توقع الكاتب ورئيس التحرير المساعد بصحيفة "الحياة" وعضو نقابة الصحفيين البريطانية الأستاذ جميل الذيابي أن يتم عقد اجتماع قمة لدول مجلس التعاون الخليجي في 2014 للإعلان عن الاتحاد بين دولتين أو ثلاثة في مرحلة أولية، مشيرا إلى أن بقية الدول الأعضاء سنتضم في وقت لاحق.
جاء ذلك خلال ندوة أقامتها جمعية الصحفيين البحرينية استضافت فيها الكاتب السعودي بمجلسها الإعلامي الشهري بعنوان "دور الإعلام في تشكيل الرأي نحو الاتحاد الخليجي"، وحضر الندوة نخبة من المفكرين من أبرزهم السيد نجيب فريجي مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج العربية والكاتب السعودي ومدير قناة العرب الأستاذ جمال خاشقجي، ورئيس تحرير صحيفة الوطن الأستاذ يوسف البنخليل ورئيس جمعية الصحفيين ورئيس تحرير صحيفة البلاد الأستاذ مؤنس المردي، والملحق الثقافي لسفارة المملكة العربية السعودية الدكتور علي بن عبد الله الزهراني، وأعضاء جمعية الصحفيين.
وفي بداية كلمته تقدم الكاتب جميل الذيابي بالشكر لجمعية الصحفيين على استضافته وقدم نبذة عن فكرة الاتحاد أو الكونفدرالية، فيما أكد أن من يضع المعوقات والمعضلات أمام قيام الاتحاد الخليجي لا يعرف المستقبل، وقال أن الحالة الراهنة تتطلب الوحدة، فضلا عما توفره المنطقة من اتحاد التقاليد والدم والدين والاعراف، لافتا إلى أن الاتحاد الاوروبي وصل الآن إلى 28 دولة بينما 6 دول خليجية منتظمة في مجلس واحد منذ عقود لم تصل إلى نفس النتيجة.
وحول موقف سلطنة عمان أشار الذيابي إلى أنه من المبكر الحديث عن موقف مسقط لأنها لم تقرر ما إذا كان انسحابها نهائيا أم لا، وربما سيبدأ الاتحاد بدولتين أو ثلاثة خلال الفترة القريبة القادمة مرجحا انضمام بقية الدول في وقت لاحق وقال أن المرحلة الحالية مفتوحة سياسيا، لكنه تساءل عن مدى تأهل اليمن للمنظومة وماذا عن المغرب والأردن وربما مصر وهل ستنتظم تلك الدول كما يدور في الكواليس؟.
وأكد الكاتب السعودي أن الاتحاد لا تأثير له على سيادة كل دولة وأضاف قائلا: يخطئ من يعتقد أن الاتحاد سيخضع الدول مشيرا إلى ما أسماه المثال الحي للكونفدرالية بالاتحاد الاوروبي، مع وجود ملكيات مطلقة ودستورية وجمهوريات، فيما نوه بعملية تطبيق المجالس المنتخبة ونصف المنتخبة في دول الخليج وأشاد بإلقاء رئيس البرلمان الكويتي الكلمة في القمة الخليجية الأخيرة بالكويت.
وحول العلاقات الأمريكية الإيرانية أشار الذيابي إلى "حالة الغزل" مع طهران وإعادة إنتخاب نوري المالكي رئيسا للوزراء في العراق ووساطات سلطنة عمان وما نتج عنها من تقارب بين أمريكا وإيران، وتساءل قائلا: هل ستصبح منطقة الخليج ومجلس التعاون الخليجي بوابة مفتوحة للريح بدون قرارات؟ مؤكدا خطورة الأوضاع والحاجة إلى وضع خطط واستراتيجيات من أجل السلم الأهلي واستقرار المنطقة، ولا يتأتى ذلك إلا باتخاذ قرار جماعي, وفي حال تم إقرار الاتحاد والبدء فيه بشكل واضح ستتوحد المواقف وسيجعل ذلك اللجان التفاوضية تعبر عن موقف سياسي موحد وأيضا حماية أمنية واحدة فإذا لم تظهر الدول الخليجية القوة فلن تؤثر في السياسة الدولية.
وأكد الذيابي أنه إذا ما اتحد اقتصاد الدول الخليجية فسيكون واحدا من أهم الاقتصادات في العالم، هذا فضلا عن الطاقة البشرية الموجودة فيه، وقال أن الغرب ينظر إلى الدول الخليجية من منظور البترول والدور المفترض هو تكسير البيروقراطية في دهاليز دول الخليج لأن كثير من الاختلافات لا يتم مناقشتها في العلن، بالإضافة إلى عرقلة إقرار مشاريع كثيرة ومن أمثلتها التعريفة الجمركية والربط الكهربائي والحدود وموضوعات أخرى يتم تأجيلها لأجل غير مسمى.
