اجتاحت القوات الفنزويلية مساء أمس الأحد ميدان بلازا ألتاميرا في العاصمة كراكاس لفض المحتجين الذين اتخذوه مركزا لستة أسابيع من الاحتجاجات المتواصلة ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وأطلق جنود الحرس الجمهوري والشرطة الغاز المدمع وخراطيم المياه على مئات المحتجين في الميدان، والذين ردوا بإلقاء الحجارة والقنابل الحارقة على الجنود قبل أن يخلوا الميدان.
يذكر أن معارضو الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو قد نظموا مسيرة أمس الأحد، للاحتجاج على التدخل الكوبى المزعوم فى القوات المسلحة، وسار عدة آلاف صوب قاعدة كارلوتا الجوية العسكرية فى أحدث مظاهرة من المظاهرات اليومية ضد حكومة مادورو، التى بدأت فى أوائل فبراير.
ومنعت قوات الأمن المتظاهرين من الوصول إلى القاعدة، ولكن بعض الطلاب المحتجين توجهوا بدلا من ذلك إلى ميدان بلازا ألتاميرا وهو أحد معاقل المعارضة، حيث رشقوا قوات الجيش بالحجارة، التى ردت عليهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وقام الجنود باعتقال نحو عشرة متظاهرين، ورفع أحدهم يده بعلامة النصر أثناء اقتياده، وصاح آخر "النجدة".
وبدأت قوات الجيش فى هدم الحواجز التى أقامها المحتجون محاولة على ما يبدو تنفيذ تعهد مادورو باسترداد الميدان من المحتجين.
وأدت الاحتجاجات وأعمال العنف إلى سقوط ما لا يقل عن 28 قتيلا خلال الأسابيع الستة الماضية، وأصيب أيضا أكثر من 300 فى أسوأ أعمال عنف تشهدها فنزويلا منذ عشر سنوات، واعتقل نحو 1500 شخص وما زال 100 شخص أو نحو ذلك معتقلين.
وحث زعماء المعارضة والطلاب باقى الفنزويليين على التظاهر احتجاجا على قضايا تتراوح بين الجريمة ونقص السلع ووجود مستشارين كوبيين فى الجيش الفنزويلى ومؤسسات الدولة الأخرى.
وكانت المظاهرات بدأت في غرب فنزويلا، ثم امتدت إلى كراكاس ومدن أخرى.
وشهدت الدولة الغنية بالنفط خلال فبراير الماضي مظاهرات يومية شارك فيها مئات الآلاف للاحتجاج على ارتفاع نسبة الجريمة والتضخم ونقص السلع الأساسية.
وفى يوم آخر من التجمعات السياسية فى فنزويلا، أمس الأحد، نظم أيضا آلاف من أنصار الحكومة مسيرة سلمية فى كراكاس، للإشادة بسياسات التأمين الغذائى للحكومة.
وكان الرئيس مادورو هدد المحتجين الذين يعتصمون في ميدان بلازا ألتاميرا في كراكاس بطردهم من هناك بالقوة إذا لم ينسحبوا من تلقاء أنفسهم خلال ساعات.
وكان مادورو قد وافق الأسبوع الماضي على بدء حوار وطني، غير أن المعارضين والطلاب رفضوا المشاركة في ما وصفوه بأنه "مهزلة"، وطالبوا بإطلاق المعارض ليوبولدو لوبيز الذي أوقف في 18 فبراير الماضي بتهمة "التحريض على العنف".

من جهتها، قالت صحيفة الموندو الإسبانية إن الاحتجاجات الاجتماعية فى فنزويلا، أثرت بشكل كبير على الحالة الاقتصادية للبلاد، ونقلت قول رئيس البنك المركزى الفنزويلى نيلسون ميرينتيس "على الرغم من إننى كنت مفائلا، هذا العام حول الأداء المادى إلا أن الصراع الاجتماعى الذى تشهده فنزويلا فى الوقت الحالى غاية فى الصعوبة".
وقال ميرينتيس "الأمة الفنزويلية تعيش " شئنا أم أبينا صراعا اجتماعيا قويا يعطل الاقتصاد إلى حد ما، وفنزويلا لديها شروط للتغلب على هذه اللحظة وعلى الرغم من أنها ليست جيدة، إلا أن الحكومة تعمل على اتخاذ خطوات للتغلب عليها".
وأصر ميرينتيس أن النائج المحلى الإجمالى للبلاد سينمو هذا العام، قائلا إن "هناك متغيرا يسمى الناتج المحلى الإجمالى المحتمل، وفى حال فنزويلا هو فوق 6 ? و7 ? من وجهة نظر المتغيرات من السلع والخدمات والتى تنتج عن الاقتصاد".
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو أمهل المحتجين بميدان بلازا ألتاميرا، بضع ساعات لإخلاء المكان، وإلا ستقوم قوات الأمن بمهمة طردهم من هناك، ويمثل الميدان معقل المحتجين المناهضين للحكومة الفنزويلية، وقال مادورو خلال كلمة أمام تجمع عسكرى "أمهل القتلة بضع ساعات فقط... لكى ينسحبوا، وإذا لم يفعلوا فسأحرر الميدان بقوات الأمن"، وتوجه بتحذيره للمحتجين قائلا: "أيها الشاكيز استعدوا فإننا قادمون إليكم" مشيرا بعبارته تلك إلى اسم دمية قاتلة فى أحد أفلام الرعب، لوصف المتظاهرين المناوئين له.
ومن جهة ثانية، قال الرئيس الفنزويلى فى كلمته "إن اليمينيين فى وزارتى الخارجية والدفاع الأمريكيتين أوصوا باتخاذ إجراءات متطرفة ضد حكومتى تصل إلى حد اغتيالى".
وتابع مادورو مخاطبا الرئيس الأمريكى باراك أوباما، "إذا كانت هذه الرسالة تصل إليك فعليك أن تعرف أنه سيكون أكبر خطأ فى حياتك أن توافق على اغتيال الرئيس نيكولاس مادورو".
وتبادلت الحكومة والمعارضة الاتهامات بشأن أسباب قتل المتظاهرين، إذ تقول الحكومة إن قناصين معارضين يقومون بإطلاق النار على قوات الأمن، بينما تقول المعارضة إن قوات الأمن تستخدم الرصاص الحى ضد المتظاهرين.
وتشهد فنزويلا الغنية بالنفط، تدهورا فى الأحوال المعيشية حاليا، وتتفشى فيها جرائم العنف، والتضخم ونقص السلع، الأمر الذى شكل تحديا جديا للرئيس اليسارى مادورو.