نواصل في الجزء الخامس والأخير من المقال حديثنا عن الصحافة المصرية، المصدر الثالث من مصادر القوى الناعمة المصرية إلى جانب الأزهر والكنيسة. فقد لعبت الصحافة دوراً بارزاً في الإعداد لمعركة 1973، وتهيئة الشعب العربي لها، بعدها تعددت الصحف المصرية في نهاية السبعينيات، بسبب ظهور الصحافة الحزبية التي عبرت عن التيارات السياسية المختلفة، ثم جاءت حقبة مبارك عام 1981، وفيها تمتعت الصحافة بحرية اوسع مقارنة بالحقبتين الساداتية والناصرية، ثم ثورة 25 يناير 2011، وفيها لعبت وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية دوراً كبيراً بالتوازي مع الإعلام الفضائي، ودلت الدراسات العلمية على أن الصحافة والمواقع الإلكترونية الأكثر تأثيراً هي تلك الوسائل الصادرة عن وسائل تقليدية كبرى تمارس تأثيرها في الواقع الحقيقي.
والإعلام المصري كان أداة أساسية ساعدت الفريق اول عبد الفتاح السيسي يوم 30 يوليو 2013 على تخلص مصر من حكم الإخوان، ولذا فإن الرئيس السيسي كان يردد للصحافيين «أنه لن يعمل لوحده وأنهم معه». فالصحافة هي السلطة الرابعة المكملة للفروع الثلاثة للحكومة، وهي، التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ونظراً لهذه المكانة التاريخية والمعاصرة التي تتمتع بها الصحافة المصرية، باعتبارها واحدة من أبرز القوى الناعمة، فقد شهدت الزيارة حراكاً كبيراً، مستهدفة الصحف الكبرى، من قبل وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد ال خليفة، وكذلك وزير شؤون الإعلام البحريني السيد علي الرميحي وهو ما كان له تأثيره الإيجابي والكبير على الرأي العام والمفكرين والمثقفين المصريين.
فقد عقدت الأهرام ندوة كبرى لوزير الخارجية حضرها كبار قيادات الأهرام، تحدث فيها عما يهم الشأن البحريني والمصري، سواء ما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين مصر والبحرين، والوضع الإقليمي وكشف التحديات الكبيرة بالمنطقة، سواء من قوى الإرهاب أو من المحاولات التوسعية لدول إقليمية، وتحدث عن أهمية زيارة جلالة الملك إلى بلده الثانى مصر، مؤكداً عمق العلاقات بين مصر والبحرين، وأن البحرين تدعم مصر دائماً، وتقف إلى جانبها فى كل الظروف وغير ذلك من القضايا، وكان لهذه الندوة مردودها الكبير على الإعلام والرأي العام المصري، لأنها قدمت إجابات لأسئلة كثيرة تدور في الذهن المصري بشأن البحرين.
وفي ندوة أخرى، قدمها وزير شؤون الإعلام السيد على الرميحي مع كبار الصحافيين بمؤسسة الأخبار، وزيارته لجريدة الجمهورية طرح فيها قضايا مهمة، منها أن التدخلات الخارجية في شؤون المملكة كانت تحاول أن تسوق مصطلحات تهدف من خلالها إلى اختراق وحدة الصف، من خلال تسمية المواطن بديانته أو مذهبه، وأن البحرين قد واجهت كل ذلك وأن الجميع شركاء في بناء البحرين، وبحكمة القيادة تحملت البحرين الكثير من الهجمات، وأن الزيارة تتعدى توقيع مذكرات التفاهم إنما تعكس مستوى العلاقة التاريخية بين البلدين.
لذا فقد نجح الوفد البحريني في التسويق السياسي لدى كافة فئات وشرائح الشعب المصري للبحرين وقضيتها العادلة والجهود الحثيثة من القيادة الرشيدة للحفاظ علي وحدة الصف الوطني، وهو ما جعل وسائل الإعلام المصرية تصف الزيارة بأنها ناجحة على كافة الأصعدة، ذلك لأنها أنجزت 19 اتفاقية، وأوصلت صوت البحرين الحقيقي للرأي العام، والقوى الناعمة المصرية «مؤسسات المجتمع المدني والإعلام والأزهر والكنيسة وقادة الرأي»، تلك الحقائق التي عمد الإعلام الإقليمي والدولي إلى تزييفها لتحقيق أجندته الخاصة في البحرين.