إذا كانت شبكات التواصل الاجتماعي من العوامل الأساسية لتكوين صور نمطية سلبية لدى الأفراد، فإن هناك مؤثراً آخر يتم تجاهله تماماً، حيث تتزايد في هذه الأيام أعداد الألعاب الإلكترونية التي تستهدف الأطفال والشباب ونجد إعلاناتها متواصلة عبر الـ «إنستغرام» و«تويتر» وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي، ومعظمها مجانية وسهلة الاستخدام وتتيح مزايا التفاعلية مع الآخرين.
قد ينظر إلى هذه الألعاب على أنها نتاج تطور عالم الألعاب الإلكترونية التي تقودها شبكات كبرى مثل «سوني» وغيرها، ومع انتشار الهواتف الذكية صارت مثل هذه الألعاب متاحة دون الحاجة لاقتناء الأجهزة الخاصة بمثل هذا النوع من الألعاب.
هناك موجة حالياً لانتشار ألعاب الصراعات والجاسوسية والحروب، والنزاعات الأهلية، وعمليات مواجهة الإرهاب. لم تأت هذه الموجة من فراغ، فهي تعكس الظروف التي يمر بها العالم، وتمثل عنصراً تسويقياً للشركات المبتكرة، وإثارة لجمهور هذه الألعاب.
لدينا عدة آلاف من الأطفال والشباب منخرطون في هذه الألعاب، ويلعبونها على مدار الساعة بفضل انتشار الهواتف الذكية، وصارت لهم علاقات وصداقات عبر انشغالهم بهذه الألعاب. فماذا ستكون الصور النمطية لدى هؤلاء مستقبلاً؟
تعتمد الألعاب على العنف، وعلى تغيير الواقع، وتساهم في إكساب مستخدمها مهارات التخطيط الاستراتيجي والسياسي والعسكري، فضلاً عن مهارات التفاوض والإقناع وغيرها. مثل هذه المعارف والمهارات بلا شك مفيدة ومن المهم أن يتعلمها الأطفال منذ الصغر وحتى الشباب، لكن إلى أي مدى يمكن ضمان استخدام هذه المهارات بشكل إيجابي لاحقاً خارج نطاق هذه الألعاب؟
يتكون الآن جيل جديد من البحرينيين الذين سيحملون فكراً داعماً للتغيير السياسي مستقبلاً، وهذا الفكر لم يأتِ بشكل منظم من خلال تنظيمات سياسية أو جماعات مأدلجة أو عبر المنابر الدينية، بل تكونت لديهم بشكل تلقائي عبر سنوات من التنشئة التي مروا فيها، وساهمت الألعاب الإلكترونية الجديدة في تكوينها.
هناك عنصران مفقودان في هذه العملية وقادا إلى هذه النتيجة، وهي غياب الرقابة بشتى مستوياتها، وتراجع الوعي بمخاطر بعض المحتوى الإلكتروني الذي يتعرض له الأطفال والشباب الآن.
لا يمكن منع هذا النوع من الألعاب الخطرة، ولا ينبغي ذلك، بل يجب ضمان تكوين وعي وطني لدى من ينخرط فيها مهما كان عمره. ويتحقق ذلك بإيجاد البدائل الرسمية القادرة على منع استخدام المعارف والمهارات التي يمكن تعلمها في هذه الألعاب من الواقع الافتراضي إلى الواقع الحقيقي لتكون أداة خطرة ضد أمن المجتمع والدولة.