تتنوع الروبوتات وتختلف بأنواعها والغرض منها، فمنها من يزحف على بطنه، ومنها من يمشي على رجلين أو أربع، وهنالك من يسير بالعجلات، ومن الروبوتات من يتواجد في المصانع والمزارع وحتى البيوت. ويُعرف الروبوت بأنه جهاز كهروميكانيكي قادر على التفاعل بطريقة ما مع بيئته واتخاذ القرارات وتنفيذ المهام، لذا تتنوع الروبوتات في الأحجام والأوزان والأشكال، ولعلنا هنا نستدرك، لنعيد صياغة السؤال إلى من تصنع الروبوتات؟
في حقيقة الأمر، وببحث بسيط على الصفحات العنكبوتية، تجد أمامك كما هائلا من المعلومات التي تمكنك من تجميع قطع الروبوت وصنعه من مكونات بسيطة ومتوفرة. وإن ما يميز الروبوتات عن بعضها البعض هو الصانع نفسه، فالعقل البشري المبدع والمبتكر هو الذي يصنع ثم يبرمج الروبوت. فكفاءة الروبوت هي دليل على قدرة صانعه على تحليل المشاكل وبرمجة الروبوت لحلها بأقل التكلفة وتحقيق الأهداف المرجوة منه بكل دقة وسرعة وكفاءة عالية. إن التطور الهائل في تقنية المعلومات والاتصالات الذي نعيشه اليوم وتوفر هذه التقنيات بأسعار في متناول الجميع والثورة الصناعية الرابعة تجعلنا نعيد النظر في الأهداف المنشودة من البرامج التعليمية والتدريبية، فبالإضافة إلى البرامج المتخصصة في صناعة وهندسة الروبوتات علينا أن نجعل نصب أعيننا تنمية مهارات الطلبة في التحليل والتصميم وحل المشكلات. إن ما نحتاجه اليوم هو البرامج القادرة على توجيه الطاقات الشبابية وتعزيز مهاراتهم ليس فقط لنمكنهم من صنع الروبوتات بل لمنافسة هذه الروبوتات في سوق العمل. نعم، أمام الأجيال القادمة سوق عمل مزدحم بالروبوتات الرخيصة القادرة على تنفيذ المهام دون كلل أو ملل بصورة أعلى وأدق مما يقدر عليه الموظف العادي. قد لا تكون الروبوتات الاختيار الأول لأرباب العمل فقط بل سيفضلها الزبائن والعملاء لتخليص أعمالهم لما تتمتع به هذه الروبوتات من أخلاقيات مهنية عالية وذكاء صناعي وكفاءة عالية.
مجمل الوظائف التي يشغلها البشر اليوم سوف تحتكرها الروبوتات في المستقبل، هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم وليس أحد أفلام الخيال العلمي. فالمتأمل في التاريخ الحديث للتكنولوجيا يلاحظ كيف تحولت الوظائف واندثرت وحلت محلها وظائف أخرى في فترة لا تتعدى العقود البسيطة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، مَن مِن أرباب العمل يُعلن اليوم عن وظيفة تتطلب مهارة استخدام الآلة الكاتبة؟ كانت مختبرات المدارس والمعاهد والجامعات في الماضي تزخر بالآلات الكاتبة والمدرسين المتخصصين لتدريس الطلبة على علومها واستخدامها، اليوم لن تجد تلك الآلات الميكانيكية مكاناً إلا في المتاحف أو بين المقتنيات الشخصية للأفراد بغرض الذكرى. دخل الحاسب الآلي وتطبيقاته المتطورة كل مكتب ومختبر وبيت، وباتت مهارة الكتابة على الآلة الكاتبة من المهارات التي ليس لها وجود أو قيمة في عالمنا اليوم.
أمامنا مستقبل قد يعمل فيه الروبوت كسائق وبائع وحتى محلل اقتصادي، لكن السؤال الذي يواجهنا اليوم هو كيف نُعد البرامج التعليمية والتدريبية اليوم لأجيال سوف تعمل في مستقبل تسوده الروبوتات فائقة الذكاء والسرعة؟ يجب على هذه البرامج التعليمية والتدريبية تأهيل الخريج بتلك المهارات التي لا يستطيع الروبوت القيام بها. كما على المؤسسات التعليمية والتدريبية أن تتوقع رجوع المتعلم لصفوف الدراسة مرة كل أربع أو خمس سنوات كون العلوم والمهارات التي اكتسبها المتعلم قد أصبح مصيرها مصير الآلة الكاتبة. التعليم والتدريب اليوم عليه أن يُجاري سباق التغيير الذي يفرضه قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، فمن منا يطيب له أن يعالج اليوم لدى طبيب يستخدم نفس الأدوات الطبية التي استخدمت في القرون الفائتة.
* باحث في مجالات إنترنت
المستقبل – جامعة البحرين