رغم أننا في أجواء فرحة وطنية، لكن ذلك لا يمنع أن نسلط الضوء اليوم على ما يمكن وصفه بأنه أخطر تطور يحصل جراء ما سمي بالحرب على الإرهاب، والذي تمضي بعض الدول من ضمنها إيران لقصره وحصره عمداً على تنظيم الدولة «داعش».
أعني هنا الإعلان الهام الذي صدر عن الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية بتشكيل «تحالف إسلامي دولي» لمحاربة الإرهاب يضم 34 دولة.
أصف الخطوة بأنها «أخطر تطور» في شأن محاربة الإرهاب، لأنها تأتي في إطار التحول إلى محاربة «جدية» لا «عبثية» للإرهاب وأهله، ولهذا القول والوصف تفنيد.
في جانب آخر تأتي الخطوة لتضع نقاطاً هامة على الحروف بشأن ملامح الحرب على الإرهاب والتطرف ومن يقودها ومن فيها ومن لديه «النوايا الصادقة» بشأنها.
هي محاربة «جدية» للإرهاب، بمعنى أن هذا التشكيل بقيادة السعودية بالقطع لن يتعامل مع الإرهاب بنفس «النفس الإيراني» الدافع باتجاه قصر الإرهاب على انتمائه السني، ولا بنفس الأسلوب الأمريكي الذي تحول فجأة من «ادعاء» السعي للإطاحة بـ«المجرم» بشار الأسد وإعلان «حزب الله» كمنظمة إرهابية إلى ترك عملاء إيران وتحويل ما يحصل في سوريا من إجرام إلى بوصلة «داعش»، إضافة لنسيان ما فعله الأمريكيون أنفسهم في العراق وتسليمه لإيران والصراخ الآن بأن «داعش» ستفجر العراق وتقطعه.
التحالف الإسلامي الدولي ضد الإرهاب نثق بأنه سيتعامل مع كل أنواع الإرهاب، إرهاب «داعش»، والقاعدة، وإرهاب «حزب الله»، وإيران، والأخيرة لم تدخل التشكيل لسببين واضحين:
الأول لأنه يأتي بقيادة عمقنا الخليجي والقوة العربية وحاضنة قبلة المسلمين المملكة العربية السعودية.
والسبب الآخر هو «غرابة» انضمام الإرهابي ومصدر الإرهاب ومموله وداعمه إلى تنظيم يحارب الإرهاب الذي يصنعه.
إيران ستنضم لأي تنظيم يدعي أنه يحارب الإرهاب فقط لو كان الإرهاب سنياً، وأتباعها وأذيالها وموالوها لن يتعاملوا مع التحالف الجديد إلا بالسلب ومحاولة النيل منه والهجوم عليه، وهذا متوقع، وطبعاً هنا راقبوا أبواق إيران الإعلامية لتعرفوهم أكثر على حقيقتهم.
الحرب «العبثية» تمثلت بما فعلته أولاً الولايات المتحدة الأمريكية التي «صدعت» رأسنا في البحرين، ورؤوس العالم بإدعاء محاربتها الإرهاب الدولي، وهي أصلاً «أمه» التي صنعته، حيث بدأته أولاً عبر قنابلها الذرية في اليابان، ومن ثم حرب فيتنام، وبعدها المساعدة في تكوين القاعدة، ولا يستبعد أن تكون «داعش» النسخة الأمريكية المجددة من القاعدة.
ولأن واشنطن التي وصلت بقواتها لأعمق جبال أفغانستان بحجة ملاحقة عناصر طالبان وبن لادن، أعلنت عجزها طوال خمس سنوات عن إزالة بشار الأسد الذي بات بلا منازع أكبر مجرم في التاريخ الحديث بقتله مئات الآلاف من شعبه، وتهجيره لملايين منهم، فإن خروج «داعش» بحجة محاربة بشار وإيران مسألة فيها شبهة أمريكية، أو أقلها نتيجة لمحاربة «عبثية» لإرهاب بشار وإيران و«حزب الله»، وبالآلية التي نراها اليوم، هي حرب أمريكية «عبثية» معلنة ضد «داعش»، حتى الآن لم تسفر عن شيء، ونحن الذين أقنعتنا واشنطن بأنها لو أرادت إزالة دول من على الخارطة لما أعجزها ذلك.
أما بشأن وضع النقاط على الحروف، يأتي التحالف الجديد بقيادة الشقيقة السعودية ليرسل رسالة واضحة للعالم، ولكل متصيد متربص للشعوب الإسلامية والعربية والخليجية، بأن الإسلام بريء من هذا الإرهاب، وبأن ما تم إلصاقه بالدين جوراً وظلماً لا يقبل له أن يستمر، ولا يمكن أن نصل لمرحلة نرى فيها ديننا يتم التطاول عليه من قبل «أراذل القوم» في الغرب مثل دونالد ترامب وغيره، وأن نسكت على ذلك.
الإسلام الحقيقي عبر معتنقيه وعبر الدول التي تفخر به ديناً، لا يمكنه أن يبرر لأي نوع من الإرهاب يحاول الالتصاق به أو يدعي الانتماء له. التشكيل الجديد بقيادة السعودية يأتي لضبط كل «الانحراف» الذي تسببت فيه أطراف عديدة، يتضح بأن محاربة الإرهاب والجماعات الإرهابية ليس هدفاً أساسياً لديهم، بل الاستفادة من الوضع الراهن هو الهدف الأوحد. الموضوع فيه تشعبات أكثر وأكبر، بالتالي، للحديث صلة.
* اتجاه معاكس:
نقول في ذكرى يومنا الوطني المجيد، بأن دعوانا أن يحفظ الله بلدنا وشعبنا وقيادتنا من كل سوء وشر، وأن يدحر كل كيد يكيده كارهون ومغرضون وطامعون، وأن يعز البحرين وأهلها ويذلل لهم الصعاب، وأن يمنح قيادتها القوة والعزم لقيادتها لمستقبل أجمل يحقق الرضا لجميع المواطنين. اللهم آمين.