لم يكن حضوري لمؤتمر «فكر 15» اعتيادياً، إذ جاء تلبية لدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الرئيس المؤسس لمؤسسة الفكر العربي، صاحبها لقاء خصّ به سموه مجموعة «مراقبة الخليج» التي تضم نخبة من الباحثين السياسيين والعسكريين والإعلاميين فضلاً عن عدد من الأمراء والشيوخ من المهتمين بقضايا الخليج العربي. وكان مما يميز حضوري لهذا الملتقى، الفرصة التي حظيت بها لمصافحة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد مملكة البحرين، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، على هامش الملتقى، وحديثه المحفز لي، بينما يسألني عن مسيرتي الصحافية ويدفعني سموه نحو مزيد من النجاح لخدمة مملكة البحرين والمظلة الكبرى الخليج العربي التي ننضوي جميعاً تحت لوائها.
ورغم ما حظي به المؤتمر من جلسات تميز بعضها، إلا أن أكثر ما شدني من برامجه، اللقاء الذي أجراه الإعلامي تركي الدخيل مع سمو ولي العهد الأمير سلمان، على منصة «فكر 15»، على مرأى ومسمع المشاركين والحضور، والذي قدم نظرة تقييمية واستشرافية متفائلة داعمة لعمل مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولا شك في أننا في مرحلة نحتاج فيها لأن نستجمع كل ما فينا من بصائص الأمل. كان حضور سموه كاريزمياً يبعث على الفخر برموز بحرينية عليا تتواضع مع الشعوب وتقدم لها صورة واضحة المعالم عن المشهد الحالي بمنتهى الشفافية، وتقدم رؤاها للمستقبل بمنتهى الثقة والثبات.
من لقاء سموه، أصبحت رؤية دول الخليج أكثر وضوحاً فيما يتعلق بالاتفاقات الدفاعية المشتركة للخليج العربي، فضلاً عن الخطط المستقبلية والتي جاء في مقدمتها ضرورة العمل على تأمين نظام الدفاع الصاروخي، وجاء في حديثه، الهم الخليجي المشترك والمتمثل بإدراك خطورة المرحلة وأهمية التكاتف لحماية أمن الخليج العربي لكي لا تصيبه عدوى ما يصيب الدول في العالم العربي. وفي سياق مقارب أشار سموه إلى ما حققه مجلس التعاون من إنجازات جعلت الخليج العربي كيان واحد من حيث الطريقة التي تخاطبه بها الدول الكبرى، بما يبرهن أن الخليج العربي أصبح منظومة دبلوماسية وكياناً ذا ثقل.
ولأن المواطن الخليجي يبحث عن الملموس في حياته المباشرة بعيداً عن المنظومة الدفاعية والأمنية، فقد جاءت مقابلة سمو ولي العهد ببشارة معالجة مشكلات الماء والكهرباء في البحرين ودول الخليج من خلال مشروع الربط الكهربائي والمائي، الذي يتيح فرصة شراء دولة خليجية لوحدات كهربائية أو مائية من دولة مجاورة فور حدوث النقص لديها وبما يحول دون مشكلات الانقطاع المتكررة التي كان يعاني منها الشعب الخليجي في أيام الصيف خاصة.
* اختلاج النبض:
في مدينته الفاضلة ولىّ أفلاطون الحكم للمفكرين والفلاسفة والأدباء والشعراء.. وفي قاعة مؤتمرات «فكر 15» وجدت من يحكمنا وصناع القرار السياسي في الخليج العربي من المفكرين، ممثلين بولي عهد البحرين، وأمير منطقة مكة، وحاكم الشارقة، فضلاً عن وزراء ورؤساء هيئات ثقافية خليجية وعربية، منهم الشاعر والأديب ومنهم المفكر القائد المؤثر، متفاعلين مع النخب الثقافية والسياسية في المنطقة، وما هذا كله إلا تجليات الاقتراب من المدينة الفاضلة أو المثالية.