عادة ما تعتبر الأمراض من الأسباب الرئيسة للوفيات، في أي مجتمع، هذه الأمراض بيولوجية في الغالب، لكنها قد لا تكون كذلك عندما تتعلق المسألة بالإرهاب، باعتباره مرضاً اجتماعياً وسياسياً.
لم تكن البحرين بعيدة عن المجتمعات التي اكتوت بنيران الإرهاب، وهو الذي ظهر وتصاعد تدريجياً منذ اندلاع الثورة الخمينية في فبراير 1979، فارتبطت هذه الظاهرة بأيديولوجيا وإستراتيجية تصدير الثورة الإيرانية منذ ذلك الوقت.
ورغم وجود عدد من الجماعات المتطرفة استهدفت المكونين السني والشيعي، إلا أن الإرهاب ارتبط دائماً بالتدخلات الإيرانية تحت غطاء ديني سياسي حقوقي. قد يشهد المجتمع موجات من الإرهاب ترتفع وتنخفض من وقت لآخر، لكن ذلك لا يعني عدم مكافحة الإرهاب بالوقاية منه أيديولوجياً ومادياً ومالياً وإعلامياً.
من تناقضات السياسة في البحرين أن من يتورط في الإرهاب هو أول من يدينه في محاولة مكشوفة لإبعاد التهم عنه قبل أن يتم أساساً. هذه العملية المتناقضة سيطرت على بعض الجماعات السياسية منذ بداية الإصلاحات وحتى وقت قريب.
بالمقابل كان التعامل الرسمي حذراً للغاية مع ظاهرة الإرهاب، كان ومازال بحاجة للانتقال من حال مواجهة الإرهاب والجماعات الإرهابية إلى حال اجتثاث الإرهاب باعتباره تحدياً من التحديات الأمنية المستقبلية.
واجتثاث الإرهاب عملية جماعية تشترك فيها كافة مؤسسات الدولة التي يجب أن تعمل بجد على تجفيف منابعه مهما كانت، مع أهمية تفعيل دور المواطن والمقيم ليكون شريكاً في محاربة الإرهاب باجتثاثه.
يتطلب اجتثاث الإرهاب أيضاً إطلاق برنامج وطني لإعادة إدماج من تورط من أبناء البحرين في الإرهاب داخل المجتمع من جديد يقوم على تغيير ثقافة الإرهابيين المتطرفة إلى ثقافة أخرى أكثر اعتدالاً، ويبدو أن هناك توجهاً جاداً من وزارة الداخلية للاستفادة من التجربة السعودية في هذا المجال.
اجتثاث الإرهاب يرتبط أيضاً بمنظومة إنتاج التطرّف التي تحدثنا عنها سابقاً، ولا يمكن التعامل معها بعيداً عن إستراتيجية محاربة الإرهاب.
خصوصاً أن المملكة قطعت شوطاً متقدماً فيها، وبقي القيام بتكتيكات فاعلة لتكوين الوعي الجماعي الذي يقود لتفعيل دور كافة الأطراف المجتمعية، وجعل سلوكها ودورها يحقق هدف محاربة الإرهاب الذي لا يوجد طرف لا يتأثر به بشكل مباشر.