف استقطاع 1% من راتب المواطن لصالح العاطلين، ولم يستطيعوا وقف احتساب عشرة دنانير عن كل عامل، لأن التاجر، الذي هو لبنة الاقتصاد، وهؤلاء الشوريون منعوا بالأمس استفادة الدولة من ضرائب هيئة سوق العمل عندما وافق مجلس النواب تحويل 50% من دخل إيرادات الهيئة إلى ميزانية الدولة، إلا أن الشوريين تصدوا لذلك بقوة، ومنهم العضو جمال فخرو الذي قال إن «تمكين» تحول الدينار إلى 16 ديناراً، فأين هي الـ16 ديناراً اليوم؟ فلا نراها حلحلت الاقتصاد ولا فتحت أبواب استثمار، فوالله عجب ثم عجب عندما يعجز المجلسان عن تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ويسدلان الستار على تقارير الرقابة المالية.إنهم النواب والشوريون منذ بداية الحياة البرلمانية، وحتى عندما كانت الوفاق معهم، نفس الحال، فجميعهم انكبوا على مصالحهم وتركوا المواطن حاله حال، والتجاوزات تضرب طولاً وعرضاً في مؤسسات البلاد.