كتب - وليد صبري:
تشارك مملكة البحرين دولة الكويت الشقيقة احتفالاتها بعيدها الوطني الـ «53»، وعيد التحرير الـ «23»، والذكرى الثامنة لتولي صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مسند الإمارة.
وتجمع البلدين علاقات تاريخية وأخوية وثيقة ومتميزة وراسخة على الأصعدة كافة، نابعة من حرص قيادتي البلدين على تعزيز تلك العلاقات والوصول بها إلى أعلى المستويات بما يساهم في المزيد من التعاون المشترك لصالح شعبي البلدين ورقيهما.
وقد أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى في مناسبات عدة حرص البحرين على توطيد العلاقات وفتح مجالات أوسع للتعاون سواء في الإطار الثنائي أو على مستوى مجلس التعاون، خاصة أن البحرين والكويت تربطهما علاقات نسب وقربى تفسر التلاحم الاجتماعي والثقافي والأسري، وعزز ذلك الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين وشعبيهما الشقيقين التي أعطت مؤشرات قوية على حرص الطرفين على الانطلاق بالعلاقات نحو مجالات أرحب، بما يعود بالخير والنفع على شعبي البلدين، وما يتواكب مع التوجه الذي يتبناه جلالة الملك المفدى في توسيع مجالات التعاون بين البحرين ومختلف الدول الشقيقة والصديقة.
سياسيـــاً، تتميــز العلاقات بين البلديـــن بمجموعة من السمات التي تجعل منها علاقــات متميـــزة، أهمهـــا توافـــق رؤى ومواقف القيادة السياسية في البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، تجاه العديد من القضايا التي تهم منطقة الخليج والأمتين العربية والإسلامية، اعتماداً على منهج العقلانية والحكمة والتمسك بمبدأ الحوار والرغبة الصادقـــة في تفعيل التعاون الثنائي بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين. وعلى المستوى الشعبـــي، تتميز العلاقات بأنها علاقــات نسب وقربى على أعلى المستويات، فضـلاً عن أن كثيراً من العوائل في البحرين قريبة من نظيراتها في الكويت، الأمر الذي يفسر تقارب الطابع الاجتماعي والحميمية في العادات والتقاليد والثقافة بين البلدين وليس هناك أي فــروق أو حواجز بين شعبي البلدين فمنذ مدة طويلة يعيش أهل الكويت في البحرين والعكس، كما إن التزاور بينهم لا ينقطع والتفاعل مع المناسبات الوطنية في البلدين صفة متبادلة ومشتركة.
علاقات اقتصادية متميزة
إن عمق العلاقات السياسية بين البلدين انعكس إيجاباً على علاقاتهما الاقتصادية في ظل وجود شراكة اقتصادية بين العديد من المؤسسات البحرينية والكويتية. كذلك أضافت اجتماعات اللجنة العليا المشتركة الكويتية البحرينية بعداً جديـداً للعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين حيث هدفت إلى تشجيع السياحة بين البلدين والاستفادة من إقامة المعارض والمشاركة فيها، والترويج للبلدين، والاستفادة من مجال التعليم الفندقي لدى الجانبين، فضلاً عن توقيع اتفاقية بيئيـــة يسعى البلدان من خلالها للحفاظ على مواردهما الطبيعية بالاستفادة من الخبرات لديهما. وعلى صعيد التبادل التجاري بين البلدين، فتتركـــز معظـــم صـادرات البحرين إلــى الكويت في منتجات الألمنيوم والمياه المعدنية وأجهزة التكييف والمنتجات الحديدية والمنتجـــات الغذائيــــة، فـــي حين تتمثل الواردات البحرينية فــي النفط المكلّس والمنتجات الكيماوية والملابس والأدوية والأغذية ومواد البناء والمطبوعات والأدوات المنزلية وغيرها.
كذلك ترتبط بورصتا الأوراق المالية في البلدين باتفاقية للربط والتداول المشترك بينهما اكتسبت أهميتها في ظل وجود العديد من الشركات الكويتية المسجلة في بورصة البحرين والعديد من رؤوس الأموال البحرينية المسجلة في سوق الكويت للأوراق المالية. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البحرين والكويــــت في 2011، 251.5 مليــــــون دولار مقارنة بـ 78.7 مليون دولار في 2010 بنسبة ارتفاع بلغت 17%، بحسب إحصاءات رسمية.