وشدد الكاتب الذيابي على أن الدول تبنى على طموحات شعوبها، خاصة وأن شعوب المنطقة ذات هوية واحدة توصف بالخليجية، وأن المواطن الخليجي اليوم أصبح شريكا في القرار ويتم مناقشة كل الأمور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقال: الصحافة اليوم يكتبها المواطن ويقرأها المواطن وعلى الدول الخليجية أن تستطلع آراء المواطنين عبر استطلاعات رأي وهي فكرة بسيطة، فضلا عن أن الخريطة الجغرافية والاجتماعية والتاريخية تؤكد أن شعوب المنطقة أمام مصير واحد يحتم على الجميع البناء والتحصين من الداخل قبل الخارج، وطالب المسئولين بالاستماع إلى الآراء الداخلية من الكتاب والمفكرين والمثقفين.
وأرجع الذيابي الاختلاف في وجهات النظر بين دول المجلس إلى أن بعض الدول تريد تحقيق مكاسب وهو أمر وصفه بالطبيعي.
واعاد الى الاذهان ما حدث في حرب الخليج عندما سارعت المملكة العربية السعودية الى إنقاذ الكويت ابان الاحتلال العراقى وما تعرضت له مملكة البحرين في فبراير 2011 حيث كانت السعودية حاضرة بقلبها وأمنها ودفاعها من أجل أن تصون شقيقاتها .
وفي مداخلته أشاد مدير قناة "العرب" الإخبارية الكاتب جمال خاشقجي بالندوة وقال: رأيت في الصحف البحرينية عضو مجلس الشورى يحاسب الحكومة وهو تطور بالغ الأهمية في العملية الديمقراطية، وسأل عن ماهية نظام الاتحاد الذي يمكن الاتفاق عليه فأجابه الكاتب الذيابي بأن الأمن والدفاع توحيد القوى في مواجهة أي تدخل خارجي وتثبيت مبدأ الاعتداء على دولة من دول الاتحاد يعد اعتداء على الكل، فيما أشار إلى ان الاتحاد الكونفدرالي يتضمن وضع دستور مشترك يتم الاتفاق عليه بين الدول واصدار عملة مشتركة، منوها إلى أن بعض الكونفدراليات تتمع بالمرونة وأبرز الكونفدراليات التي على نفس النهج هو الاتحاد الاوروبي.
ومن جانبه أشار مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج العربية السيد نجيب فريجي إلى ما عاشته أوروبا من حروب كانت أحد الأسباب الرئيسية في قيام الاتحاد، وقال أن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه كان سباقا نحو الاتحاد، وطالب بضرورة إيجاد قوة خليجية تأخذ زمام المبادرة.
وأردف الكاتب الذيابي قائلا: الدول الأوروبية استطاعت أن تتجاوز خلافاتها ويجب أن نتوقف عند هدف الشعوب التي تريد الوحدة فالموارد موجودة والتاريخ والموقع الجغرافي كذلك وكل العالم يكاد يحج إلى الدول الخليجية، مشيرا لظاهرة العمالة الوافدة وخطورتها وقال أنه لو توقف الآسيويين عن القدوم إلى الخليج فتصاب دولنا بالشلل وأكد أن الحل سيكون في الاتحاد.
وتساءل رئيس جمعية الصحفيين الأستاذ مؤنس المردي عن السبب وراء الهيستيريا التي أصابت الدول عند الإعلان عن الاتحاد، فأجابه المحاضر بأن سبب ذلك هو رغبتهم في بقاء منطقة الخليج هشة، وقال أن الحالة الراهنة لا تؤجل الحسم وطالب باكتمال المنظومة الخليجية باتحاد كونفدرالي والاستماع للشعوب.
وفي مداخلته تساءل رئيس تحرير صحيفة الوطن عن السيناريوهات المحتملة في حال قررت 3 دول أن تتحد وما مستقبل منظومة مجلس التعاون، فاكد الكاتب الذيابي أن المجلس سيبقى حتى لو حدثت ثنائيات أو ثلاثيات وقال أن من قرروا الاتحاد سيعبرون عن أنفسهم في مجلس التعاون من خلال مفوضية، لكنه أبدى مخاوفه من سيناريو تعثر مشروع الاتحاد وإحداث شروخ فيه، وقال أنه أعلن عن مكان انعقاد قمة الاتحاد في الرياض لكن يبقى الزمان.
وحول التركيز الدائم على الجانب العسكري وهو ما يوحي بخلق مشوه قال الكاتب السعودي أن الاجندة الأمنية دائما ما تفرض على كل قمة لكن ليس ذلك سببا لتجاهل المطالب الشعبية التي تريد عدالة اجتماعية والمساهمة في صناعة القرار داخل المنظومة، مؤكدا أنه بدون خطط واستراتيجيات تعمل عليها الدول لا يمكن أن يقام اتحاد، وطالب بتفعيل مؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف قائلا أن موضوع الاتحاد هو مصير شعوب وأجيال تريد أن تحيا في أمن واستقرار وسلم ورفاهية غير مرتبطة بالنفط .
من جانبه أعرب الملحق الثقافي للمملكة العربية السعودية عن تفاؤله بالحديث العلني عن الاتحاد وقال أن خادم الحرمين الشريفين لة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود عاهل المملكة العربية السعودية استطاع أن يزيل الغبار عن هذا الملف الموجود في دهاليز المجلس منذ عشرات السنين.