أتوقع أن غالبية القراء المحترمين تابعوا ولو من باب التفكه المعركة الكلامية التي دارت في الأيام الأخيرة بين رئيس وزراء العراق حيدر العبادي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولمن لم يتابعها، اسمحوا لي أن ألخصها لكم لكن بدون رتوش ولا ميك أب!
العبادي وربعه منزعجون من فكرة وجود جيش سني على الأراضي العراقية ومن المحتمل أن يشارك في معركة دحر «داعش» من الموصل، لأن المطلوب عدم كشف التفاصيل الخفية التي تربط الخيوط الخلفية لـ»داعش» مع النظام الإيراني، وكذلك عدم وجود قوة يمكن أن تمنع «الحشد المتوحش» من ارتكاب جرائمه ضد المدنيين السنة، كما حصل في مدن أخرى، لذلك وجدنا الجميع يهاجم تركيا ويطالب بسحب القوات القليلة الموجودة في معسكر بعشيقة لتدريب مسلحي القبائل العربية ومنع دخول قوات إضافية.
بالمقابل يرد أردوغان بحدته المعهودة: «اعرف حجمك»، ولكن صدى كلامه كان يقول بوضوح: «أنا اتفقت مع معلمك على كل شيء، منذ أن سلمت العراق لقمة سائغة له وللأمريكان، فمن أنت حتى تغير اتفاقي مع معلمك!».
ترى من هو معلم حيدر العبادي؟ الجواب يقوله لكم الإرهابي «العراقي» المعمم حامد الجزائري أحد القادة الميدانيين لميليشيات «الحشد المتوحش» في لقاء مع وكالة ميزان الإيرانية الرسمية بأن «الجحش الشعبي» وأقصد «»الحشد الشعبي» ورئيس وزراء العراق حيدر العبادي والعراق بأكمله يتحرك تحت إمرة وقيادة الجنرال قاسم سليماني لأنه رجل غير عادي ويحارب الكفر دفاعاً عن الشيعة بالمنطقة». ويضيف: «»الجحش الشعبي» العراقي ترعرع وتربى في أحضان إيران وأغلب قيادات «الجحش الشعبي» هم من العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية - الإيرانية بجانب الحرس الثوري الإيراني ضد صدام حسين».
لكن ما لم يقله الجزائري هو أن «الجحش الشعبي المتوحش» والذي تأسس قبل اجتياح «داعش» للمحافظات العراقية هو النسخة العراقية مما يسمى في إيران قوات التعبئة «الباسيج» التابعة للحرس الثوري الإيراني، لكن نقطة الاختلاف أنه عملياً يضم مقاتلي جميع التنظيمات الإرهابية الشيعية التابعة تنظيمياً لفيلق القدس، وهو جهاز العمليات الخاصة الخارجية للحرس الثوري، ويقود هذا الفيلق الجنرال قاسم سليماني الحاكم الفعلي للعراق.
وعندما نقول تابعة تنظيمياً لفيلق القدس، فهذا يعني أن هنالك وثائق مثبتة ومعلنة تنشر أسماء القادة بالعربية والفارسية وأرقام جوازاتهم الإيرانية ورتبهم في فيلق القدس وأرقام حساباتهم في البنوك الإيرانية ورواتبهم الشهرية. وبعض هؤلاء القادة وزراء في الحكومات العراقية المتعاقبة حتى إن آخر حكومة للمالكي كان فيها خمسة وزراء يحملون الجنسية الإيرانية إضافة للعراقية ولديهم رتب في فيلق القدس. ومن المفارقات أن وزير الداخلية العراقي السابق محمد الغبان، ويحمل رتبة عميد في فيلق الشر، قام وبإيعاز من سليماني وبجرة قلم واحد بالتنازل عن كافة الحقوق العراقية في ملف الحدود البالغ طولها 1400 كم، وحتى دون الرجوع لمجلس الوزراء أو لمجلس النواب. ألم يقل حامد الجزائري إن المهم هو «أمة ولاية الفقيه»؟!!!
