طرح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستفان دي ميستورا جملة من المقترحات على الأطراف السورية المجتمعة في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف، حيث وافقت الأطراف مبدئياً على إجراء مفاوضات مباشرة، فيما فجر انتحاريون أنفسهم مستهدفين مقرين تابعين لقوات النظام في حمص وسط سوريا، ما تسبب في سقوط 42 قتيلاً بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في المدينة، في عملية تبنتها "هيئة تحرير الشام" المؤلفة من جبهة النصرة سابقا وفصائل أخرى مقاتلة.

واعتبر دي ميستورا أن هدف اعتداءات حمص "تخريب" مفاوضات جنيف في وقت حذر رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري من أن تفجيرات حمص "لن تمر مرور الكرام".

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل "42 من عناصر الأمن، بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في حمص، في هجمات استهدفت فرعي الأمن العسكري وأمن الدولة". وأشار محافظ حمص طلال برازي إلى وقوع 32 قتيلاً و24 جريحاً.



وتحدث التلفزيون الرسمي عن قتلى بينهم "اللواء شرف حسن دعبول رئيس فرع الأمن العسكري في التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا مقرين أمنيين في حمص".

ويعد دعبول من المقربين من الرئيس بشار الأسد، وهو من أبرز الشخصيات في أوساط المخابرات السورية.

واستهدفت التفجيرات مقرين أمنيين محصنين بشكل كبير في حيي الغوطة والمحطة بمدينة حمص، ثالث كبرى مدن سوريا التي شهدت معارك عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة قبل أن يسيطر عليها النظام بشكل كامل في 2014.

وتحدثت هيئة تحرير الشام عن "5 انغماسيين (...) اقتحموا فرعي أمن الدولة والأمن العسكري بحمص".

ووصف مدير المرصد رامي عبد الرحمن الهجمات بأنها "الأكثر جرأة في حمص"، منذ استهداف مبنى الأمن القومي في دمشق في يوليو 2012، والذي أدى إلى مقتل 4 من كبار المسؤولين الأمنيين بينهم وزير الدفاع السوري العماد داود راجحة ونائبه العماد آصف شوكت، صهر الرئيس السوري بشار الأسد.

وبدأ الاعتداء مع "إطلاق النار على الحرس في مبنى المخابرات العسكرية. وعندما سارع الضباط لمعرفة ما كان يحدث، فجر أول انتحاري نفسه". ومن ثم "سارع عناصر أمن آخرون إلى المكان حيث قام الثاني والثالث بتفجير نفسيهما واحداً تلو الآخر"، وفق عبد الرحمن الذي أوضح أن الاشتباكات استمرت لساعتين. وأكد التلفزيون الرسمي وقوع اشتباكات خلال الهجومين.

وتشكل تحالف "تحرير الشام" في 28 يناير من جبهة فتح الشام "جبهة النصرة سابقا"، و4 فصائل مقاتلة أخرى. وأدرج تشكيل التحالف في حينه في إطار الرد على موافقة فصائل معارضة على المشاركة في محادثات أستانة برعاية روسية وتركية والتي هدفت إلى تثبيت وقف لإطلاق النار أعلن في 30 ديسمبر.

ولم تشمل الهدنة التنظيمات المتطرفة بما فيها تنظيم الدولة "داعش" وجبهة فتح الشام التي تتواجد في مناطق عدة من سوريا، خاصة في محافظة إدلب شمال غرب البلاد. كذلك استبعدت الجبهة من مفاوضات جنيف التي تتواصل لليوم الثالث على التوالي بين وفود من المعارضة والحكومة برعاية الأمم المتحدة.

وتعرض حي الوعر، آخر حي تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حمص، لغارات كثيفة نفذتها قوات النظام عقب الهجمات الانتحارية، وتسببت في مقتل 3 مدنيين وإصابة نحو 5 وفق المرصد السوري.

كما قتل 6 مدنيين وأصيب 14 جراء غارات لقوات النظام على مدينة دوما، أبرز معاقل الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق. ويسيطر على المدينة بشكل أساسي جيش الإسلام، الفصيل الممثل في مفاوضات جنيف بالقيادي محمد علوش الذي ترأس وفد الفصائل إلى محادثات أستانة.

واعتبر مدير المرصد أن تبني هيئة تحرير الشام لتفجيرات حمص، "رسالة للمعارضة والنظام والمجتمع الدولي بأن فتح الشام موجودة ولا يمكن لأحد إقصاؤها".

وفي جنيف، قال دي ميستورا "في كل مرة نجري مفاوضات هناك دائما من يحاول تخريب العملية. كنا نتوقع ذلك".

وجاءت مواقف دي ميستورا بعد رسالة وجهتها وزارة الخارجية السورية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن طالبت فيها بإدانة الاعتداءات.

واعتبرت في بيان أن هذا "التطور الخطير يحتم على المبعوث الخاص أيضاً إدانة هذا العمل الإرهابي، كما يحتم على الفصائل المشاركة في مباحثات جنيف ومن دون استثناء إدانة مثل هذه الأعمال الإرهابية".

في الوقت ذاته، طرح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا جملة من المقترحات على الأطراف السورية المجتمعة في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف، حيث وافقت الأطراف مبدئياً على إجراء مفاوضات مباشرة.

وذكر مصدر في أحد الوفود المشاركة بمفاوضات جنيف السورية لوكالة "سبوتنيك" الروسية بعض المقترحات التي قدمها دي ميستورا لوفدي الحكومة السورية والهيئة العليا للمفاوضات المعارضة.

وقال المصدر إن المبعوث الأممي اقترح على الوفدين تشكيل 3 فرق عمل خاصة بمسائل الإدارة والدستور والانتخابات، التي يتضمنها القرار 2254، وتخصيص يوم واحد خلال المفاوضات لكل منها.

كما تتضمن مقترحات دي ميستورا -بحسب المصدر- تأكيده دعم المحاولات للتوحيد والانفتاح على مفاوضات مباشرة.

واقترح المبعوث ترك مسائل مكافحة الإرهاب والالتزام بوقف إطلاق النار لمفاوضات أستانة، واعتماد معادلة "لا اتفاق على شيء ما لم يتم الاتفاق على جميع الأمور"، بالإضافة إلى بند عن قواعد الانضباط التي تضمن سرية المفاوضات وعدم الكشف عن تفاصيلها، والاحترام المتبادل.

من جانبها أكدت بسمة قضماني عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى جنيف، أن المبعوث الأممي ناقش مع وفد المعارضة الورقة التي اقترح فيها بعض التفاصيل بالنسبة لهيكلة المفاوضات.

وأضافت قضماني أن الورقة تضمنت مناقشة مسألة الانتقال السياسي، وهو ما وصفته بالأمر الإيجابي.

وفي ما يتعلق بمصير الرئيس بشار الأسد الذي كان دائما نقطة خلاف بين الأطراف السورية، قالت قضماني إن المرحلة الانتقالية "تعني انتقال السلطات إلى هيئة الحكم الانتقالي وفي تلك اللحظة ليس هناك دور لبشار الأسد".

يشار إلى أن مكتب المبعوث الأممي قال في وقت سابق إن الأطراف السورية وافقت مبدئياً على إجراء المفاوضات بصورة مباشرة، لكن وفدي الهيئة العليا للمفاوضات وما يعرف بمنصة القاهرة أخفقا في تشكيل وفد موحد للمعارضة.