من الحقائق الصادمة لإيران حقيقة أن مملكة البحرين تربطها بكل دول العالم -باستثناء إسرائيل طبعاً- علاقات موجبة تتطور باستمرار وأنها -أي إيران- الدولة الوحيدة التي اختارت طريق العداء والتدخل في شؤون البحرين والإساءة إليها ولاتزال دون القدرة على استيعاب أن زمن الهيمنة على الدول الأخرى قد ولى. استعراض علاقات البحرين مع مختلف الدول يؤكد هذه الحقيقة، واستعراض الأخطاء التي ترتكبها إيران في حق البحرين وكثير من الدول يؤكد هذه الحقيقة أيضاً، ويظهر كيف أن البحرين ودول التعاون كافة وبفضل حكمة قادتها تركت الباب موارباً لعل وعسى أن تنتبه إيران ذات يوم إلى أن عليها أن تتخذ قراراً بالإقلاع عن كل تلك الممارسات الناقصة، وتستفيد من الجغرافيا التي تتقاسمها مع جيرانها وتعمل على تطوير حياة مواطنيها.
المقابلات التي أجراها حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد فترة انعقاد مؤتمر المنامة مع كبار المشاركين فيه بينت كيف هي العلاقة بين البحرين والدول الأخرى، وكيف أن كل هذه الدول مهتمة بالعمل على تطوير علاقتها بالبحرين التي تربطها بها مصالح يهمها أن تحافظ عليها، تماماً مثلما بينت أن الكثير من هذه الدول تتخذ من إيران موقفاً بسبب مواقفها العدائية وسوء تصرفها ومفارقتها للحكمة.
توافق البحرين وكل هذه الدول على الموقف من إيران يعني أن الحالة التي صارت فيها العلاقة بين دول التعاون وإيران سببها إيران وليس دول التعاون، ذلك أن إيران تتخذ من دول أخرى كثيرة موقفاً عدائياً ولا تتأخر عن الإساءة إليها، ويكفي مثالاً على ذلك ما قاله نائب الرئيس العراقي إياد علاوي في مؤتمر المنامة إن «الأوضاع المؤسفة في العراق سببها التدخل الإيراني السافر»، ويكفي مثالاً ما قاله جل أو ربما كل من شارك في هذا المؤتمر، فإيران، كما قال الأمير تركي الفيصل «لم تثبت في يوم أنها دولة مسالمة وتريد التعاون».
الحوار مع إيران مخرج مناسب لهذا الذي فيه المنطقة وفيه إيران، لكن الحوار «رهن بوقف العداء» كما قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة لـ»الوطن» والذي أضاف في كلمته بمؤتمر المنامة أن «إيران اعتادت أن تكون عنصراً لعدم الاستقرار وزعزعة الأمن في المنطقة باستخدامها النزاعات بالمنطقة واستخدام ولاية الفقيه لمحاولة شراء أتباع لها حول العالم لبسط نفوذها» وأنه «لا يمكن بناء علاقات جيدة مع إيران ما لم تغير من سياساتها بشكل جذري وتتعاون بكل شفافية وجدية مع دول المنطقة»، وأوضح أننا «لا نريد من إيران أن تأخذ المسار الخاطئ ونأخذ معها المسار الخاطئ.. وما نقوم به جيد لنا ولإيران».
قلة خبرة المهيمنين على السلطة في إيران تجعلهم يعتقدون أن بإمكانهم وحدهم حل مشكلات المنطقة بل العالم كله وأنه بسيطرة إيران على كل شيء يسود العالم السلام وتعمر الأرض ويتطور الإنسان! وقلة خبرتهم تجعلهم يعتقدون أن الآخرين هم المحتاجون إلى إيران وأنهم لا يمكن أن يتطوروا من دونها! هذا للأسف هو تفكير حكومة الملالي، وهو تأكيد على قصر نظرهم وعدم تمكنهم بعد من قراءة ملف العلاقات بين الدول.
«الشرق الأوسط والعالم أجمع يواجه اليوم أكثر من أي وقت مضى تحديات أمنية خطيرة لا يمكن مواجهتها إلا من خلال التعاون الدولي الفعال والبناء». هذا ما قاله حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في كلمته للمشاركين في حوار المنامة، وهو يلخص كل القصة التي لاتزال إيران دون القدرة على استيعابها.
حالة الوهم التي تعيشها إيران تمنعها من استيعاب كل هذا مثلما تمنعها من الاستفادة من الباب الخليجي الذي لايزال موارباً.