ارتباط قوي عبر الزمن
شهد تاريخ العلاقات بين الدولتين ارتباطاً قوياً وممتداً عبر الزمان وهذا الارتباط القوى بين البلدين والشعبين ساعدت على تقوية أواصره الظروف والمحن، ودفعت به إلى مستويات عليا من التواصل والتلاحم والتآزر والتعاضد. وقد برز هذا الترابط في أسمى معانيه عندما تعرضت دولة الكويت في أغسطس 1990 للعدوان العراقي الغاشم حيث وقفت مملكة البحرين قيادة وشعباً منذ بداية الاحتلال إلى جانب شقيقتها دولة الكويت ودانت الغزو وسارعت إلى جانب الدول الشقيقة والصديقة لترد العدوان الغاشم، واضعة في ذلك جميع إمكاناتها في خدمة قضية الكويت العادلة والمشروعة.
كما رحبت البحرين خلال تلك الفترة باستضافة المواطنين الكويتيين الذين فروا من القمع والبطش وقدمت كافة التسهيلات لدخول الأشقاء الكويتيين إلى بلدهم البحرين وتوفير كافة الخدمات الضرورية لهم.
وعلـــى الصعيد السياسي لعبت البحريـــن دوراً بارزاً منذ بداية الغزو، وأعلنت فيه موقفها الرافض للاحتلال والداعم لقضية الكويت العادلة وعملت مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون لتبني قضية الكويت في المحافل العربية والدولية، وشددت على ضرورة عودة الشرعية الكويتية.
أما على الصعيد العسكري، فقد أرسلت البحرين قوة عسكرية مجهزة لتشارك ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت حيث شاركت القوة مع قوات التحالف في الدخول إلى الكويت المحررة من الاحتلال العراقي في الوقت الذي شارك فيه سلاح الجو البحريني في حرب التحرير وكذلك استضافت مطارات البحرين بعض طائرات سلاح الجو الكويتي من طائرات نقل ومقاتلات.
وتكرر نفس التعاضد بين البلدين خلال عام 2003 إبان حرب العراق حين توجهت مجموعة القتال السابعة البحرينية إلى الكويت للمشاركة في الحفاظ على أمنها أثناء دخول القوات الأمريكية إلى العراق لخلع النظام العراقي البائد. وجاء ذلك التوجه البحريني تلبية لنداء الواجب والأخوة تجاه الأشقاء في الكويت، حيـــث أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن أي اعتداء على الكويت هو اعتداء على البحرين، مشدداً علـــى أن القوات البحرينية الموجودة في الكويت للمشاركة في حمايتها براً وبحراً وجواً تعبر أصدق تعبير عن التلاحم والتميز الذي يربط البحرين وشقيقتها الكويت.
من جانبها، كان للكويت كذلك مواقف مشرفة تتذكرها البحرين، وكان آخرها دعم الكويت قيادة وحكومة وشعباً للقيادة السياسية والحكومة في البحرين في مواجهة تهديد أمنها خلال أحداث فبراير 2011، فيما شاركت قوات بحرية كويتية تحت مظلة قوات درع الجزيرة في البحرين من أجل حفظ الأمن والاستقرار في المملكة.
وأكد مسؤولون كويتيون أن مهمة البحرية الكويتية تتمثل في مساندة القوة البحرية البحرينية في حماية مياهها الإقليمية.
وأشاروا إلى أن الذي يجمع دول مجلس التعاون أكبر من أي اتفاقات، وأن هذه الاتفاقات تجسّد عمق العلاقة بينها.
وأضافوا أن القوات البحرية الكويتية تشارك تحت مظلة قوات درع الجزيرة في البحرين، موضحين أن تلاحم الخليج يمثل حصناً منيعاً لتحقيق الأمن والاستقرار، وهما ركيزتان رئيسيتان لانطلاق الحوار في البحرين.
تلاحم الشعب
مع قيادته
يأتي الاحتفال بالعيد الوطني لدولة الكويت تعبيراً عن مدى تلاحم الشعب مع قيادته في كل ما تتخذه من خطوات من شأنها تحقيق الرفاه والازدهار للشعب الكويتي على كل الأصعدة من منطلق أن رفاه المواطن يشكل الهاجس الأول والركيزة الأساسية في كل ما تتخذه من مبادرات التنمية التي تبنى على أساس الخطط والبرامج التي من شأنها رفعة البلدان وتقدمها.
