السبت الماضي أعلن وزير الأمن الإيراني عن اكتشاف خلية إرهابية سرية في ضواحي طهران، واعتقال 8 من عناصرها، وقال إنها كانت تنوي القيام بأعمال إرهابية هناك. وفي التفاصيل أن قوات الأمن الإيرانية «أجهضت مؤامرة التيارات التكفيرية الإرهابية التي كانت تستهدف الإخلال باحتفالات ذكرى انتصار الثورة يوم الجمعة». طبعاً المطلوب من كل العالم هو أن يصدق ذلك الإعلان ولا يشكك في صحته أبداً، فالمسؤولون في إيران وحدهم الذين يقولون الحقيقة وهم إن قالوا صدقوا! المثير أن المهووسين بالتجربة الإيرانية كلهم يصدقون كل ما يصدر عن المسؤولين في إيران من تصريحات، بينما هم والمسؤولون الإيرانيون لا يترددون عن التشكيك في كل إعلان عن اكتشاف خلية إرهابية يصدر عن المسؤولين في دول التعاون.

ما حدث هو أن إيران تمكنت من برمجة عقول الكثيرين حتى صاروا يصدقون كل تصريح يصدر عن المسؤولين فيها ويكذبون كل تصريح يصدر عن المسؤولين في غيرها، وخصوصا في دول التعاون، وبالأخص في البحرين والسعودية. فما أعلنه وزير الأمن الإيراني حقيقة لا تقبل النقاش، بينما كل ما يعلنه المسؤولون في البحرين والسعودية لا يصدقونه حتى مع توفر كل الأدلة!

الأمر الذي لا يدركه البعض هو أن إعلان أي دولة عن اكتشاف خلية إرهابية يكلفها الكثير، فالمستثمر الأجنبي على سبيل المثال عندما يسمع مثل هذه التصريحات يخاف على أمواله وقد يتخذ قرارا بنقلها إلى بلد آخر واستثمارها هناك أو بتغيير وجهته لو كان قد اختار الاستثمار في البلاد التي شهدت ذلك الإعلان خصوصا لو تكرر. لهذا لا تغامر الدولة بالإعلان عن مثل هذه الأمور لو لم تكن حقيقية. يكفيها الضرر الذي يمكن أن ينتج عن مثل هذه الإعلانات لو تبين أنها غير حقيقية، فالدولة، أي دولة، تتأثر ويتأثر اقتصادها وسمعتها بين الدول لو تبين أنها تعلن عن حوادث وهمية وغير صحيحة، لهذا فإنها لا تدخل في مثل هكذا مغامرات ولا تعلن عن اكتشاف خلايا إرهابية إلا عندما يتم بالفعل اكتشافها.

على عكس إعلانات دول التعاون عن مثل هذه الأمور يمكن التشكيك في الإعلانات التي تصدر عن المسؤولين في إيران، فمثل هذا الإعلان الصادر عن وزير الأمن يسهل تفسيره على أن المراد منه هو الترويج لقدرات الداخلية الإيرانية وإقناع الجمهور الذي حضر ليحتفل بالمناسبة بأنه في أمان وأن دولته قادرة على حمايته. دون أن يعني هذا أن الإعلان غير حقيقي، فقد يكون اكتشاف الخلية قد تم قبل فترة ولكن لم يتم الإعلان عنه إلا في هذا اليوم بغية تحقيق مكاسب معينة.

الإعلانات عن اكتشاف خلايا إرهابية ومحاولات تخريب في دول مجلس التعاون كافة لا تتم اعتباطا، فمثل هذه الأمور لا يتم الإعلان عنها لو لم تكن حقيقية ويتوفر عليها الأدلة القاطعة، والأمر نفسه في حال توجيه الاتهام لإيران مثلا، ذلك أنه من غير المعقول أن يتم اتهامها هكذا من دون دليل دامغ. فالبحرين مثلا لم تتهم إيران بالتدخل في شؤونها الداخلية إلا بعد أن توفر لها الأدلة التي يمكن أن تقنع الأمم المتحدة والعالم أجمع بصحتها، وهي لم تتهم إيران بدعم المجموعات الإرهابية وتمويلها وتدريبها على استخدام السلاح في دول مثل سوريا ولبنان والعراق وإيران إلا بعد أن توفر لديها ما يكفي من أدلة تقنع بها العالم بأن ما تقوله صحيح ودقيق. البحرين لا تدعي على إيران أو غيرها، ولا توجه الاتهامات لأحد إلا بعد أن تتأكد ويتوفر لديها ما يكفي من أدلة وبراهين، فالصدق ليس حكراً على إيران ومسؤوليها!