يعاني البعض من مشكلة في فهم دور النواب ومجلس النواب، فهو يعتقد أن النائب المخلص للشعب والمنتقد دوماً لأداء الحكومة و»المبحبش» وراء كل خبر يمكن أن يتولد منه «فضيحة» تحرج من يعتقد أنه ينبغي إحراجه هو النائب الصادق الذي يأكل لقمته بالحلال ويستحق أن يطلق عليه لقب نائب، أما النائب الذي يقول عن «صح» الحكومة أنه «صح» وأن أداءها ممتاز أو جيد أو يراعي ظروفها وظروف البلاد فهذا لا يعتبر نائباً ويعني أن الحكومة اشترته وصار يقول بما تقوله ويقف ضد كل ما يعتقد الآخرون أن الحكومة قصرت فيه. لهذا تجد هذا البعض يصفق من دون توقف ويرسل الفيديوهات التي تظهر النائب الذي يرفع صوته ولا يسكت طوال الدقائق الممنوحة له للكلام حسب النظام، فكلما «لعلع» النائب و»داس في كبد الحكومة» كلما كان مستحقاً لنيل شرف هذه الصفة.
هذا تفكير يعبر عن نقص في فهم دور النائب ودور مجلس النواب، لأن من يؤمن به يعتقد أن المجلس أو النائب يكون ناجحاً ويستحق الاحترام طالما كان قادراً على فضح ما ينبغي فضحه وطالما أن الحكومة تتأذى منه، فإن قالت الحكومة إن الظروف اليوم لا تساعد على رفع الرواتب مثلاً صار عليه أن يناكفها ولا يهمه كيف تدبر نفسها، فالمهم هو أن يبرز هو في الصورة ويقول إنه هو الذي وقف في وجه الحكومة وأجبرها على تحقيق تلك الزيادة وإنه هو – أو الكتلة التي ينتمي إليها في المجلس أو خارجه – الذي كان سبباً في توفير لحظة فرح لدى الناس.
في السياق نفسه، يعتبر ذلك البعض أن النائب ممتاز أو جيد وأن المجلس يقوم بدوره لو أنه أصر على تحقيق نجاحات في بعض المجالات حتى تلك التي تعتبر من أسرار الدولة، وإفشاؤها يعرض الوطن للخطر ويفيد الأعداء، فالمهم عنده هو أن يقال عنه إنه «شرس» و«عظم في حلق الحكومة» ويخرج البعض مؤيداً له في بعض المناسبات وترفع صوره.
ليس هذا هو دور مجلس النواب، وليس هذا هو عمل النائب. توافق المجلس أو بعض نوابه أو معظمهم مع توجهات الحكومة لا يعني أنه ضعيف وأنه لا يقوم بدوره كما ينبغي، فدور النائب ومجلس النواب هو التشريع ومراقبة أداء الحكومة، والتشريع لا يكون بالتهجم على الحكومة وإظهارها وكأنها لا تريد الخير للناس، والمراقبة لا تعني عرقلة عملها والتقليل من شأن إنجازاتها، فما تحققه الحكومة هو في كل الأحوال لصالح الوطن والمواطن، والمكاسب ليس بالضرورة أن تأتي من مجلس النواب أو من بعض أعضائه.
هنا يأتي دور تعاون الحكومة مع مجلس النواب والذي أشاد به حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة في كلمته السامية، التي هي برنامج عمل واضح وطموح، فمن دون تعاون الحكومة مع النواب لا تتحقق المكاسب أو تتحقق خارج وقتها.
مهم جداً الابتعاد عن تفكير المراهقين الذي ملخصه أن مجلس النواب يعتبر ناجحاً فقط في حال مناكفة النواب أو بعضهم للحكومة وإحراجها وإرغامها على توفير ما لا تستطيع توفيره في هذه المرحلة، فالحكومة مثل مجلسي النواب والشورى تسعى إلى حل كل ملف عالق وتعمل على تحسين معيشة المواطن البحريني وتوفير التشريعات والقوانين والظروف التي تعينه على مزيد من العطاء لوطنه حاضراً ومستقبلاً.
هناك مسألة أخرى يجب الالتفات إليها أيضاً، وهي أن الكثيرين يقولون كلاماً يقلل من شأن النواب ومجلس النواب من دون أن يبذلوا جهداً في التحقق من المعلومة التي وصلتهم، فطالما أن «سيناً» أو «صاداً» قال كذا فإنه بالضرورة يعني كذا.