حين نطق قاضي القطيف الشيخ محمد الجيراني بكلمة السر الخطيرة التي أدت إلى اختطافه من أمام بيته كانت هي «يجب أن تصرف أموال الخمس على فقراء البلد في المملكة العربية السعودية ولا تذهب الأموال إلى إيران أو العراق أو لبنان» وكانت تلك الكلمة سبباً في خطفه من أمام منزله واقتياده إلى جهة مجهولة وإلى الآن لم تعثر السلطات الأمنية عليه.
وأي عربي يفتح هذا الملف يتعرض للتهديد من وكلاء إيران، فعلوا ذلك مع الكاتب الكويتي خليل حيدر وهو شيعي كويتي وفعلوا ذلك مع الكاتب القطري عبدالله العذبة وسيتكرر الفعل مع أي شخص يفتح هذا الملف، تهديد وشن حرب نفسية عبر الكتاب ووسائل التواصل الاجتماعي وتوسم دعوته «بالفتنة» و«الطائفية» وبالتدخل في شؤون الخصوصيات الدينية و.. إلخ.
هكذا تتعامل إيران مع من يمس مصالحها القومية الفارسية، بتعريض أي عربي شيعي أو سني للتهديد إن مست تلك المصالح، وقد تعرض الكثير من علماء الدين العرب الشيعة للتهديد حين نطقوا بمثل هذا القول قبل الجيلاني مثل العلامة علي الأمين في لبنان وغيره في العراق وما أكثرهم، وهل هناك مصالح أكبر من المساس بصندوق المال الخاص الموجود تحت تصرف خامنئي رئيس الجمهورية الإيرانية؟
يبلغ حجم هذا الصندوق 95 مليار دولار أغلبها أموال عربية بإمكان جعل شيعة البحرين والقطيف وكل الشيعة العرب يعيشون ملوكاً، إنما هم آخر ما يفكر به السيد خامنئي.
ولو كان فقراء الشيعة في البحرين ضمن نطاق التغطية الاهتمامية لخامنئي لأمكن لمبلغ 14 مليون دولار المودعة في حسابات المدعو عيسى قاسم وكيله في بنك ملي إيران، أن تحدث فارقاً كبيراً على مستوى معيشتهم، وغير الـ14 مليون دولار هناك 6.6 مليون دولار تم إرسالها لإيران «بالمناسبة أين كانت الرقابة المصرفية على تلك الإيداعات وتلك السحوبات؟»!!
كم مريضاً من أهالي القرى ممن دفع الخمس كان بإمكان تلك الأموال أن تعالجه؟ كم مشروعاً صغيراً كان بإمكان الشباب أن يعتاشوا منه؟ ما الحكمة من إبقائها مودعة في البنوك وهناك محتاج يبعد عن موقع البنك أمتاراً معدودة؟
المسألة الثانية هي أن مراقبة تلك الأموال أمر ضروري لمكافحة الإرهاب مثلما هي الرقابة مطلوبة على جمع الزكاة والصدقات لمكافحة تمويل التنظيمات الإرهابية المحسوبة على السنة، فالرقابة مطلوبة على أموال الخمس التي قد تذهب للمراجع الدينية الموجودة في العراق وفي إيران ومنها لتنظميات إرهابية شيعية، ولا حاجة للتذكير بأن الصندوق الإيراني الذي تودع فيه أموال الخمس العربية موجه لتهديد أمن واستقرار الدول العربية، ومنه تمول الأسلحة والمتفجرات التي تهرب لنا لتعريض أمن وسلامة مواطنينا للخطر والأهم لإحداث الفرقة في مجتمعاتنا وتقسيم المجتمعات المسالمة كالمجتمع البحريني لمعسكرات يزيدية وحسينية عبر وكلاء إيران.
وقد أقر بذلك المدعو حسن نصرالله خلال خطاب بمناسبة الذكرى الـ40 لمقتل قائده العسكري، مصطفى بدرالدين، في سوريا، قال «نصرالله» «نحن ليس لدينا مشاريع تجارية وليس لدينا مؤسسات استثمارية تعمل من خلال البنوك، ونحن وعلى المكشوف وعلى رأس السطح نقول موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران». ولا صاروخ أرسل لإسرائيل إنما حرب نصرالله الآن على الشعب السوري.
إذاً هي أموالنا تعود لنا إرهاباً وترتد لصدورنا فإلى متى تقف الدولة تتفرج على تلك المخاطر وذلك التعريض لأمننا وتتساهل في مراقبة تلك الأموال؟
مثلما قننت الدولة آلية جمع الأموال ونجحت في ذلك، لتقنن الدولة آلية صرف تلك الأموال وتحصرها هنا في البحرين، ليكن هذا الصندوق مخصصاً لشيعة البحرين فقط يوزع الأموال ويستثمرها لفقرائهم ووفق ضوابطهم، المهم ألا تخرج خارج البحرين فلا يقرر إيراني أو أي أجنبي تخصيصها لمحاربتنا.