عندما فازت الطالبة ولاء عبد الهادي البقالي من مدرسة جد حفص الثانوية للبنات بالمركز الثالث عربياً في التصفية النهائية لمسابقة «تحدي القراءة العربي» والتي أقيمت في دبي أخيراً هنأها وذويها الجميع من دون استثناء، بدءاً من رئاسة مجلس الوزراء ومروراً بوزير التربية والتعليم وانتهاء بأصغر بحريني ربما لا تتوفر بينه وبين القراءة علاقة مودة. لم يتأخر أحد ليسأل عن مذهبها وما إذا كانت من هذه العائلة أو تلك أو من هذه المنطقة أو تلك أو من هذه المدرسة أو تلك، الكل فرح بفوزها لأنها بحرينية أولاً، والكل فرح بفوزها لأنها بحرينية آخراً. هكذا هي البحرين دائماً وأبداً، ومن يقول بغير هذا يجني عليها وعلى أهلها. من هنا صار لزاماً العمل معاً على منع كل من تسول له نفسه التأثير بأفكاره السالبة على ما فيه هذا الوطن من خير ومودة بغية تحقيق أهداف تم وضعها بالاتفاق مع شيطان يبحث عن زعامة المنطقة.
في السياق نفسه، فرح كل أهل البحرين بخبر اختيار الشاعر قاسم حداد ليكون أستاذاً زائراً بجامعة جورج تاون الأمريكية، وبنيل الدكتورة خولة مطر جائزة أمين عام الأمم المتحدة للشجاعة لتحملها مخاطر الوساطة بين فرقاء الحرب في سوريا، وفرحوا بالعديد من البحرينيين ممن حققوا الإنجازات في مختلف المجالات، العلمية والرياضية والاقتصادية والتربوية والفنية وغيرها. وفي كل هذه المناسبات لم يسأل أحد عن مذهب وأصل وفصل من حقق الإنجاز للبحرين ولم يتحفظ أحد أو يستنكف التهنئة، لأنه ليس على ود مع من فاز أو أهله أو مذهبه أو أصله. هكذا هي البحرين التي لا نريد لها أن تتغير، بل هكذا هي البحرين التي لا يمكن أن تتغير.
في المقابل، عبر كل أهل البحرين عن استيائهم وغضبهم من تجرؤ البعض على رموز الوطن في الداخل وفي الخارج وما كان منهم أخيراً في العاصمة البريطانية لندن التي تستضيفهم وكأنها لا تعرف أنهم ناكرو نعمة ولا يهمهم الحرج الذي يمكن أن يتسببوا لها فيه بسلوكياتهم التي لا تمت لأهل البحرين بصلة. لا أحد يقبل بهذه السلوكيات أيا كانت الأسباب، والطبيعي هو أن يقف الجميع في وجهها ويرفضها وأن يكون أول الواقفين والرافضين هم «المعارضة» المتمثلة في الجمعيات السياسية التي يفترض أنها تدرك أن مثل هذه الأعمال الخارجة تؤثر على عملها وعلى ما تعبر عنه بين الحين والحين عن رغبتها في «الخروج من عنق الزجاجة» و»تبريد الساحة».
في البحرين لا يتأخر أحد عن تهنئة من يأتي بالجوائز، وفي البحرين أيضاً لا يتأخر أحد عن إدانة السلوكيات السالبة خصوصاً إن طالت رموز الوطن، وهو ما ينبغي أن يقوم به كل من لا يقول بقول أولئك الذين قبلوا أن يكونوا أداة في يد من لا يريد الخير للبحرين، وما ينبغي أن يقوله وبوضوح «السياسيون» الذين لا يترددون عن القول إنهم إنما يسعون لـ «الإصلاح» ويرفضون الشعارات الداعية إلى إسقاط النظام.
ما يحدث بشكل شبه يومي في بعض القرى من سلوكيات خاطئة فرصة يفترض ألا تفوتها تلك الجمعيات بإدانتها وشجبها وباتخاذ موقف واضح منها، فمثل هذا الموقف وهذا السلوك يعينها ويعينهم على بناء الجسر الذي من دونه لا يستطيعون أن يجدوا القبول من الدولة، ومثل هذا الموقف من شأنه أن يعزز التراجع العاقل الذي عبرت عنه إحدى الجمعيات السياسية أخيراً وأعلنت أنها تمتلك الجرأة لتقوله.
تهنئة من الأعماق للابنة ولاء البقالي وللبحرين التي تستحق الولاء.