تقرأ الخبر التالي «ضبط ثلاثة من أعضاء خلية إرهابية وترسانة ضخمة من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة» فتدهش وتتساءل؛ هل يعقل أن يحدث هذا في إحدى دول مجلس التعاون؟ ثم تقرأ هذا الخبر «عثر داخل مزرعة بالإضافة إلى الأسلحة على أكثر من 200 كيلو من مادة السي فور شديدة الانفجار»، فتزداد دهشتك وتزداد تساؤلاتك وتحاول أن تتأكد من أن المزرعة التي تم العثور فيها على كل هذه المواد تقع بالفعل في إحدى دول التعاون؟ ثم تقرأ الخبر المكمل لهذين الخبرين «الاتهامات وصلت بعد التحقيقات الأولية إلى نحو 20 مواطناً كويتياً لهم علاقة بحزب الله»، فلا تملك إلا أن تضع يديك على رأسك وتفتح عينيك على الآخر وتصرخ بتلك الأسئلة وبغيرها باحثاً عن إجابة مقنعة أو عمن يؤكد لك أن ما قرأت غير صحيح أو أن هذا كله حدث ولكن ليس في أي من دول التعاون الخليجي.
هل يعقل أننا وصلنا إلى هذا الحد؟ أسلحة ومواد لصنع المتفجرات وأحزمة ناسفة وخطط يتم إعدادها وعمليات إرهابية؟ هل يعقل أن يتم تهريب كل هذه الكميات إلى دولنا الخليجية؟ وهل يعقل أن يلي التفجيرات التي حدثت في السعودية والكويت تفجيرات أخرى جديدة في هذه الدولة الخليجية أو تلك؟
مسألة يصعب تصديقها لولا إعلان الجهات الأمنية عنها وتأكيدها بأن ما قرأت وما سمعت ليس حلماً وإنما حقيقة، وأنك بالفعل مهدد وقد تخسر حياتك وحياة أحبابك في لحظة، ويحدث لك ولهم مثل ما يحدث في دول أخرى طالها الشر مبكراً.
لم يعد لدى المشككين في مثل هذه الأخبار أي مجال سوى تصديقها؛ فالمسألة لم تعد تحتمل التشكيك، فما نسمعه ونقرؤه من أخبار في هذا الخصوص كله صحيح ولا يترك الفرصة للقول بأن هذه الجهات تريد من ذلك أمراً أو آخر.
دول مجلس التعاون إذاً تعيش مرحلة صعبة، ولم يعد يمر أسبوع حتى تتعرض إحداها لعملية إرهابية أو يتم الإعلان في أخرى عن اكتشاف أسلحة أو مواد يتم صنع المتفجرات منها أو اكتشاف خلية إرهابية هنا أو هناك أو تلقي تهديدات من تنظيم أو فصيل معروف أو غير معروف.
كيف حدث هذا؟ ولماذا يحدث الآن؟ وكيف يمكن السيطرة على هذا الأمر الغريب على دول التعاون والخطير؟ وكيف للمواطن الخليجي أن يطمئن على نفسه وأهله وماله وهو يسمع ويقرأ في فترات متقاربة أخباراً كهذه التي تم الإعلان عنها قبل يومين في الكويت، أو تلك التي تم الإعلان عنها من قبل في البحرين أو السعودية؟
نحن إذاً أمام واقع جديد يفرض نفسه على الجميع ويتطلب من الجميع مواجهته لوضع حد له لأن استمراره مؤذ للجميع، ولأن المواجهة في مثل هذه الأحوال تتطلب تعليق الكثير من الملفات التي يصعب حتى مناقشتها والتفكير فيها في مثل هذه الأوضاع، لذا على المعنيين من مختلف الأطراف اتخاذ القرار الذي يتلاءم مع هذه المرحلة، فلا يمكن أبداً مواجهة هذه التهديدات ومنع العمليات الإرهابية ونحن مشغولون بأمور أخرى ليس هذا وقتها مهما كانت أهميتها.
انشغال البعض من المواطنين في دول التعاون بملفات قابلة للتأجيل يعني باختصار الإسهام والمساعدة في تهيئة الظروف المناسبة للإرهابيين كي ينفذوا عملياتهم ويحققوا أهدافهم التي يتضرر بتمكنهم من تحقيقها الجميع من دون استثناء.
ليس عيباً وليس تراجعاً أبداً اتخاذ التيارات بكل ألوانها وأطيافها في كل دول مجلس التعاون قراراً بالتعاون مع حكومات التعاون لمنع حدوث تلك العمليات الإرهابية التي يتم التحضير لها والتخطيط لتنفيذها.
العاقلون يواجهون معاً الأخطار التي تستهدف الجميع ثم بعد ذلك يتفرغون لمشكلاتهم ويتفقون على حلول مناسبة لها.