إن كانت أمهات رجال الأمن ورجال الدفاع والحرس الوطني كأم محمد «أم الشهيد هشام الحمادي»، إن كانت زوجات رجال الأمن وإن كانت أخوات وعمات وخالات رجال الأمن كزوجة وأخوات وعمات وخالات هشام الحمادي، إن كانت أسر رجال أمننا كأسرة البطل الحمادي، فإن الله لن يخذل هذا البلد أبداً، ولن تتمكن قوى الشر مجتمعة - إيران أو خدمها - من المساس بذرة من تراب البحرين.

ثابتة مطمئنة تتحدث أم الشهيد عن هشام دون أن يختلج صوتها، لا صراخ ولا عويل ولا لطم، بل حديث ثابت يعرف ماذا يقول بكل فخر واعتزاز وبرأس مرفوعة وبلسان لا يكل من «حسبي الله وهو نعم الوكيل» دون غضب ودون كره ودون انفعال، بهدوء تتحدث مع هذه وتواسي تلك وتشكر من حضر ممتنة لمن تعنى منهن لمواساتها ممن تعرفهن ومن لا تعرفهن، ليت هشام يرى تلك العزة والرفعة والشموخ عند والدته، ليفتخر بأمه كما افتخرت بها بناتها وأخواتها اللاتي أحطن بها لمواساتها فإذا هي التي تواسيهن، البحرين تفتخر بك يا أم هشام.

سألتها (راضية عن هشام يا أم محمد؟) وقبل أن أكمل قالت وبكل ثقة كل الرضى، كل الرضى وكررتها ثلاثاً، وأكملت.. ومن منا لا يرضى عن هشام؟ ابن بار بي وبأبيه، حافظ للقرآن يرتله في كل خطوة يخطوها لا يتوقف عن قراءة القرآن، حتى وهو صاعد أو نازل على درج المنزل يرتل القرآن.

(يا بخته) قلت لها نال الحظوتين نال الشهادة ورضى أبويه، لله دره، ويا لسعادته، ما زالت أمه حية تدعو الله ليرضى عنه كما رضيت عنه، اللهم زدها ثباتاً، فتلك أم غدر بابنها وهو يأتمنهم على نفسه، غدر به من لا يعرف إلاً ولا ذمة من خسة ونذالة ترفع عنها هشام فرفعته عزته للسماء حياً يرزق.

زوجته المحتسبة تقول أكثر ما أحببت فيه تمسكه بوالديه وشرطه بالبقاء معهما حتى بعد الزواج، ورغم أننا أنجبنا أبناءنا الثلاثة الأكبر وعمره ثلاث سنوات والأوسط سنة وأربعة أشهر، والأخير لم يكمل الشهور الثلاثة في هذا المنزل إلا أننا لم نفكر في الاستقلال عنهما، فهشام كانت روحه في أمه وأبيه، كان متعلقاً بهما كثيراً، سألتها ورضيت بالسكن المشترك؟ بنات اليوم لا يقبلن إلا بسكن مستقل؟ «سعادته أهم من أي شيء آخر» سكتت.. فحبست دمعتها ودمعتي معها.

رسالة هؤلاء النسوة لخدم إيران، هؤلاء هن من يحق له القول: «هيهات منا الذلة»، قتلتم ابننا غدراً فلم يزدنا ذلك إلا إيماناً واحتساباً وفخراً بابننا، أليست تلك أخلاق أهل البيت؟ هنا الإيمان بالله والاحتساب، هنا العزة والرفعة والتمسك بتراب الوطن وشرائه بالدم والروح، ابنهم حمل سلاحه جندياً خضع لدستور وقانون الدولة ولم يحمله غادراً، ولم يخضع لبشر أياً كان حجم عمامته أو لونها، ولا انقاد كالقطيع لفكر أو قول بل خضع للقانون وللنظام وللدولة.

هشام مات غدراً رافعاً رأسه إنما قوته استمدها من «هن»، من أمه وزوجته وأخواته وخالاته وعماته، من نساء البحرين، هن من يتحدين كل قوى الغدر بثباتهن.

أمثل هؤلاء يهزمن، أو يتراجعن؟ بمثل هؤلاء المواطنات تحيا الأوطان ولا تنهزم.

أين تجد دولة جنوداً لها كجنودنا، لا من رجال أمنها فحسب بل من أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم الصابرات المحتسبات، هنا تكمن قوة دفاع البحرين في «هن» نساء البحرين الباسلات، بمثل هؤلاء تنتصر الأمم.