تناول أمين عام ما يسمى بـ "حزب الله" المصنف كمنظمة إرهابية البحرين في خطابه الأخير كان بقصد التهجم على المملكة العربية السعودية، فما أراد توصيله عن الشقيقة الكبرى قاله من خلال تناوله جانباً من تطورات الأحداث في البحرين. فقد كان همه هو الزعم بأن السعودية هي التي تتحكم في القرار السياسي والأمني في البحرين، وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق لأنه غير ممكن على الإطلاق ولا يمكن أن تقبل به البحرين ولا حتى السعودية. الفهم القاصر للعلاقات بين دول مجلس التعاون يؤدي إلى مثل هذه الاستنتاجات الخاطئة، فما لا يدركه كثيرون ممن هم خارج دائرة مجلس التعاون هو أن دول المجلس تهتم بالتشاور فيما بينها في مختلف الأمور وتربطها ببعضها اتفاقيات ومعاهدات وقرارات صادرة عن مجلس التعاون تلتزم بها، عدا أن التشاور في الأمور المهمة هو "من سلك العرب". هذا التشاور يتم بين دول مجلس التعاون في مختلف الأمور سواء عبر زيارات المسؤولين أو بالاتصال الهاتفي أو غيره من وسائل الاتصال والتواصل ولكن لا يعلن عن كثير منه لأنه أمر اعتيادي.

حسن نصر الله كان يريد انتهاز الفرصة لمهاجمة السعودية فاستغل ما يجري في البحرين واليمن وسوريا والعراق ليفعل ذلك وليوصل أيضاً رسالة مفادها أن هذه المنظمة لا تدعم المتمردين في اليمن ولا رافعي الشعارات في البحرين وأن كل ما يقال في هذا الخصوص غير صحيح. لكن الواقع يقول إن كلامه هو غير صحيح وليس إلا محاولة للتملص من المسؤولية، فهذه المنظمة تدعم الحوثيين بقوة، بل ليس بعيداً توفر عناصر منها في صنعاء بصفة مستشارين وحتى كمحاربين، وهي تدعم من رفعوا من سقف أحلامهم من دون وعي في البحرين، بل ليس بعيداً أن عناصر منها هي التي تضع لهم الخطط وتعمل على تدريبهم على استخدام السلاح وتهريبه إليهم، وإلا ما سر الدعوة إلى استخدام السلاح في البحرين في حفل أقيم في طهران التي يؤكد واقع الأمر أن هذه المنظمة هي يد إيران في لبنان والمنطقة؟

من المعلومات غير الصحيحة التي سعى نصر الله إلى ترويجها في خطابه أيضاً والتي يتأكد منها ركونه ومن معه إلى ما يصلهم من معلومات من طرف واحد هي قوله "تم نزول عشرات الآلاف بالأكفان في ليلة واحدة" "يقصد في قرية الدراز" فهذه المعلومة غير صحيحة على الإطلاق وينبغي حتى من المستفيدين من هذا القول بيان الحقيقة إذ لا يمكن أن يطلق على عدد محدود من الأشخاص قاموا بعمل معين في لحظة معينة وكرد فعل عاطفي عبارة "عشرات الآلاف" خصوصاً أن المتوفرين في المكان الذي كان يقصده لا يمكن التعبير عنهم بمثل هذا العدد وإلا كان الحال غير الحال!

طبعاً من الأهداف الخفية لتناول نصر الله للبحرين في خطابه الذي كان الأولى أن يخصصه لتناول الأوضاع والمستجدات في لبنان، وفي فلسطين التي اعتبر أعضاء منظمته أكثر حبا لها من أبنائها وأكثر تضحية هو التأكيد على أن منظمته – ومن ورائها إيران – تقف مع رافعي الشعارات قلباً وقالباً، وأنها ستواصل دعمها لهم وأن كل ما عليهم هو مواصلة "الصمود" والصبر والتحمل وتوفير الأمثلة على ذلك.

ما تمت الإشارة إليه هنا هو نفسه الذي تم التركيز عليه من قبل الفضائيات "السوسة" والمواقع الإلكترونية التابعة لها فور انتهاء نصر الله من خطابه فلم يتناول المحللون غيرها ولعلهم لم يأتوا على ذكر ما قاله عن فلسطين وسوريا، ما يؤكد أن الرسالة التي أراد أن يوصلها وصلت بالفعل وخصوصاً فيما يتعلق بالسعودية التي ستظل هذه المنظمة تعاديها طالما استمرت في فضحها لإيران وما تسعى إليه في المنطقة.