وتأتي احتفالات هذا العام، في ظل كثير من الإنجازات التي تحققت على المستويات السياسيـــة والاقتصاديـــة والاجتماعيـــة والثقافية، وترسيخ التجربة الديمقراطية، وكانت آخرها إجراء انتخابات مجلس الأمة الكويتي في يوليو الماضي، في أجواء من الشفافية والنزاهة والمصداقية، وقد حظيت الانتخابات الكويتية بإشادات عالمية، واعتبرت دول العالم أن إجراء الانتخابات يوم عظيم للديمقراطية في العالم العربي، كما حظيت القيادة الكويتية بالثناء لمشاركة المرأة الكويتية سواء بالتصويت أو الترشح أو الفوز في الانتخابات البرلمانية، واعتبرت دول عربية وغربية أن هذه المشاركة تمثل نموذجاً للديمقراطية لمنطقة الشرق الأوسط.
وتتزامن كل تلك المنجزات واحتفالات الأعياد الوطنية مع مرور الذكرى الثامنة لتولي صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم.
واستكملت الكويت بعد عقود من النضال والعمل الدؤوب المتواصل لبناء قدرات الدولة والإنسان، إنجاز استقلالها في عهد سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح في 19 يونيو 1961، وتشكلت ملامح الدولة العصرية الحديثة بمؤسساتها وإنسانها وبنيتها، ومازالت دولة الكويت تجسّد قيم الاستقلال التي تحدث عنها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالله السالم الصباح في أول احتفال له بهذه الذكرى.
وكان أبرز تجليات ملامح الدولة العصرية الذي تجلى بعد الاستقلال هو السعي المبكر لدولة الكويت ومع بدايات عام 1962 اتخذت أولى الخطوات العملية لأجل ذلك التقدم نحو إعداد دستور يبين نظام الحكم على أساس المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت وأهدافها، وقد صادق سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح في نوفمبر 1962 على مشروع الدستور لتدخل البلاد مرحلة الشرعية الدستورية.
مركز مالي عالمي
تتجه الأنظار بفخر إلى العديد من الإنجازات التي حققتها في كل المجالات خاصة الاقتصادية منها والتي جعلت الكويت نجمة مضيئة في سماء الوطن العربي.
ورسمت تلك الإنجازات بصمة متميزة للكويت بين شقيقاتها في دول الخليج والعالم العربي خصوصاً في المجال الاقتصادي الذي أكد فيه سمو أمير الكويت على ضرورة جعل الكويت مركزاً مالياً واقتصادياً.
وأولت الكويت اهتماماً كبيراً بتطوير التعليم والعلوم وتتفاعل مع التطور التكنولوجي وصولاً إلى تحقيق الأهداف المنشودة في تحقيق مستوى متقدم من التنمية البشرية، كما أولت الثقافة نصيبها الوافر من الاهتمام والرعاية، كما تساهم الصحافة الكويتية التي تتمتع بالحرية في تفعيل دور المؤسسات الثقافية، كل ذلك وسط منظومة قوانين كفلت للمواطن حقوقه، وحددت مسؤولياته وتعززت مسيــــرة الكويت في ترسيخ الحقــــوق السياسية والمدنية، ومبدأ المواطنة المتساوية. وتوفر الدولة الخدمات الصحية الشاملة والمقدمة للمواطنين بالمجان كما توفرها بيسر وبأسعار رمزية للمقيمين.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أظهرت بيانات لوزارة المالية في الكويت تحقيق فائض في ميزانيتها بقيمة 14.3 مليار دينار كويتي «50.7 مليار دولار» في الأشهر التسعة الأولى من ميزانية 2013 - 2014 التي تبدأ في أبريل 2013.
سياسة خارجية معتدلة
تنتهج دولة الكويت منذ الاستقلال سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة آخذة بالانفتاح والتواصل طريقاً وبالإيمان بالصداقة والسلام مبدأ وبالتنمية البشرية والرخاء الاقتصادي لشعبها هدفاً في إطار من التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية ودعم جهودها وتطلعاتها نحو أمن واستقرار العالم ورفاه ورقي الشعوب كافة، وظلت الدبلوماسية الكويتية أمينة على رسالتها باذلة جل جهودها من أجل القضايا العربية والقومية والقضايا الإسلامية وقضايا التحرير والاستقلال لشعوب العالم، في ظل قياداتها المتعاقبة.
ولعبت الكويت دوراً بارزاً إلى جانب جيرانها من دول الخليج العربي في إقامة علاقات تعاون متميزة فيما بينها، وأثمرت تلك الجهود عن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية.