بات تنظيم الدولة "داعش" محاصراً بالكامل في مدينة الباب، آخر أبرز معاقله في محافظة حلب شمال سوريا، بعد تقدم قوات الرئيس بشار الأسد جنوب المدينة التي يحاصرها الأتراك وفصائل سورية معارضة من الجهات الثلاث الأخرى، في حين أكدت الأمم المتحدة أن التنظيم المتطرف في وضع دفاعي على الصعيد العسكري ويواجه انخفاضاً في عائداته المالية من النفط، كما تتضاءل قدرته على استقطاب مجندين جدد، بينما أعلن رئيس الوفد الروسي إلى اجتماع مجموعة العمليات في أستانة أن "روسيا أعدت وثيقتين حول مراقبة وقف الأعمال القتالية في سوريا"، مؤكداً "ضرورة مشاركة الجيش السوري الحر في المعارك ضد جبهة فتح الشام".

وتشكل المدينة منذ نحو شهرين هدفاً لهجوم يشنه الجيش التركي وفصائل سورية معارضة تدعمها أنقرة لطرد التنظيم، قبل أن تبدأ قوات الرئيس بشار الأسد وحلفاؤها هجوماً موازياً لاستعادة السيطرة على المدينة ومحيطها تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من 30 قرية وبلدة.

وليس واضحاً ما إذا كان الجانبان الواقفان على طرفي نقيض أصلاً في النزاع السوري، يتسابقان ميدانياً للوصول والسيطرة على الباب أو إن كان هناك اتفاق غير معلن بينهما، خصوصاً أن روسيا التي تساند دمشق في هجومها، قدمت في وقت سابق دعماً جوياً للعملية التركية الداعمة للفصائل.



وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن "بات عناصر "داعش" محاصرين تماماً في مدينة الباب، آخر معاقل التنظيم في محافظة حلب، بعد سيطرة قوات النظام وحلفائها على طريق رئيس يربط الباب بالرقة"، أبرز معقل للتنظيم في سوريا. وكان الطريق الأخير المتبقي للمتطرفين من وإلى الباب.

وذكر المرصد أن تقدم قوات النظام التي باتت على بعد 5 كيلومترات جنوب الباب، جاء "بدعم من "حزب الله" اللبناني وبإسناد من كتائب المدفعية والدبابات الروسية".

وباتت الباب بالنتيجة محاصرة من قوات النظام من الجهة الجنوبية ومن القوات التركية والفصائل المعارضة من الشرق والشمال والغرب، بحسب المرصد. وبدأت تركيا في 24 أغسطس الماضي عملية "درع الفرات" دعماً لفصائل معارضة لطرد المتطرفين من المنطقة الحدودية شمال حلب. كما استهدفت القوات الكردية في المنطقة. وتقع الباب على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود التركية، وتشكل هدفا رئيسا للعملية العسكرية التركية. ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار الساري في سوريا برعاية تركية روسية إيرانية منذ 30 ديسمبر الماضي تنظيم "داعش" ومجموعات "إرهابية" أخرى.

من جهة أخرى، جاء في تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة أن "داعش" في وضع دفاعي على الصعيد العسكري ويواجه انخفاضاً في عائداته المالية من النفط، كما تتضاءل قدرته على استقطاب مجندين جدد.

لكن الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش نبه في التقرير الذي رفعه إلى مجلس الأمن إلى أن متطرفي التنظيم لا يزالون يمثلون تهديداً خطيراً "ويتأقلمون جزئياً" مع الخسائر التي يتكبدونها في أرض المعركة.

وقال التقرير الذي تم إرساله إلى مجلس الأمن إن "داعش في وضع دفاعي على الصعيد العسكري في العديد من المناطق وخصوصاً في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا". وأضاف أن الوضع المالي للتنظيم المتطرف في تدهور، ما يجبره على العمل بـ "موازنة أزمة". وانخفضت مبيعات النفط غير الشرعية وخصوصاً من حقول النفط في محافظة دير الزور السورية من نحو 500 مليون دولار في 2015 إلى 260 مليون دولار العام الماضي.

من جهة أخرى، أعلن الجنرال ستانيسلاف حجي محميدوف رئيس الوفد الروسي إلى اجتماع مجموعة العمليات في أستانة أن روسيا أعدت وثيقتين حول مراقبة وقف الأعمال القتالية في سوريا، مؤكداً ضرورة مشاركة الجيش السوري الحر في المعارك ضد جبهة فتح الشام. وأضاف محميدوف أن الوثيقتين الإضافيتين تمثلان بروتوكولاً لاتفاقية وقف الأعمال القتالية، يحدد شروط وقف الأعمال القتالية والتزامات الأطراف بتوفير الممرات الإنسانية وتبادل المحتجزين قسرياً وتفاصيل أخرى.

وأشار رئيس الوفد الروسي إلى أن خبراء روسيا وتركيا وإيران حددوا على الخارطة المناطق الواقعة تحت سيطرة "جبهة فتح الشام" - جبهة النصرة سابقا - والمعارضة المعتدلة، مؤكدا أن الجيش السوري الحر يخوض معارك ضد الجبهة شمال سوريا ويجب تعميم ذلك على وسط وجنوب البلاد. وتابع محميدوف أن ممثلي الأردن في اجتماع أستانة أعلنوا أن المعارضة جنوب سوريا مستعدة للانضمام إلى الهدنة ومحاربة "داعش" وجبهة فتح الشام.

وذكر محميدوف أن الاجتماع القادم لمجموعة الرقابة على الهدنة في سوريا من المخطط أن يعقد في أستانة منتصف الشهر الحالي، قبل مفاوضات جنيف. وانتهت محادثات أستانة الشهر الماضي باتفاق بين روسيا وتركيا وإيران على مراقبة مدى التزام الحكومة والمعارضة في سوريا بهدنة تم التوصل إليها في 30 ديسمبر الماضي برعاية موسكو وأنقرة.