حدثتكم الأسبوع الماضي عن فيلق الشر الذي أسسته إيران لتنفيذ أجنداتها الإبليسية خارج حدودها لتحقيق هدف «تصدير الهذيان» الذي وضعوه نصا في دستورهم الباهت، وقلنا إن من أهم أدوات هذا الفيلق في تنفيذ مهامه القذرة الاعتماد على خونة وعملاء من مواليد ولا أقول أبناء البلدان التي يستهدفونها وفي مقدمتها دول الخليج العربية حماها الله وطهرها من الخونة والمرتزقة والعملاء.
ولعل أبرز الأدوات الخيانية التي يستخدمها فيلق الشر في هذا السياق سلسلة التنظيمات المعروفة باسم «حزب الله» كذباً وافتراء، فهو في الواقع والنظرية والتطبيق «حزب إبليس الرجيم» والذي تشكلت منه مجموعة نسخ في دول الخليج بين «حزب الله» الحجاز، و»حزب الله» الكويت و»حزب الله» البحرين الذي حكمت عليهم المحكمة في الصيف الفائت، بينما ألقت الإمارات القبض على خلية تابعة لـ «حزب الله» اللبناني استهدفت أمننا الوطني وقامت بأعمال معادية ومخالفة للقانون على أرضنا وبين ظهرانينا، لكن الله تعالى كشفهم وفضحهم واقتادتهم أجهزتنا الأمنية من أعناقهم خاسئين أذلاء مدحورين.
ما الذي يريده هؤلاء؟ لقد أسلفنا القول في مبررات تآمر النظام الإيراني وجرائمه المتواصلة ضد دول المنطقة وأهلها، سنة كانوا أم شيعة، وهي كلها مبررات واهية ومعروفة. لكن المشكلة أنه لا يستطيع أن يعلن هو بنفسه عن تنفيذ هذه الجرائم وتبنيها، لذلك يعمد إلى اختراع الوكلاء، وإذا كنت قد سمعت من قبل عن تعبير «حروب إيران بالوكالة» فهذا هو ما نقصده، والمقصود هو الاعتماد على الخونة والعملاء والجواسيس من مواليد البلدان المستهدفة الذين يحملون جوازات سفرها، وهي منهم براء.
والواقع أن تجمعات الخونة والجواسيس هذه، التي تحمل اسم «حزب الله»، هي مجرد تنظيمات تابعة تتلقى التمويل والتدريب والسلاح والعتاد والتعليمات من فيلق الشر المسمى «فيلق القدس»، والأهداف التي لا تخفى عليكم لا تبدأ عند إثارة الفتنة الطائفية، ولا تنتهي عند هدف الانقلاب على الشرعية وتأسيس حكم طائفي إجرامي يكون دمية عند ملالي قم وحرسهم الإجرامي المعروف، وما انقلاب اليمن عنكم ببعيد الذي نفذته حركة «أنصار الله - الحوثيين» التي تتبع نفس الأسلوب التنظيمي لـ «فيلق القدس».
أول التنظيمات التي تأسست في الخليج كان العصابة المسماة «حزب الله في الحجاز» ولعلكم تلاحظون هنا النفس التقسيمي والعبثي الذي أراد أن يقسم المملكة الشقيقة جغرافيا من خلال إضافة النعرات الجهوية إضافة للطائفية، لكن نشاطه الفعلي كان مقتصراً على ناشطي حوزات القطيف الذين ذهبوا إلى قم بحجة الدراسة، ثم في مرحلة تالية انتقلوا إلى السيدة زينب في دمشق متذرعين بحصول خلاف فقهي مع مرجعيات قم السعوديين، لكن التفسير المنطقي لهذا الانتقال هو أن دمشق كانت أسهل للتواصل مع الزوار الشيعة السعوديين الذين يذهبون للسياحة والزيارة باعتبار أن الناس لم تكن تنظر لدمشق كمركز خلفي للتشيع ونشر الفتنة الطائفية «على الساكت».
ومن أبزر العمليات الإجرامية التي تم تنفيذها في السعودية مظاهرات الحجّ عام 1988، عندما أمر الحرس الثوري الإيراني عملاءه من أعضاء «حزب الله الحجاز» بتنظيم مظاهرة كبيرة في منى أسفرت عن العديد من الضحايا، تماماً مثلما حصل العام الماضي، كما تعاون «حزب الله الحجاز» مع «حزب الله الكويتي» في إطلاق غازات سامة في نفق المعيصم في مكة المكرمة، ما تسبب في تسمم وإصابة وقتل المئات من حجاج بيت الله الحرام.
لكن هذا ليس كل شيء، ففي عام 1988 قام هؤلاء المجرمون الأوغاد بتفجير شركة صدف للبتروكيماويات، ثم بتفجير مبنى للحرس الوطني في الرياض عام 1995 أعقبته تفجيرات أبراج الخبر عام 1996 والتي أشرف عليها الإرهابي المجرم أحمد المغسل، والذي نجحت الأجهزة الأمنية السعودية قبل مدة بإلقاء القبض عليه واقتناصه من «عقر دار» حزب الله في لبنان، أي من مطار بيروت الواقع في الضاحية الجنوبية والمحروس جيداً من جهاز أمن موالي لـ «حزب الله»، ومع ذلك انتصر عليهم الأشقاء في الأمن السعودي معنوياً ومادياً والتقط من وسطهم العميل المغسل المحتمي بجواز سفر إيراني صدئ.
