تابعت شبكة الـ«سي إن إن» الأمريكية عن كثب زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرابعة للمملكة العربية السعودية، ونتائج اجتماعاته مع خادم الحرمين الشريفين وقادة دول الخليج العربي.
الشبكة الإخبارية الأمريكية تركزت تغطياتها وتحليلاتها على «النقاط الحساسة» في العلاقة التي تجمع القوة العربية الأولى والقوة العالمية الأولى، موضحة أن الاستياء السعودي كبير والذي بدوره يمثل الموقف العربي تجاه مواقف أوباما «المتذبذبة».
بحسب الـ«سي إن إن»، فإن الاستقبال في المطار كان رسالة صريحة من الملك سلمان، إذ هو قام بنفسه باستقبال القادة الخليجيين، لكن مع أوباما اختلف الحال، وأن هذه الحركة لها تفسيرات عديدة، بالأخص أن السعودية لا تقوم بتصرف إلا ويكون مدروساً ويسجل موقفاً صريحاً.
لقاء الملك سلمان بأوباما كان أطول الاجتماعات المغلقة، وبحسب الشبكة الأمريكية ومراسليها فإنه تطرق بكل صراحة ومباشرة إلى أربع نقاط هي محل خلاف بين الطرفين.
أول الموضوعات كان المتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، وكيف أن الولايات المتحدة عبر سياسة أوباما «المتذبذبة» حاولت أن تلعب بأسلوب تحقيق المصالح الأمريكية وإن كان على حساب الحلفاء الذين يمتد التعاون معهم لعقود طويلة. وأمام ذلك كان واضحاً «اهتزاز» أوباما في المؤتمر الصحفي بعد اجتماعه مع قادة دول الخليج، وكيف أنه حاول «تجميل» صورة الاتفاق مع «عدوة الخليج الأولى» إيران، معرباً عن اتفاقه مع رأي دول الخليج بشأن الدور السلبي الذي تلعبه إيران، وتغذيتها للإرهاب ودعم عمليات القتل الحاصلة في سوريا.
النقطة الأخرى كانت معنية بالخطة الأمريكية في سوريا، وكيف أن أوباما انقلب في مواقفه بشكل كان له تأثير قوي على سير الأحداث في سوريا مما ساهم في زيادة الكارثة الإنسانية هناك، وهي المسألة التي أشار لها الملك سلمان بقوة، حيث اعتبرت السعودية الموقف الأمريكي «ضعيفاً» و«دون المستوى» في التعامل مع الوضع، خاصة أن أوباما كان قد صرح في بداية الكارثة التي ارتكبها بشار الأسد لرفضه التدخل الصريح في الوضع، إلا أنه عاد ليقلب موقفه، ويوم أمس يقول في المؤتمر الصحفي بأنه لا يجب أن يكون لبشار الأسد وجود في أي حلول مستقبلية لسوريا.
النقطة الثالثة كانت معنية بالمقال الذي نشر لأوباما في صحيفة «أتلانتيك» والذي فيه سقط الرئيس الأمريكي في مطبات قوية، كانت بمثابة كشف عما يعتمل بداخله تجاه العلاقات مع العرب وتحديداً دول الخليج العربي والسعودية، وذلك على خلفية الاتفاق الإيراني، وهو المقال الذي ردت عليه السعودية بقوة، وبينت مستوى «الكذب» و«الازدواجية» في خطاب أوباما، الذي ساوى بين 80 عاماً من الصداقة مع السعودية التي تعاملت بـ«نظافة» مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة وإيران التي مازالت تسمي أمريكا بـ«الشيطان الأكبر».
النقطة الرابعة كانت معنية بمحاولة السماح للمواطنين الأمريكان رفع قضايا على السعودية على خلفية اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر باعتبار أن 15 سعودياً شاركوا في الهجمات وهم ينتمون لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، ورغم محاولة أوباما بيان أنه ضد هذا التوجه، إلا أن «لعبة الشد والضغط» الأمريكية معروفة بهذه الأساليب.
هذه هي المخاوف الأمريكية التي واكبت الزيارة التي ستكون آخر زيارات أوباما للمنطقة قبل مغادرته نهائياً البيت الأبيض، لكن تركيز الإعلام الأمريكي انصب أيضاً على مواقف الملك سلمان وخطابه القوي ونقاطه الصريحة الواضحة بشأن الموقف العربي الخليجي حول «الغزل» الأمريكي الإيراني، وبشأن الإرهاب الذي تدعمه طهران، والمجازر الدموية التي ترتكب في سوريا، مع التأكيد على محاربة الإرهاب بمختلف أشكاله سواء أكان من «داعش» أو «حزب الله» أو إيران.
في رأينا هذه القمة جاءت في وقت ينبغي فيه على العالم الغربي أن يدرك أن الوحدة العربية الخليجية وحتى الإسلامية هي أقوى من قبل، وأن الولايات المتحدة تراجعت في موقعها بشأن تصدر المشهد العالمي في صياغة مقدراته وتوجهاته، البيت الأبيض اليوم عينه على مصالحه وعينه على الصعود الخليجي العربي، وهي كلها أمور نقول إن أحد محفزاتها كانت «السياسة الرعناء» التي اتبعها أوباما في التعامل مع منطقتنا، حيث تعاملنا مع رئيس تفوق على جورج بوش الابن في الفشل الإداري، رئيس سلم العراق لقمة سائغة لإيران لتبتلعه، ثم يخرج بنبرة الباكي في المؤتمر الصحفي ليقول بأنه يجب دعم المكون السني في العراق! وهل أبقيت في العراق مكونات أصلاً يا أوباما.
ما شهدته الرياض هو توجيه رسالة قوية لأقوى الأقطاب العالمية، واستعراض وحدة وقوة، ويفترض بأوباما أن يكتب تقريراً مفصلاً بذلك، أقلها ليستفيد منه خليفته في البيت الأبيض، عل وعسى يصلح وضعه معنا.