نظم معهد «شيلر» في العاصمة الألمانية برلين مؤتمراً حول «مستقبل البشرية» والأخطار المباشرة للحروب التي تنتشر في العديد من المناطق على مستوى العالم، خصوصاً في المنطقة العربية، وتعميق الأفكار المبدعة وتكثيفها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والفنية والاجتماعية، من أجل بلورة نموذج جديد للتعاون والتنمية في العالم، على أساس حوار الحضارات والإبداع الفريد للبشرية، خلال يومي 24 و25 يونيو الماضي، وقد شارك فيه أكثر من 300 مشارك من 24 دولة من 4 قارات.
وتناولت أعمال مؤتمر برلين المحاور التالية: الأزمة الاستراتيجية العالمية، وأزمة النظام المالي الأطلسي وسبل التغلب عليها، والنموذج الجديد «طريق واحد.. حزام واحد»، وحدود العلم: منصة اقتصادية جديدة تعتمد اقتصاد الانصهار ومستقبل الإنسان في الفضاء، والتقاليد التاريخية الإيجابية وفترات النهضة التي تربط بين أوروبا والصين وروسيا وأمريكا والعالم العربي.
واعتمدت استراتيجية المؤتمر على استيعاب أكبر قدر من المشاركات والشهادات في الجلسات الصباحية، وكذلك في جلسات ما بعد الظهر على مدى يومين، بحيث تكرست الفترة الصباحية لمناقشة الأخطار الاستراتيجية العالمية، من جانب خبراء دوليين في هذه المجالات، فيما تناولت جلسات بعد الظهر حوارات المؤسسات الثقافية وصلتها بالبحث عن نظام جديد للتنمية الإبداعية.
وقد أشارت العديد من التقارير الصحافية التي نشرت عن المؤتمر -في الصحافة غير المصرية على وجه الخصوص- إلى أن الاستراتيجيين المشاركين من أطراف العالم أكدوا أننا بتنا نجلس على برميل بارود، وأن الأزمات الاستراتيجية التي يشهدها العالم قد تكون الزناد الذي يؤدي إلى حرب نووية، فالعالم اليوم في وضع أكثر خطورة من أي وقت مضى، وهذا ما تؤكده مناورات حلف شمال الأطلسي «الناتو» في دول البلطيق، وصيحات الحرب في مؤتمر ميونيخ لأمن القوى الأطلسية، وكل هذا يقود إلى تصعيد في المواجهات العسكرية الدائرة في جنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، بحيث بات حلف شمال الأطلسي «الناتو» يحتاج لترويض نفسه، كما يقول جيرنوت أيكر، المنسق الخاص لسياسة روسيا في ألمانيا، إلى ما هنالك مما يمكن استيعابه بعد مضي واحد وسبعين عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية التي حولت العالم إلى خراب.
عزيزي القارئ، دعني أصارحك بشعوري إزاء عدم وجود أي خبر عن هذا المؤتمر في الصحف أو المجلات أو التلفزيون المصري أو العربي على وجه الخصوص والفضائيات أو الإذاعة، على الرغم من أهميته، ومناقشته لمنطقتنا العربية.
وفي الختام، يمثل هذا المقال عتاباً للصحافة والإعلام العربيين على عدم تغطية هذا المؤتمر المهم، والذي تناول مستقبل منطقتنا، في دولة صديقة مثل ألمانيا تربطنا بها علاقات اقتصادية وسياسية وثقافية ممتدة. وأردت أن ألفت انتباه مؤسسات صنع القرار، إلى هذا المؤتمر المهم، أملاً في أن تتوافر لدى السفارات أو القنصليات العربية في ألمانيا مشاركة فيه وتقرير عنه يقدم لتلك المؤسسات.
* كاتب وأكاديمي مصري