ألم يأنِ للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وأبنائه أن يرفعوا أياديهم عن اليمنيين، ويرحلوا غير مأسوف عليهم، بعدما أهلكوا الحرث والنسل، ونهبوا أموال الشعب، وقتلوا عشرات الآلاف، ورقصوا على دماء يمنية ذكية، بقمعهم التظاهرات السلمية، ثم بتحالفهم مع تنظيم القاعدة تارة، ومع المتمردين الحوثيين تارة أخرى، وأخيراً مع تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي!

ماذا يريد المخلوع وأنجاله من أبناء اليمن، بعدما تسببوا في أن يصبح 7 ملايين يمني أقرب إلى المجاعة من أي وقت مضى، من بين 17 مليون شخص غير قادرين على إطعام أنفسهم بشكل كافٍ؟

وبينما يواجه خالد نجل علي عبدالله صالح اتهامات بالتورط في عمليات غسيل أموال وتحويلات مالية مشبوهة لصالح والده وشقيقه أحمد، للوصول لمصادر مالية لزعزعة استقرار اليمن، تحذر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو» وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، من أن 17.1 مليون يمني من أصل 27.4 مليون، يجدون صعوبة في تأمين الغذاء، ومن أصل هذا العدد يحتاج 7.3 مليون إلى مساعدة غذائية عاجلة، بزيادة 3 ملايين عن صيف العام الماضي، فيما أعلنت «يونيسف» في تقرير آخر أن 462 ألف طفل يمني يعانون من سوء تغذية حاد، وقبل فترة، حذرت منظمة «أوكسفام» من أن نحو 16 مليون يمني لا يحصلون على مياه نظيفة!

صالح الذي أمضى 33 عاماً في «الرقص على رؤوس الثعابين» حسبما وصف طريقة الحكم التي يجب أن تدار بها الدولة اليمنية، يبدو أنه احترفها فعشقها وورثها لأبنائه، لكن المؤلم المبكي أن اليمنيين هم من يدفعون ثمن ذلك العشق، لأن الأمر لم يتوقف عند النهب والسرقة والفساد، بل امتد إلى التحالف مع المتمردين الحوثيين أعوان إيران في اليمن، ضد الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي.

ماذا اقترف اليمنيون من آثام حتى يبتلوا بذلك الرئيس الذي تسلل إلى السلطة، ولم تعرف الدولة -التي كانت توصف بأنها «اليمن السعيد»- خلال أكثر من 3 عقود من حكمه البائس سوى الفقر والجهل والمرض والصراعات القبلية والحروب الأهلية؟

وفي الوقت الذي يرزح فيه اليمنيون تحت خط الفقر، تكشف تقارير أممية ودولية أن الرجل جمع ثروة تقدر بنحو 60 مليار دولار عن طريق الفساد، خصوصاً ما يتعلق بعقود النفط والغاز، وحصوله على رشاوى مقابل امتيازات تنقيب حصرية، بمعدل ملياري دولار سنوياً، على مدى 3 عقود، وقد أخفاها المخلوع في نحو 20 بلداً للالتفاف على التدابير المتخذة لتجميد أمواله. وفي حين أن مجلس الأمن الدولي اعتمد في نوفمبر 2014 عقوبات بتجميد أموال صالح وأبنائه إلا أن العقوبات لم تفعل، والرجل لايزال جاثماً فوق صدور اليمنيين، ينعم بالتمرد على الشرعية!

وليس غريباً ما يتردد حول تحالف صالح مع تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، لتنفيذ مصالح حيوية في دول الجوار الداعمة للشرعية، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، لا سيما بعدما تعاون مع «القاعدة» ثم المتمردين الحوثيين، من أجل زعزعة الاستقرار في اليمن. ولعل ما يثير السخرية أن يخرج علينا الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله مدافعاً عن التمرد الحوثي المتحالف مع صالح، وكأن الأخير لم تخلعه ثورة سلمية ضد عقود من حكمه الطاغي الفاسد.

وفي الوقت الذي يبدد فيه صالح والحوثيون أموال اليمنيين تسارع السعودية إلى تقديم ثمانية مليارات دولار لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب في اليمن، إضافة إلى دعم استقرار العملة المحلية المنهارة بملياري دولار، بعدما قرر المتمردون فرض سقف على الواردات ومنع التجار مؤقتاً من شراء الدولارات في محاولة لوقف هبوط الريال اليمني المتداعي منذ انقلابهم على الشرعية.

* وقفة:

كم من مخلوع وأبناؤه رقصوا على دماء عربية ذكية واستحلوا أموال الشعوب.. لكنهم لن يفلتوا من لعنات التاريخ قبل أن يلقوا الأجل المحتوم!