قام الرئيس التنفيذي لإحدى كبرى شركات توزيع المياه في البحرين في أحد الأيام، ومنذ سنوات قليلة، بمفاجأة موظفيه بالدخول عليهم في مكاتبهم وفي المصنع، وهو يرتدي زي الطباخين وقام بتوزيع وجبة الغداء عليهم بنفسه، تقديراً وشكراً لهم على جهودهم وتفانيهم في العمل. حاولت أن أتابع أثر القصة في التغطيات الإخبارية لصحافتنا، لكن لم أجدها، وقد علمت بها من موظفين بالمصنع أثناء تقديمي دورة تدريبية لهم. أدهشني اهتمامهم بالمصنع والعمل وانسجامهم مع إدارتهم وعندما تقصيت عن الموضوع ذكر الجميع لي قصة «يوم الشكر»، فهكذا أطلق عليه، وكيف تم توزيع الوجبات، واهتمام الرئيس التنفيذي بنفسه بتوزيعها شخصياً وشكره الموظفين بشكل مباشر وليس عبر رسالة بريد إلكتروني أو من خلال رسالة شخصية. رغم أن الجانب المادي الذي يحصلون عليه مقارنة بالسوق ليس استثنائياً، ولكن حديثهم عن المصنع والعمل وإدارتهم كان استثنائياً حيث نجح رئيسهم التنفيذي في خلق بيئة عمل وروح معنوية عالية ومتميزة يندر وجودها مع الاحتفاظ بالكفاءات لفتره طويلة.
يانج يوانكينج، الرئيس التنفيذي لشركة «لينوفو»، في يوليو 2012، حصل على مكافأة من الشركة التي يعمل بها قدرها 3 ملايين دولار، قام بتوزيعها على 10 آلاف موظف صغير في الشركة، من موظفي استقبال إلى عاملي مصنع، وحصل كل منهم على ما معدله 314 دولاراً، أو 120 ديناراً بحرينياً تقريباً «1200 درهم».
كيرك يانج، العضو المنتدب في بنك باركليز في هونغ كونغ يقول متعجباً «هذا أمر نادر جداً في الواقع، وخاصة بالنسبة لرئيس إحدى الشركات الصينية، لتوزيعه أمواله الشخصية في صيغة مكافأة للموظفين».
ذاع صيت الياباني هاروكا نيشيماتسو، الرئيس التنفيذي لشركة الطيران اليابانية JAL ما بين يونيو 2006 ويناير 2010، عندما نشر تقرير إخباري عنه في مواقع الإنترنت ذكر فيه كيفية تعامله مع الأزمة التي هزت جميع شركات الطيران في أنحاء العالم، حيث أخذ الرجل يستقل باص الشركة كل صباح، ويصطف مع زملائه الموظفين عند موعد الغداء، وعندما اضطر لتقليل رواتب العاملين في الشركة بدأ براتبه حيث خفضه عام 2009 ليجعل راتبه أقل من راتب الطيارين لديه، وألغى جميع علاواته مما دعاه للادخار لكي يتمكن من دفع فواتيره والتي ذكر منها سخان الماء.
ترى ما هي الرسالة التي كان يريد أصحاب الشخصيات الـ3 التي ذكرناها توجيهها لموظفيهم وعمالهم؟ هاروكا نيشيماتسو يجيب على هذا التساؤل في مقابلة معه مع إحدى الشبكات الإخبارية حيث يقول إن «كفاءة المدير» لا تتحقق بعدد الملايين التي يجمعها وإنما عندما يُشعر موظفيه أنهم جميعاً بنفس القارب»، ترى هل استطاعوا أن يوصلوا هذه الرسالة؟ لعلهم فعلوا ذلك وأكثر.
هذا الجيل المتنور من المديرين القادة يعرف كلمة السر لرفع كفاءة موظفيه أو فريقه، وهذه المقالة رسالة لكل مديرينا بمناسبة عيد العمال غداً الذي يوافق الأول من مايو من كل عام.
* مطور أعمال وقدرات بشرية