عندما نشاهد حلب تباد، والقدس يحتلها الكيان الصهيوني، والعراق تتلاعب بمستقبله إيران، وتتعمق الجراح العربية في دول الشمال الأفريقي، ففي برهة تستوعب أن كل ما يجري هو نتيجة خلاف عربي حقيقي هو ما يجعل العرب يوماً بعد يوم يخسرون شيئاً من هويتهم وكيانهم وأرواحهم.
لا بد أن نستوعب أن هناك مؤامرة لهدم الكيان العربي على الخارطة العالمية، وجعل الهوية العربية لا تباد فقط، بل يتم مسحها بجميع أشكالها، فالحرب التي تدور ضد العرب ليست حرباً بقدر ما هي مؤامرة تستهدف الأرواح والثقافات، فأيديولوجية العدو قد سيطرت على العقول العربية حتى أصبحنا اليوم نتحدث اللغة الإنجليزية على اعتبارها اللغة الأم.
وخير ما يجعلنا ندرك ذلك هو أن العرب بدأت مناهجهم الدراسية تدرس باللغة الإنجليزية في حين أن العرب هم أساس كل ذلك، فعلماء مثل علماء الرياضيات والعلوم مثل ابن سيناء وابن خلدون هم من أسسوا تلك المعرفة التي يتفاخر بها الغرب علينا، ونحن نصدقهم بأنهم هم من صنعوا تلك المعرفة!
المضحك أن العرب يختلفون على توافه الأمور، ولا يعلمون أن التوافه هي التي تتسبب بتوسعة شرخ الخلافات، ومن أبرز الخلافات التي تنشأ تلك التي تكون حول تنمية الاقتصاد لكل دولة، إذ ترى كل دولة من الدول العربية أن الدول الكبرى نافذة مشرقة للاستفادة من العوائد الاقتصادية لها، ولكن الوجه الآخر هو أن تلك الدول لا تنظر نفس النظرة التي ينظرها العرب إليهم، بل تراها فرصة لطمس الهوية العربية بل فرصة لنهب كل الثروات والسيطرة عليها.
ومن هنا تأتي الخلافات حيث تقوم تلك الدول الكبرى بوضع اشتراطات للتعاون مع الدولة العربية ويصل بها الأمر إلى عدم التعاون مع دول عربية أخرى في حال التبادل التجاري مع إحدى الدول الكبرى، وبالتالي سيكون على الدولة العربية التي حصلت على هذه الفرصة التي لا تفوت أن تخلق أزمة سياسية مع جارتها العربية كونها لا تسبب لها أي تهديد، ومن هنا يبدأ الخلاف حتى تصل حدة هذا الخلاف إلى ذروتها بين الشعوب العربية.
من جهة أخرى، فقد لعبت وسائل الإعلام دوراً رئيساً في ذلك، حيث قدمت الدول العربية على أنها دول تحتاج لقارب النجاة من الدول الكبرى، وجعلها دولاً فقيرة، وأن الحلول المحلية تتسبب بخلق الأزمات، وأن التدخل الغربي بشؤونها هو الحل الأنسب لها لتوفير الأمن بأراضيها وتنمية الاقتصاد بها، فيما يكون هذا التدخل مشروعاً كونه يحل أزمة وخلف الكواليس هو يقتل ويسرق تلك الشعوب إلى أن تدخل بدائرة المجاعة الاقتصادية.
في نهاية المطاف، الخلافات العربية سببها الأطماع والتدخلات الغربية التي وجدت أن العرب قد كست أدمغتهم أحلام وردية لتنمية بلدانهم واعتقادهم أن الشراكة مع الدول الكبرى هي الطريق الصحيح وهي التي تجعلهم في المقدمة، أضف إلى ذلك أن الوصف المنطقي للخلاف العربي بهذه المرحلة الانتقالية من مصير الشرق الأوسط هو أن «العرب اتفقوا على ألا يتفقوا».
* زاوية محلية:
الدبلوماسية لها جوانب كثيرة، فدولة قطر تخصصت في الدبلوماسية الناعمة في الجانب الرياضي، فلماذا لا تتحرك الجهات المعنية لجعل البحرين تكون لها الريادة في الدبلوماسية الناعمة في جانب إقامة المهرجانات، خاصة المهرجانات التي تختص بالمأكولات والأطعمة التي تجمع كثيراً من دول العالم، خاصة أن الأرضية الحالية مهيأة لذلك.
* رؤية:
قد يكون أعداء اليوم هم أصدقاء الغد، فلا تحفر القلوب بالحقد بل احرث المحبة لتحصدها في نهاية المطاف.