مهما تعددت مساعي الوصول للمجتمعات الغربية لتصحيح صور مغلوطة، والرد على أكاذيب منتشرة، فإن أقوى الردود تأتي حينما تكون من الغرب نفسه، وحينما تكون من جانب أعلى المسؤولين فيه.
زيارة ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز للبحرين حققت لمملكتنا الكثير من هذه المكاسب، على المستوى العالمي بشكل عام، وعلى مستوى المجتمع البريطاني بشكل خاص.
الكل يعرف أن العلاقات البحرينية البريطانية تعود لـ 200 عام، وأن العائلتين المالكتين آل خليفة الكرام والعائلة الملكية البريطانية عبر الملكة إليزابيث السابقة وقبلها والدها وقبلها والدته، هي علاقات استثنائية متينة وذات روابط قوية.
لكن الفارق أن زيارة الأمير تشارلز وقرينته للبحرين جاءت بترتيب من الحكومة البريطانية، وليست من قبل بلاد التاج البريطاني، وهي مسألة فيها دلالات عديدة على مستوى علاقات حكومة المملكتين في مقام ثان بعد العلاقات القوية التي تربط ملكنا حفظه الله والملكة إليزابيث ذات التاريخ الناصع والحافل.
حينما نتحرك خارجياً فإننا قد نواجه صداً من بعض المجتمعات الغربية بالأخص من قبل إعلامها الذي لديه أصلاً «أجندة خاصة»، ولديه فكرة معينة، وبعضهم يتعامل معك بواقع معاداة واستهداف، لكن حينما يأتي الغرب لك، ليجلس معك ويزور بلدك، ويتحدث هو عن العلاقات المتميزة التي تربطه معك، ويشير لكونها تمتد لقرون وليست لعقود، ويشيد بإنجازاتك العديدة التي حققتها، بل يذهب بنفسه ليطلع عليها، فإنك بالتالي ترى إعلامهم الغربي يتحرك بكل قوة إيجاباً بما يخدمك، وتحديداً في إبراز حقيقة واقعك.
لم أتابع كيف تعاطى إعلامنا الرسمي المحلي وكثير من صحفنا الوطنية مع زيارة الأمير تشارلز، لأن هذا التعاطي بديهي بمستواه الرفيع ومنطقي باهتمامه العالي، لكن الفارق في متابعة الإعلام البريطاني وكيف تعامل مع زيارة ولي عهد التاج البريطاني في زيارته للبحرين.
اذهبوا وابحثوا في وسائل الإعلام البريطانية وما نشرته من إشادات للأمير تشارلز للبحرين، وتغطيتها للجوانب المشرقة من مسيرة العمل التطويري والبناء الديمقراطي التي تمت من خلال مشروع جلالة الملك الإصلاحي، اذهبوا واقرؤوا ما نشروه عن التطورات الديمقراطية العديدة في البحرين، وعن تسامح الأديان، وعن حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحتى عن طلبة البحرين وشبابها، وعن الاقتصاد والكوادر البحرينية النشطة فيه، وعن الإعجاب والتقدير الكبير للمملكة البريطانية لعلاقاتها المتميزة بمملكة البحرين وبملكها حفظه الله.
هيئة الإذاعة البريطانية الـ «بي بي سي» أبرزت وبشكل لافت اجتماع الأمير تشارلز مع رئيس حكومة البحرين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، وبينت مستوى العلاقات الرفيع بين البلدين على مختلف المستويات.
وسائل إعلامية عديدة أبرزت «الحقيقة» التي يحاول البعض تزويرها عن البحرين، بينت كيف أن البحرين مملكة آمنة، وأن الشعب فيها يعيش بسلام وأمان، بل كيف أن الرعايا البريطانيين تتم معاملتهم وفق أرقى الأساليب، الأسواق جميلة ومفتوحة وآمنة وتمشى فيها الأمير تشارلز وقرينته بكل أريحية، بل وتفاعلوا مع الناس، وكيف أن حرية الأديان أمر «مقدس» في البحرين، وذلك يأتي من منطلق إيمان جلالة الملك حفظه الله بحريات الأفراد وبمبادئ التسامح، وكيف قام ولي العهد البريطاني بزيارة دور العبادة للمسلمين وغيرهم.
زيارة الأمير تشارلز لبلادنا، زيارة عزيزة بالفعل، لأنها قدمت أقوى «رد» على المشككين في واقعنا البحريني المعيش، كانت أفضل «عرض مرئي» يكشف الحقائق ويبين كيف أن هناك من يحاول الكذب ويسعى لتشويه صورة مملكة آمنة شعبها طيب، ورغم ذلك هي مستهدفة من كارهين لها ومن طامعين فيها.
تغطية الصحافة البحرينية والإعلام الوطني لهذه الزيارة، تفوقت عليه التغطية البريطانية ومدى الاهتمام الذي أولته، وكيف أن اسم البحرين تكرر مرات ومرات في أخبارها وتغطياتها، والأهم أنه تكرر بصورة إيجابية، وبنشر للواقع، حتى بعض الوسائل البريطانية التي كانت تحاول «دس» السم في العسل بما يخص البحرين، لم تجد أمامها إلا نشر الحقيقة التي رآها وفرح بها وعايشها ولي العهد البريطاني.
هذه هي البحرين، هذه هي الدولة التي تصدر الحب لأصدقائها وأشقائها، تعاملهم بكل رقي وحسن أخلاق، تمد جسور التعاون بكل نظافة ونزاهة وحسن نوايا، بالتالي حينما يكون في الأطراف الأخرى أشخاص عقلاء ومحايدون ونظاف السريرة، فإنك تجد الحب المقابل، وتجد الاحترام المتبادل، وتجد الكلام القوي الذي يعكس الحقيقة.
صاحب السمو الملكي الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، شكراً جزيلاً لك، فرحت بك البحرين، وكنت أفضل وأقوى شاهد على واقعها وإنجازاتها وأمنها وطيبة شعبها، وقبل ذلك كله حكمة قيادتها.