وحتى لا يتوهم أحد أن هذا الفيلق يسعى لتحرير القدس أسارع للتذكير أن الهدف الأساسي من إنشائه عام 1981 كان إثارة قلاقل طائفية في العراق كوسيلة لهزيمة الجيش العراقي في حرب الثمان سنوات، ومنذ ذلك الوقت فإن كل ما يفعله ذلك الفيلق لا يتجاوز فكرة الحروب الطائفية والقلاقل والفتن خدمة لهدف تصدير الثورة الخمينية المعروف، وغني عن البيان ألا علاقة لذلك لا بالقدس ولا بالمقدسات.
ومن ناحية عملية يتبع لفيلق الشر هذا جميع التنظيمات الشيعية التي تسمعون أسماءها في مختلف مناطق عملياتها الإجرامية من «لواء فاطميون» الأفغاني، و»لواء زينبيون» الباكستاني، إلى زمرة التنظيمات العراقية من «قوات بدر» وصولاً لـ»عصائب أهل الباطل» وحتى ميليشيات «الجحش الشعبي المتوحش»، و»حزب اللات» بفروعه المختلفة وحتى ما يسمى «الحركة الإسلامية في نيجيريا» التي تمثل النيجيريين الذين تم تشييعهم بجهود عملاء لبنانيين من أتباع «حزب اللات».
وإذا استعرضنا العمليات الإرهابية والإجرامية نجد أنها لم تتوقف لا عند الشيعة ولا عند الأكراد ولا عند غيرهم، فمن أجل تحريض الأكراد على صدام حسين قام فيلق الشر بقصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية وألصقها بصدام، ومن أجل تحريض بسطاء الشيعة على السنة وإشعال حرب طائفية في العراق شكل عصابات قتل ونهب وسلب تتقصد الشيعة دون غيرهم متغلفة بشعارات سنية، بل ووصل الأمر إلى تدمير مراقد وحسينيات وجسور مزدحمة ونسبتها لتنظيمات سنية.
وفي اليمن أشعل عملاء فيلق الشر فتيل شرارة التمرد الحوثي بالسلاح والتدريب والعتاد، لكنهم لم يكتفوا بذلك فقاموا بتأسيس مراكز ومعاهد للمذهب الإمامي الاثني عشري في المحافظات السنية رغم عدم وجود شيعة اثني عشرية في اليمن بل تقول بعض المصادر إن بعض المعاهد ذات الواجهة السلفية التي أسست في قرى زيدية خالصة كانت في الواقع واجهات إيرانية لا هدف لها سوى إثارة الفتنة وتحريض الناس بعضها على بعض.
أما في البحرين، وأنتم يا أهل البحرين أدرى مني بإيران وعملائها، فأذكركم بالمرات العديدة التي أعلنت فيها الجهات المسؤولة عن إحباط محاولات تهريب أسلحة ومتفجرات قادمة من الاتجاه الشرقي، حيث يستغل «فيلق الشر» سيطرة الحرس الثوري على ما يقارب 80 ميناء غير شرعي لإرسال القوارب والسفن المليئة بالسموم والأسلحة وحتى تجارة الرقيق إلى دول مختلفة وصولاً إلى سواحل أفريقيا الغربية.
«وأنا شخصياً لا أهضم قصة أن الموانئ غير شرعية بل أعتقد أنها تبادل أدوار».
لذلك عندما تقوم سلطات مملكة البحرين بممارسة حقوقها السيادية في الحفاظ على أمنها الوطني وتحيل بعض القضايا إلى المحاكم المختصة فإنها بذلك توجه صفعة قوية لمخططات «فيلق الشر» ومن وراءه من أرباب إجرام وإرهاب، ولهذا يعلو عويلهم وزعيقهم وصراخهم.
هل عرفتم الآن لماذا أوجعتهم قرارات القضاء البحريني تجاه «عيسى قاسم» و»علي سلمان» و»الوفاق»؟ لأنهم أدركوا أن البحرين قطعت أياديهم الشريرة وأدواتهم المارقة.
لكن السؤال الحقيقي الذي يبقى ملحاً هنا: هؤلاء وعرفنا صراخهم لماذا... ترى ما هي سالفة «الشركاء»؟ وقائمة الشركاء لا تبدأ من المنظمات «إياها»، ولا تنتهي عند «مساعد وزير الخارجية الغربي إياه»، ولعلنا نعود لهؤلاء في حديث آخر.