أصبحت التحديات الاقتصادية تحاصر الدول، وما إن ينخفض سعر النفط حتى يبدأ الجميع في التفكير بشكل إيجابي نحو كيف يمكن أن ننوع مصادر الدخل؟ وما هي هذه المصادر؟ وكيف نبدأ؟ ومن أين؟
رغم أن هناك دولاً حولنا قامت فعلاً بتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، تعتبر الإمارات الشقيقة هي أنموذج خليجي لذلك، إلا أن هناك دولاً أخرى أيضاً تضع أقدامها في هذا الاتجاه، مثل، السعودية وقطر والكويت رغم احتياطياتها الضخمة.
كل من وضع أهدافاً وخططاً استراتيجية مستقبلية وقام بتنفيذها وفق توقيت زمني حاسم، هو يسير في الاتجاه الصحيح، بينما للتو أقرأ خبراً في صحفنا حول اجتماع بقيادة وزارة المالية لبحث استغلال الفرص الاستثمارية في الواجهات البحرية..!
يا جماعة «تو الناس.. ليش مستعجلين» المواطن اليوم يشعر أنه لم تبق أصلاً واجهات بحرية في العاصمة غير أماكن صغيرة معروفة، وللأسف تسمى ساحلاً وتسمى كورنيشاً، وهي ليست كذلك.
نحن أكثر حاجة من أي دولة خليجية لتنويع مصادر الدخل، نحن أكثر حاجة لأن نجعل البحرين «على الأقل» الوجهة الثانية سياحياً بعد الإمارات، لكننا نسير سير السلحفاة، ونتحدث كثيراً عن السياحة، وليست لدينا مشاريع سياحية تستقطب العائلة الخليجية.
وجدت في المملكة العربية السعودية الشقيقة ثلاثة دروس حدثت مؤخراً، وهذه الدروس أتمنى أن توضع تحت المجهر من الدولة البحرينية.
الدرس الأول: هو درس وزير الصحة السعودي خالد الفالح من بعد أن أتى حريق على مستشفى في جازان وراح ضحيته مواطنون سعوديون، قال الوزير في تغريدة له على «تويتر»: «القدر الأكبر من المسؤولية حول حريق مستشفى جازان يقع على المسؤول الأول عن قطاع الصحي، لذلك المسؤولية تقع علي شخصياً قبل أي أحد».
وتوعد الوزير أيضاً بمحاسبة المقصرين في حريق المستشفى ووعد بالحيلولة دون تكرار ذلك.
هذا نموذج رائع من المسؤولين، رغم أنه لم يكن مسؤولاً مباشراً عن حريق المستشفى وهو يعمل في الرياض، والمستشفى في جازان، إلا أنك تقرأ تصريحاً لمسؤول «رجل» يتحمل المسؤولية، ولا يلقي بها على جهات أخرى، أو مسؤولين آخرين داخل وزارته.
أكاد أجزم أننا نفتقد لوزير بحريني بهذا الفكر إلا ما ندر، لدينا وزراء ينزل عليهم الوحي، وكلامهم كأنه مُنزل «أستغفر الله»، بينما وزاراتهم من اسوأ الوزارات وتعج بالأخطاء، بل إن لدينا وزراء يستحقون أن نقول لهم «يا أخوي بس اقعد في بيتك أحسن».
لكن ماذا نقول، هذا مثل حي من السعودية، الدولة التي تسابق الزمن في التطور، وقد تخطتنا في أمور كثيرة رغم حجم العمل والمسؤوليات الضخمة.
الدرس الثاني: هو من مدير الجوازات في مطار الملك خالد بالرياض خالد المقبل، فقد قال: «سأستقيل من منصبي إذا تخطى انتظار المسافر السعودي أو الخليجي 10 دقائق لإنهاء إجراءات سفره».
كان مدير الجوازات يتحدث عن موضوع البصمة التي تطبق لإنهاء إجراءات السفر، وقال إن العمال الحرفيين وبسبب عملهم الحرفي أصبحت الأجهزة لا تتعرف بسرعة على بصمتهم.
وهذا أيضاً نموذج سعودي آخر يتحدث كما يتحدث المسؤول الأوروبي حين قال إذا تأخر أحد عن 10 دقائق سوف أقدم استقالتي وهو يقطع وعوداً على نفسه قبل أن يقطعها الآخرون عليه.
نعم 10 دقائق وقت طويل أيضاً، لكن قياساً بما كانت عليه بعض المطارات السعودية يعتبر إنجازاً كبيراً، ولاشك في أن هذا التحدي سيعقبه تحدٍّ آخر.
الدرس الثالث: هو ما أعلن عنه نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة د. حمد إسماعيل عن تقديم الحكومة السعودية قرضاً بمبلغ يقارب 27 مليون دولار لكل مستثمر يريد أن يقيم مشروعاً سياحياً بالسعودية.
إسماعيل قال أيضاً إن الميزانية لهذه المشاريع مفتوحة لقبول العدد الأكبر الذي يتقدم بمشروعات جادة.
هذا درس آخر في توجه الدولة لإقامة مشاريع سياحية تستقطب السائح السعودي والخليجي، عمل كبير وتخطيط واستراتيجية واضحة لتقليل الاعتماد على النفط.
بصراحة وجدت في حالة الاستنفار السعودي لسباق الزمن من أجل تقدم السعودية أمر يستحق التوقف عنده، ويستحق أن نقف ونرى أين كنا، وأين أصبحنا، وكيف لنا أن نتطور ونحن نسبح في «بحور اللجان» التي تنبثق منها لجان.. «يا جماعة والله هرمنااااا»، لجان تعمل دون توقيت زمني هذا عبث.
تخيلوا للتو نفكر في استغلال الواجهات البحرية، ولو كنت أقرأ هذا الخبر في سنة 1980 لقلت مقبول، لكن اليوم، بصراحة شعرنا أن القطار «راح عنا».
الدولة أصبحت تفكر في تدعيم عجز الموازنة من جيوب المواطنين، بينما العمل الصحيح هو أن تكون لدينا خطط بديلة للنفط منذ زمن طويل «والنفط عندنا ليس كما عند الجيران»، لكن ماذا نقول.. يا مسؤولين، «مابقت واجهات بحرية ولا برية، راح اللي راح»..!!
** رذاذ
وزير الأشغال قال في تصريح بصحيفة زميلة: «إننا حققنا ما عجزت عنه الكثير من الدول، إذ إن 95% من المناطق مزودة بنظام صرف صحي متطور وللمحافظة على هذا الإنجاز نحتاج إلى 75 مليون دينار سنوياً من أجل الصيانة»..!!
75 مليون دينار للصيانة سنوياً؟
يعني بالميزانية الواحدة لعامين كم تحتاج سعادتك؟
150 مليون دينار بالميزانية الواحدة لصيانة شبكة الصرف الصحي؟
150 مليون دينار، كم تطلع بالدولار يا سعادة الوزير؟
هناك أرقام في الميزانية ليست حقيقية، لذلك يطالب المواطن بأن تتم دراسة حقيقة أرقام المشاريع، هناك خلل وهدر في هذا الجانب «الناس نست اللحم»، لكن من يريد أن يصحح أموراً كثيرة عليه أن يدقق في حقيقة هذه الأرقام الضخمة الكبيرة والمبالغ فيها كثيراً..!
150 مليون دينار يطالب بها وزير الأشغال بالميزانية العامة لصيانة الصرف الصحي.. اصحوا معانا شوي.. «تقشف ترى عندنا يا سعادة الوزير»..!