مضحكة، ومثيرة لكثير من السخرية تلك العبارات التي مثالها «محكمة بريطانية، أو أمريكية أو فرنسية أو غير هذه من الدول تنظر في حظر بيع الأسلحة لهذه الدولة الخليجية أو تلك»، ولا تفسير لمثل هذه الأقوال سوى أن مصدرها يعتبر المتلقي جاهلاً، فهذه الدول وغيرها لا يمكن أن تفرط في صفقات بمليارات الدولارات من أجل عيون فئة أو مجموعة أو حتى مبادئ ترفع لافتاتها، خصوصاً وأنها تعلم جيداً أن عدم موافقتها على بيع الأسلحة أو تعطيلها عملية البيع سيتيح للمنافسين فرصة الظفر بتلك الصفقات. لهذا فإن من يقول إن الدولة الفلانية أو العلانية أوقفت أو أنها بصدد وقف بيع الأسلحة لهذه الدولة أو تلك يعني أنه لا يفهم قيمة مثل هذه الصفقات لتلك الدول ولا يعرف شيئاً عن العلاقات بين الدول وكلها مبنية على المصالح.

تعطل إبرام صفقة أسلحة لدولة خليجية أو عربية خسارة للدولة المنتجة لتلك الأسلحة وليس للدولة المستهلكة لها، ذلك أن البديل متوفر في كل حين، لهذا فإن الدول المنتجة للأسلحة تحرص على عدم تعطيل مثل هذه الصفقات، ما يعني أن كل ما ينشر من أخبار سالبة في هذا الخصوص لا علاقة لها بالواقع لأن الواقع يقول إنها باعت وتبيع وستبيع الأسلحة لكل من يستطيع أن يدفع، فهذا رزقها ورزق شعبها ولا يمكن أن ترفض الرزق حتى وإن تظاهرت عبر برلماناتها ومحاكمها بذلك.

في المقابل فإن من حق كل دولة، وخصوصاً دول مجلس التعاون، أن تحصل على الأسلحة التي تجعلها تطمئن وتشعر بالأمان في مثل هذه الظروف غير العادية التي تمر بها المنطقة والتي لا أمن ولا وزن فيها للضعيف. وبالطبع فإن سعي هذه الدول لامتلاك الأسلحة الحديثة على اختلافها يدخل في باب إعداد ما تستطيع من قوة لترهب به العدو وكل من تسول له نفسه التطاول عليها.

متابعة بسيطة لما يجري في المنطقة من تطورات سريعة ومربكة وإحصاء التصريحات التي تصدر يومياً من إيران التي تعمل ليل نهار على تطوير قدراتها الصاروخية، وإحصاء تهديداتها المباشرة وغير المباشرة لمختلف دول المنطقة ومحاولاتها التدخل في شؤونها الداخلية، كل هذا يؤكد حاجة دول التعاون إلى العمل على ما يشعرها أنها في أمان ويؤكد لها أنها ستكون قادرة في حال أن قررت إيران أو غير إيران ارتكاب حماقة ما صد تلك الحماقة.

ترى كيف سيكون حال شعوب دول التعاون وردة فعلها لو أن حكوماتها لم تول موضوع شراء الأسلحة أي أهمية؟ ألا يعني هذا أنها ستعيش في قلق وإحساس بالضعف؟ الحكومات في مثل هذه الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المنطقة لا تفكر في حماية نفسها فقط ولكن في حماية الشعوب المسؤولة عنها أيضاً والتي من الطبيعي أن تطالبها بتوفير ما يجعلها تشعر بالأمان وتطمئن إلى أنها لن تكون لقمة سائغة لصاروخ طائش لا يجد رادعاً.

الحاجة إلى الأسلحة، والأسلحة المتطورة على وجه الخصوص، ماسة، وهي اليوم أولوية بالنسبة لدول التعاون التي يتوفر في المنطقة من يتربص بها ويريد بها السوء، ومثاله إيران التي تعمل ليل نهار على تطوير أسلحتها وإنتاج كميات كبيرة منها وصارت توفرها للكثير من الميليشيات التابعة لها في العديد من الدول في المنطقة. ولأن مثل هذا الوضع يعتبر مثالياً بالنسبة للدول المنتجة للأسلحة وخصوصاً في الغرب، لذا فإنها تعمل بكل قوتها للظفر بصفقات تكسب من خلالها مليارات الدولارات، والأكيد أنها لا تفرط في مثل هذا الأمر ولا تقبل أن يفرط منها أي عقد لبيع أي نوع من أنواع الأسلحة.