أعلن جلالة الملك محمد السادس قرار بلاده العودة لما أطلق عليه أسرتها الأفريقية وبيتها الأفريقي، وتم التصويت على عودة المغرب بـ 39 صوتاً مقابل 15 صوتا. وبذلك عاد المغرب إلى بيته الأفريقي وأسرته الأفريقية بعد ابتعاد منذ عام 1984 احتجاجاً على انضمام ما يعرف باسم «جبهة البوليساريو» للمنظمة في ذلك الحين، تحت تأثير الجزائر، التي اختلفت مع المغرب في توصيف للوضع السياسي والقانوني لما تعرف باسم «جبهة البوليساريو». ويرى المغرب أن انفصال الصحراء هو انفصال لأرض مغربية ومن ثم يجب عودتها إلى الدولة الأم أسوة بالسوابق العالمية في هذا الصدد. وأحدث اختلاف الموقف بين الجزائر والمغرب تأثيراً عميقاً على علاقات الدولتين مع بعضهما البعض، وعلى علاقاتهما ونشاطهما على الساحة الأفريقية والدولية. ولحسن الحظ فإن جامعة الدول العربية لم تتعرض لموقف مماثل لأن انضمام دولة جديدة يخضع لقاعدة الإجماع في مجلس الجامعة ومن ثم أمكن تجنب أزمة على غرار ما حدث على الساحة الأفريقية.

وظلت المشكلة مطروحة على الأمم المتحدة انتظاراً لما يتوصل إليه مبعوثو الأمين العام من السعي لتسوية المشكلة، ولكن للأسف لم يتم الاتفاق على الاختيارات المتاحة والإجراءات التنفيذية بين الأطراف المختلفة، وكل لديه بعض الدول التي تؤيد وجهة نظره. وأخذاً في الحسبان أن الانضمام لعضوية الأمم المتحدة يقتضي توصية من مجلس الأمن والتصويت على التوصية أو القرار من المجلس في شأن العضوية يقتضي إجماع الدول دائمة العضوية فإن توافر مثل هذا الإجماع لم يكن ممكناً لما هو معروف من علاقات كل من الدولتين «المغرب والجزائر» مع القوى الدولية وبخاصة مع الأعضاء الدائمين في المجلس. المهم أن قرار الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي تم بالتصويت واستعاد المغرب مقعده، ولكن لم يطرح موضوع الصحراء المغربية على بساط البحث. وهذا بدوره يترك بعض التساؤل عن الموقف المستقبلي للمغرب والجزائر والاتحاد الافريقي باعتبار الثلاثة هم الاطرف المؤثرين في القضية.

وأنا كباحث في القضايا العربية والدولية ومتابع لتطورها وكمواطن مصري بهوية عربية أتمنى أن تتوصل الأطراف كافة إلى كلمة سواء تعيد الوئام للمغرب والجزائر وتسمح بإعادة تنشيط الاتحاد المغاربي الذي توقف عمليا منذ عدة سنوات، كما تسمح بعودة الوئام العربي أيضاً من خلال الاتحاد المغاربي وتخفف العبء على الأمم المتحدة من متابعة القضية. وبمناسبة صدور قرار الاتحاد الأفريقي بعودة المغرب لأسرته الأفريقية فإني أعبر عن تهنئتي للمغرب الشقيق ولأفريقيا وللاتحاد الأفريقي فالمغرب كان من الدول الرائدة في العمل الأفريقي منذ تشكيل تجمع الدار البيضاء في أوائل الستينات ثم تألفت التنظيمات الإقليمية الثلاثة من شمال وغرب وجنوب القارة لتكون منظمة الوحدة الأفريقية في 25 مايو 1963 التي أصبحت بعد ذلك الاتحاد الأفريقي.

ولعل مما يجدر استذكاره أن مصر منذ استقلال تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا في الشمال الافريقي وهي تؤيد العلاقات الودية بين هذه الدول، بل كان تأييدها لثورة الجزائر أحد أسباب العدوان الثلاثي في عام 1956 ضدها والذي ضم فرنسا. كما ان مصر خلال الستينات من القرن الماضي وما بعدها كانت حريصة على بذل مساعيها الودية الاخوية خاصة في التقريب بين الجزائر والمغرب في القضايا الخلافية بينهما، كدأب مصر دائما في الحرص على تسوية الخلافات العربية في إطار عربي. ونحمد الله أن المغرب الشقيق عاد للأسرة الافريقية ونتمنى أن تزول كافة الخلافات بين أي من الأشقاء العرب أو الأشقاء الأفارقة وتكون خلافاتنا جميعاً كسحابة صيف عابرة.

* مندوب مصر الدائم في الجامعة العربية سابقاً