سأقول بداية أن المسألة تعتبر «إنجازاً»، وهنا لأوضح بأن الإنجاز «المطلق» سيكون باستيفاء جميع الطلبات الإسكانية -والتي تتوالد سنوياً بشكل رهيب- لكن ما أتحدث عنه هي الوتيرة المتسارعة لإنجاز الوحدات السكنية ومحاولة استيفائها بحسب الأقدمية، بحيث بتنا ننتهي من طلبات سنوات متتابعة، الأمر الذي يولد الأمل من جديد لدى المواطن.
أمر يثلج صدر كثير من أصحاب الطلبات الإسكانية، وهو الأمر الصادر من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر في جلسة الحكومة الأخيرة، وذلك لوزارة الإسكان لإنهاء جميع الطلبات المتكدسة والمتراكمة حتى 2002، أي أنه بحلول هذا العام يفترض أن تغلق الوزارة «تماماً» ملف طلبات القرن الماضي، وتبدأ التركيز على استيفاء الطلبات في الألفية الجديدة.
الأمر الإيجابي الآخر تمثل بزيادة حصص أهالي مناطق عالي ودمستان واللوزي، وهي مسألة تأتي لتلبي طلبات المواطنين في هذه المناطق، ونأمل أن تأتي خطوات مشابهة في بقية المناطق التي لايزال الناس ينتظرون طلباتهم فيها.
نتفاعل بالضرورة في موضوع الإسكان، لأنه ملف حيوي، والأهم لأنه يمس صميم حياة المواطن البحريني كونه مازال يمثل أحد الملفات التي تلقي بظلالها الثقيلة عليه.
الفكرة بأن ملف الإسكان هو بالفعل «هم» بالنسبة للكثيرين، هم الانتظار، وهم الاشتراطات، وهم المراجعة والمتابعة في حال قبول الطلب، وهم السنوات التي تمضي حتى يأتي دورك، والقلق كل القلق لدى كثير من الناس، بأن طلبه سيورثه لأبنائه، وأنه لن يسكن في منزل لسنوات تفوق ما مضت من عمره.
لكن «تفاءلوا بالخير تجدوه»، حراك وزارة الإسكان واهتمامها باستيفاء الطلبات تضاعف، خاصة مع التوجيهات الصادرة من جلالة الملك حفظه الله ببناء 40 ألف وحدة سكنية، واهتمام رأس الهرم في البلاد بهذا الملف ومنحه الأولوية في حراك التنمية العمرانية.
ولم تترك وزارة الإسكان وحدها، فاللجنة التي يرأسها صاحب السمو الملكي ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله، باتت آثار عملها تتضح، من خلال إنجاز كثير من الطلبات، ومن خلال الأرقام التي تنشر، وعبر ما تنقله لنا وسائل الإعلام.
مثل هذه الأخبار تهم المواطن أكثر من أية أخبار أخرى، ويتفاعل معها بقوة لأنها تمس صميم واقعه، ونعم سنجد هناك من يفرح بحصوله على طلبه، في مقابل من سيعبر عن امتعاضه لأنه مازال ينتظر.
لكن الحل باعتماد مبدأ الأقدمية يظل حلاً صحيحاً، لو كان تم الالتزام به خلال سنوات عديدة ماضية، أو اعتباره نهجاً لا يمكن تجاوزه، لوجدنا أن تكدس الطلبات لن يوصلنا لاستيفاء من تبقت لهم طلبات في الثمانينات والتسعينات.
وعليه فإن العمل على إنهاء كافة الطلبات التي حددها مجلس الوزراء سيتطلب جهداً أكبر من وزارة الإسكان، لكننا واثقون من أن الجهود التي استطاعت أن تحقق الكثير طوال السنوات التي مضت في ملف الإسكان، وأنجزت بشكل يقر به كثير من أبناء البحرين، بإذن الله ستكون قادرة على تلبية المزيد من الطلبات وأن تصل لمرحلة تقلل فيها قوائم الانتظار.
خلال السنوات القادمة ستصل الوزارة لتلبية أوامر جلالة الملك ببناء الوحدات السكنية المطلوبة، وطبعاً لن تنتهي العملية، فهي أصلاً تراكمية، إذ ستأتي طلبات وطلبات، بالتالي التعويل على عملية التنظيم والتخطيط وضبط الموارد والالتزام بالخطط التشغيلية ومداها الزمني حتى لا يزداد «طابور الانتظار».
سمو ولي العهد أمر بتوزيع الدفعات الأولى هذا العام والتي نجحت وزارة الإسكان في تنفيذها وأسعدت كثيراً من المستحقين، بالأخص من طال انتظارهم، الأمر الذي دعا سمو ولي العهد للتوجيه بتوزيع 2300 وحدة سكنية أخرى خلال المرحلة القادمة.
هذه التوجيهات وعمليات الإنجاز السريع لوزارة الإسكان سيعني أنه تم توزيع 6200 وحدة سكنية قبل نهاية العام، وهو رقم يستحق الإشادة للوصول إليه.
الأرقام تكشف أن هناك عملاً متواصلاً يبشر بتقصير فترات الانتظار، وتوجيهات الحكومة باعتماد الأقدمية والانتهاء من طلبات السنوات السابقة، كلها أمور تدعو للتفاؤل بأن معاناة انتظار كثير من الناس ستنتهي قريباً.
مبروك لمن صبر ونال، والصبر الجميل للمنتظرين، ولكل منهم نصيب بإذن الله.