أما في الكويت الشقيقة حماها الله، فقد عمل الإرهابيون على مستويين: الأول من خلال ما يسمى «حزب الله الكويت» الذي نفذ العديد من الأعمال الإرهابية القذرة في الثمانينيات وصلت لحد محاولة اغتيال المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت آنذاك، واختطاف طائرة الجابرية وتفجيرات المقاهي الشعبية وغيرها، أما المستوى الثاني فهو استخدام الخلايا التي تتلقى تعليماتها من خارج الكويت أي من «حزب الله» اللبناني مباشرة ولتحقيق نفس الأهداف القذرة.
وكانت مملكة البحرين أحبطت في العام 2014 مخططاً آثماً لتأسيس «حزب الله البحرين» والذي تمت محاكمة أعضاؤه حيث صدرت عليهم الأحكام الصيف الماضي بالسجن 15 عاما واسقاط الجنسية عن ثمانية مواطنين بتهمة تأسيس وجمع اموال لجماعة «ارهابية»، تحمل اسم «حزب الله البحريني»، كما وجهت النيابة للمقبوض عليهم تهمة الشروع في قتل رجال شرطة خلال تظاهرة في قرية النويدرات الشيعية جنوب المنامة في يونيو 2014. يشار هنا إلى ما يسمى حركة «الوفاق» تعتبر من بين التنظيمات التابعة لـ «فيلق القدس» أيضاً.
لكن قصة البحرين مع هذا التنظيم الشيطاني لم تبدأ في 2014، بل تعود إلى عقود خلت، فقد كانت المخابرات الإيرانية بالتعاون مع الحرس الثوري أسسا في أوائل الثمانينيات تنظيم «حزب الله - البحرين»، ليضم بقية العملاء الذين هربوا بعد محاولة انقلاب المدرسي عام 1981.
ووجهت السلطات البحرينية ضربة قاصمة لهذا التنظيم الإرهابي حين اعتقلت 59 من أعضائه عام 1986، لكن محور الشر وحزب الشيطان استمرا في العمل، ففي العام 1994 قام الحزب بتنظيم سلسلة من المظاهرات وأعمال الشغب، متخفياً تحت أسماء مختلفة، مثل: منظمة العمل المباشر، وحركة أحرار البحرين، وهذه الأسماء كلها انصهرت في الواجهة الجديدة المعروفة باسم الوفاق.
وأحبطت البحرين في يونيو 1996 مؤامرة انقلاب قام بها «حزب الله البحرين» الذي بقي عملياً رأس الحربة الإيرانية لإحداث الفوضى وتنظيم الأعمال الإرهابية ضد البحرين وأمنها واستقرارها. وقبل تظاهرات فبراير 2011، كشفت مصادر أمنية أن قيادات من «حزب الله» وإيران تدير غرفة عمليات مشتركة لمتابعة الوضع في البحرين وتحريك التظاهرات، يوجد فيها شخص بحريني من جبهة «الوفاق». كما كشفت التقارير الأمنية عن إعادة تهيئة وتشكيل لـ «حزب الله - البحرين» وإقامة معسكرات تدريبية لعناصره في «ثكنة الإمام علي» قرب طهران وبدعم سياسي وعسكري من «حزب الله» اللبناني.
ومع اندلاع ما يسمى بـ «الربيع العربي» مطلع 2011 اكتشفت خلايا نائمة تنتمي لـ «حزب الله» اللبناني في كل من الكويت والبحرين والسعودية ومؤخراً في الإمارات، كانت تعمل على دعم وتدريب عناصر شيعية إرهابية في البحرين والسعودية إضافة إلى التجسس في هذه الدول، ودعم العمليات الإرهابية فيها، والتورط بشكل مباشر في بعضها، والتحريض المباشر على دول الخليج.
ولكي نعرف مدى قذارة الدور الذي تؤديه هذه المنظمات الإرهابية التابعة لفيلق القدس الإيراني الإرهابي، نشير إلى قيام الفيلق وأحزابه بتأسيس مراكز تدريب عسكرية خاصة بشيعة الخليج في كل من إيران وسوريا وجنوب لبنان والعراق، بل وقام الحزب باستقطاب أفراد من شيعة الخليج للقتال إلى جانب قوات بشار الأسد في سوريا بحجة الدفاع عما يسمى قبر السيدة زينب في دمشق، وقد قتل من هؤلاء في عام واحد «عام 2012» 23 شخصاً «9 سعوديين و8 بحرينيين و6 كويتيين» وتم دفنهم في النجف.
لكن القذارة لم تقف هنا فقط، حيث أكدت جمعيات خيرية أردنية وكذلك مصادر بين اللاجئين السوريين في الأردن أن ما تم تداوله على نطاق واسع في بداية الأزمة السورية من اتهامات تمس أعراض اللاجئات السوريات كان عملاً منظماً قام به أشخاص معينون معروفون بالاسم من الطائفة الشيعية من المنطقة الشرقية في السعودية ويبدو أنهم كانوا ينفذون برنامجاً موضوعاً لهم بعناية لتصوير الموضوع وكأن اللاجئات السوريات يمارسن المتعة والعلاقات المحرمة بهدف الإساءة لهن وتشويه صورة اللاجئين السوريين خدمة لأغراض النظام السوري، وهو أمر أثبتته الوثائق والأدلة والأسماء.
هذه هي حقيقتهم القذرة التي تكشف أنهم لا يهمهم ما يسمونه حقوق ولا تهمهم أوطان وكل ما يهمهم تنفيذ المشروع الإيراني بعيداً عن مصلحة أوطانهم وأبناء مذهبهم، فهم في المحصلة مجرد خونة وعملاء وجواسيس، لكن خلاصة الأمر فيهم جميعاً قوله تعالى في محكم التنزيل: «أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون»، «سورة المجادلة، 19».