تعرّف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنه «أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة».
ولا شك في أن العنف بشكل عام هو انتهاك لحقوق الإنسان، وأن العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس يعتبر الشكل الأكثر تطرفاً وانتشاراً من أشكال عدم المساواة التي تتعرض لها النساء والفتيات. بحيث يمثل ظاهرة لا تحدها حدود جغرافية أو ظروف اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية. فالعنف ضد المرأة ينجم عن التمييز ضد المرأة قانونياً وعملياً وكذلك ينجم عن استمرار نهج اللا مساواة بين الجنسين.
وقد أشارت إحصائية للأمم المتحدة بأنه على نطاق العالم، تتعرض امرأة من بين كل ثلاث نساء للعنف الجنسي في وقت ما من حياتها، بدءاً بالاغتصاب والعنف داخل الأسرة، وانتهاء بالمضايقة في العمل والتسلط على شبكة الإنترنت. كما تتعرض العديد من الفارات من الحرب والعنف للاستغلال على يد مهربين عديمي الضمير، إلى جانب أنه في أحيان كثيرة تعانى النساء من التمييز الجنسي وكراهية الأجانب في المجتمعات المضيفة، التي تنتهي غالباً بقتل الإناث وتشويه أو بتر الأعضاء التناسلية الأنثوية والزواج المبكر كردة فعل لذلك.
إن أعمال العنف ضد المرأة ليست أعمال عنف عشوائية، أو نتائج عرضية للحرب، بل هي جهود منظمة لحرمان المرأة من حرياتها والتحكم في جسدها. فغالباً ما تحرف الجماعات المتطرفة العنيفة التعاليم الدينية لتبرير انتشار ممارسات إخضاع المرأة والاعتداء عليها على نطاق واسع.
وعلى ذلك، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة -بموجب القرار 54/134، المؤرخ 17 ديسمبر 1999- يوم 25 نوفمبر يوماً دولياً للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام لتلك المشكلة. وعلى ذلك، تغيرت النظرة التي ينظر إليها إلى أن حقوق المرأة توصف بأنها شأن خاص بالمرأة، إلى كونها تعتبر شريكاً مميزاً في الكفاح مع الرجل، كما أصبح الرجل أيضاً يطالب ويشجع المرأة من أجل تمكينها والنهوض بحقوقها في كافة الأصعدة. ودعماً لذلك، قامت الأمم المتحدة منذ عامين بإطلاق حملة «الرجل من أجل المرأة»، وهي حركة تضامن عالمية من أجل المساواة بين الجنسين تحشد نصف البشرية دعماً للنصف الآخر، لمصلحة الجميع.
وأشير إلى أن العنف قد لا يكون عنفاً جسدياً فقط، بل قد يكون معنوياً «نفسياً»، وقد يكون برمشة عين رجل لامرأة أجنبية عنه وذلك بالقرب من زوجته في غفلتها، وقد يكون بكلمة رجل «ناقص» يتلفظ بها أمام زوجته بكل ثقة بأن «الرجل لا يعيبه شيء».
* همسة:
نبهتني المحامية القديرة فاطمة الحواج يوماً بأن المرأة هي جوهرة ثمينة ودموعها أيضاً ثمينة وأنها ليست ناقصة لتتقوى بالرجل. فأيتها المرأة لا تسمحي لأحد أن يفقدكِ بريقك! لأن هناك من يترقب ظلال بريقك «أطفالكِ» ليستظل به من بعد شقاق الحياة! فلا تكوني سبباً لتهميشهم وضياعهم بسبب رجل لا يستحق لفظ الرجولة!