قبل أيام وقفت طويلاً متأملاً في الأحداث التي مرت بها البحرين مؤخراً، إذ شهدت المنامة في العشرة أيام الماضية عدداً كبيراً من الفعاليات الرياضية والثقافية والاقتصادية والأنشطة ذات الطابع العالمي الذي تصدرت عناويها نشرات الأخبار على مستوى الداخل والخارج، واحتلت واجهات الصحافة المحلية وأجهزة الإعلام من إذاعة وتلفزيون، ووسائط الإعلام التواصلي الاجتماعي التفاعلية المنتشرة على نطاق واسع، وحتى هذه اللحظة فإن المؤتمرات الدولية والإقليمية الاقتصادية وغيرها تعقد في المنامة، والمشاركون فيها يلتقون القيادة السياسية ويشيدون بالتطور الكبير الذي حدث في المملكة على كل الصعد.
لا شك في أن العمل في غُرف الأخبار فترات طويلة ومستمرة على أكثر من صعيد تمكن الصحافي من الإلمام بخلفيات الأحداث، ومن ثم القدرة على التبصر بالأحوال السياسية والاقتصادية ..إلخ، ومعرفة مآلاتها.. كيف ينظر المُحلل والراصد لما يدور في البحرين..؟ في الوقت الذي تشهد خارجياً حملات تشويه السمعة بشتى الصور والأساليب بالتزامن مع استمرار العمل على تطوير البنى التحتية في المجالات المختلفة.
البحرين تشهد حالياً ارتفاع وتيرة تنفيذ البرامج والمشاريع الخدمية، ومن أهمها التنفيذ الفعلي لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة، عاهل البلاد المفدى، ببناء 40 ألف وحدة سكنية، وتطالعنا الأخبار كل يوم بالإعلان عن تسليم وحدات سكنية جديدة، بأعداد كبيرة. إنّ الشاهد والمراقب يلحظ أن وزارة الإسكان لا تألو جهداً في العمل على الأرض وفي تسليمها الوحدات الإسكانية المنجزة، وعلى أكثر من صعيد هناك عمل دوؤب على الأرض، وغرف الأخبار الرسمية وغيرها تشهد بذلك، مما جعل اسم البحرين يتردد كثيراً في الإعلام، وبشكل خاص تلك الإشادات التي تصدر من المنظمات الأممية والتي يُصدقها الواقع المعاش، وفي أجهزة الإعلام التي تتابع الإنجاز في مواقع العمل منذ إعلان التوجيهات السامية للمسؤولين مروراً بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة إلى لحظة الافتتاح الرسمي، تقدم كبير في مجالات الاتصالات والحكومة الإلكترونية وتنفيذ المشروعات الصحية والاجتماعية وغيرها الكثير والكثير.
المحلل والراصد يرى أن هذه الجهود الكبيرة والصادقة التي تقام في المملكة وترتقي بها في ظل سباق محموم بين منظومة دول الخليج العربي من جانب والدول الأوروبية من الجانب الآخر، تقف من وراءها القيادة السياسية الحكيمة التي لم تألُ جهداً في جعل البحرين في المكانة اللائقة بها، بأن تعتلي المراتب الرفيعة في سلم التقدم والازدهار، وتحاول جاهدة أن تكون في مستوى التطلعات الجماهيرية، وعلى ذات مستوى التفاني هناك من يعمل بجهد وإخلاص من أجل البحرين، في سائر دواوين العمل الحكومي نلتقيهم بشكل دائم ونرى فيهم نكران الذات وصبرهم وإيمانهم العميق بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم.
ومن المفارقات العجيبة في الإنجازات التي تتم في البحرين.. هناك في بعض الدول العربية والأفريقية عندما تنجز الدولة مشروع جسر صغير وبمواصفات محلية جداً ولا ترقى لمستوى المواصفات العالمية تقوم الدنيا ولا تقعد، ويجيش الإعلام قاطبة وتذاع وتبث الأناشيد الوطنية لأيام كثيرة من أجل ترسيخ «الإنجاز» في نفوس المواطنين، ويتم ذلك بالفعل، وفي البحرين وعلى مدى 16 عاماً متواصلة عشتها هنا لم أرَ يوماً احتفالاً بإنجاز واحد من الإنجازات التي أصبحت علامات بارزة في مشروع جلالة الملك الإصلاحي أقامت له الدولة احتفالاً تجاوز الساعة التي افتتح فيها، ومن اليوم الثاني وكأن شيئاً لم يحدث، وبالرغم من أن كل المشروعات التي نفذت صرفت فيها المبالغ الكبيرة ونفذت بمواصفات عالمية قياسية، ولذلك تقف شاهدة الآن على العزيمة والإصرار على بلوغ الأهداف مهما كانت التحديات والمؤامرات وحملات تشوية السمعة.
مملكة البحرين حالياً تضرب المثل الكبير في الصمود والوقوف بقوة في وجه التحديات نعم بلد صغيرة لكنها كبيرة بقيادتها وشبابها وشيبها وبعقولها النيرة التي أدهشت كل زوار المملكة في تنظيم الفعاليات الكبيرة مثل «الفورمولا 1»، والمؤتمرات الاقتصادية الدولية، والمؤتمرات ذات الصبغة الأمنية الدولية، حقيقة يقف المرء متسائلاً ومتأملاً دقة التنظيم والأصعب من ذلك التنسيق بين الجهات الرسمية الكثيرة في إخراج الفعاليات هذه بالمستوى المشرف ليس للبحرين فحسب بل لكل الأمة العربية والإسلامية.
إن صمود البحرين في وجه التحديات أمر ينبغي الوقوف عنده، خاصة وأن هناك الكثير من الجهود الوطنية الصادقة من الرسميين والشعبيين وحتى المواطنين الذين ارتقوا باسم البحرين عالياً، لا يوثقون، ويغشاهم النسيان، وتنسى جهودهم، بعد فترة قصيرة ولا يستفاد مما هو موجود من مواد خام، والمملكة تشهد الآن مرحلة تاريخية غاية في الأهمية ينبغي ألا نتجاهلها، لأن القفزة الحضارية التي حدثت كبيرة بكل المقاييس.