- أسر متعففة: عندما تسنح لك الفرصة للتعامل مع مقتضيات العمل الخيري والاطلاع عن كثب على واقع الأسر المحتاجة والمتعففة، وحجم المعاناة التي تعيشها في ظل الظروف القاسية التي ألمت بها، والتي من أهمها السكن الملائم للعيش.. فإنك لا تملك إلا أن تحمد الله تعالى على كل نعمة أعطاك إياها.. بالفعل هناك أسر متعففة لا تسنح لها الفرصة لكي توصل صوتها للمسؤولين، بل لا تقوى بأن ترفع الشكوى للصحافة، أو تتداول قصتها وسائل التواصل الاجتماعي التي أضحت الصوت القوي لقضايا المواطنين، وتمثل أداة فاعلة في الضغط وإثارة القضايا المجتمعية.. نحتاج إلى أسلوب جديد في البحث عن هذه الأسر والوصول إليها وتأمين الحياة المعيشية لها ولو بالحد الأدنى..

- ثقة: عندما تثق بفرد ما في منظومة عملك وتعطيه التفويض التام للتصرف في مناحي العمل المختلف، فإنك بذلك قد قطعت شوطاً كبيراً لتحقيق النجاح المرجو والتدريب الأمثل لصقل المهارات.. ولكن احذر معها بأن يأخذك الحماس لتبتعد عن تقديم الاستشارات اللازمة لتوجيه العمل نحو الغايات المنشودة.. فليس كل من تثق فيه يمتلك صفات الجدارة والقيادة الفذة.. وفي المقابل ليس كل من تثق فيه يرجع إليك ليستفيد من خبرتك ويستشيرك لتوجيه دفة العمل نحو المسار المطلوب.. فصفات الأشخاص تختلف وطبائع النفس قد تؤثر سلباً على مسير الأفراد، لذا فمن الواجب الحذر والتعامل مع كل شخص بما يناسبه حتى تتحقق الأهداف المرجوة في منظومة العمل الكلية.

- نظراتنا: قد تختلط أوراق بعض النفوس في نظراتها ومقاييسها تجاه بعض مواقف الحياة، والتي من أهمها إهمال النفس ومحيطها القريب، والاتجاه نحو إسعاد الغير والتلطف معهم وخدمتهم واستخدام أرقى فنون التعامل معهم.. لربما كان من الأولى التوازن الأمثل من أجل كسب الخير والحصول على الأجر المرجو، ولا يحصل هذا التوازن إذا اختلت نظراتنا إلى سعادة الحياة.. ففاقد الشيء لا يعطيه، وبخاصة إذا أهمل المرء نفسه والمحيط القريب الذي يعيش فيه واعتبره مجرد «نموذج حياتي روتيني» ممكن أن يسير بأي طريقة، ثم تراه يطرق جرس الإنذار لمواقف الحياة الأخرى التي تستتبع منه أن يعد العدة لكل شاردة وواردة من أجل إتقان الموقف وإسعاد الغير.. فكر في نفسك أولاً و»دلعها» والكيان الذي تعيش فيه، واعتبره الميدان الأول للعطاء وبذل الخير.. ففي اعتقادي أننا بحاجة ماسة لتغيير مفهوم العطاء بلا حدود.. لأن الأولى أن نعطي أنفسنا ونكرمها وكل أهلينا كما لو كنا نكرم الضيف الذي لم نراه منذ أمد بعيد.. في كل لحظة نعيشها نتعلم المزيد.. فلنحرص على تدارك ما تبقى من حياة السعادة، فالأقربون أولى بالمعروف.

- استعداد: يقول المولى الكريم في محكم التنزيل: «واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون» البقرة: 281. عظة وتنبيه للنفوس الغافلة التي غاصت في شهوات الدنيا ومشاغلها التي لا تنتهي.. فالتقوى هنا هي الضمير الحي الذي يدفع صاحبه للاستعداد ليوم الرحيل والرجوع إلى المولى الكريم واستلام الأمانة.. التقوى التي تجعلنا نفزع لإنقاذ نفوسنا من معترك الحياة، ونقلها إلى منازل الآخرة، والاستعداد ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. هو ذلك اليوم الذي سيكون فيه موضع المحاسبة على كل أعمالنا التي اقترفناها في محطة «الدنيا».. فهو تذكير بزوال الدنيا وأعمارنا القصيرة فيها، وتذكير بالمصير الواحد الذي سنقف فيه فرادى أمام الملك الديان للمحاسبة على أعمال الدنيا.. نحتاج فقط إلى تصفية نفوسنا من شوائب الدنيا، والإبقاء على ديمومة عمل الخير في أنسجة مشاعرنا، وصناعة الحاجز الذي يحول بيننا وبين اقتراف المعاصي والبعد عن الله.. ثم زرع الضمير الحي الذي يرجعنا إلى مولانا الكريم بعد كل ذنب وتقصير.. نسأله أن يغفره لنا.. اللهم تب علينا وأحسن لنا خاتمتنا..

- استيقظ: استفاق من نومه بعد رقاد طويل ليجد نفسه وحيداً وسط هياكل الحياة العارية.. لم يستوعب بعد المكان الذي وصل إليه.. ولم يجد أي تفسير لفصول الحكاية التي مرت عليه ليصل إلى هذا المكان الموحش.. التفت يمنة ويسرة لعله يجد ضالته فلم يفلح.. حاول مراراً أن يستدل على علامات مضيئة ترشده إلى مواقع أصحابه فلم ينجح.. ما هي إلا لحظات وإذا بمنادٍ يهتف باسمه من بعيد.. يبحث عنه وسط أنقاض الهياكل العارية.. فأعاد هذا الصوت الأمل إلى نفسه، فقد وجد ضالته التي يبحث عنها منذ أن استفاق من رقاده.. ظل صدى هذا الصوت يرن في مسمعه.. ومرت الأوقات سريعاً عليه وهو يبحث عن مصدره.. فاستبشر خيراً وانفرجت أسارير وجهه.. فقد وجد «ضميره» الذي افتقده منذ سنوات طويلة.. فبكى فرحاً لأنه لم يخسر «الفرج الوحيد» الذي ينتظره.. فأجهش الضمير بالبكاء وهو يرى صاحبه الذي افتقده في ضوضاء الحياة.. وهمس في أذنيه.. لم أكن لأتركك وحيداً لأنك النبض الذي أعيش من خلاله.. أحس صاحبنا أنه قد خسر كل شيء في لحظات مهمة من حياته.. فضاعت سنوات فارغة لم يترك فيها الأثر الجميل في حياة البشر.. ولم ينتشل نفسه من أوحال الشهوات والملذات ونداءات الدنيا المزعجة.. ولكن ضميره الذي عاد إليه أحيا فيه الروح من جديد.. ومكنه ليكتب له صفحات جديدة من حياته، تطوي سجل الماضي الأليم، وتستفيد من تجارب عابثة لترسم تجاربها القادمة بأمل جديد وضمير يهز وجدان البشرية جمعاء.. هذا حال ضميرنا.. إن لم نمسك به ونتعاهده ونحميه بسياج الإيمان.. فسيكون مرده الانفصال عن نفوسنا، لنجد أرواحنا الدنيوية في هياكل فارغة مخيفة قد نقضي نحبنا فيها في لحظات خاطفة..

* ومضة أمل:

لا تتركني وحيداً.. فمعك سوف أصنع منزلتي في الفردوس الأعلى.