ليس كل ما يلمع ذهباً، يخدعنا بريق أشياء كثيرة من حولنا نلهث وراءها اعتقاداً منّا أنها النفائس ولكن بعد أن نقترب منها نجدها لا شيء. تماماً كما في مواقف متعددة يكون المدح الذي في غير موضعه بمثابة المذمة ولكن بشكل راقٍ، وأحياناً كثيرة نصف بعض المواقف لبعض الأشخاص على جهل منّا بأنها حسنة ولكن إذا دققنا تأملنا، تمعنا بها نجدها على غير ذلك تماماً.

هذا ما يحدث تماماً مع الشخص الذي يمكن أن يعدّه الآخرون أو يجد نفسه «إنسان فهلوي». فالفهلوي يمثل نمطاً من أنماط الشخصية العربية، وهذا المصطلح انتقل إلى أن أصبح مصطلحاً متداولاً بين أقطار الدول العربية. «فالفهلوة» يُقصد بها صراحة أن صاحب هذه الشخصية يملك القدرة على التكيف السريع مع المواقف أو البيئة التي تفرض عليه، ويدرك تماماً ما يجب أن يقوم به بكل حرفية واحترافية وأيضاً تستخدم لوصف مهارة شخص بصنعة معينة وتمكنه أن يكون محط أنظار ويشار إليه بالبنان. ولكن بعض الناس هداهم الله حرّفوا المعنى وطبقوا واقعاً مغايراً واعتبروا أنفسهم فهلويين بالفطرة وذلك لما تهوى أنفسهم. والأمثلة على ذلك كثيرة، وحدّث ولا حرج.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، صاحب شركة يصرّح أن لديه عدداً من الموظفين البحرينيين، مسجلاً أسماءهم رسمياً وهم حقيقة في بيوتهم ساكنون لا موظفون ولا يحزنون، وإنما فقط تصريح ليتمكن من استقدام العمالة الآسيوية بالعدد الذي يريد وتضليل القانون. وموظف «ملسون»، يعتبر نفسه «فهلويّ» عندما يترك مكان عمله بغير وجه حق ويتحجج بأمور غير صحيحة ومن ثم يحضر للعمل وكأن شيئاً لم يكن. والفتاة الشابة تعتبر نفسها «فهلوية» عندما تقنع أمها انها في دروس تقوية في المدرسة وهي حقيقة مع صديقاتها في مكان آخر.. وشاب يتمارض أمام والديه كي يتخلص من مهمة منزلية قد تمنيا عليه أن يقوم بها، وسيدة تشتري ملابس جديدة، ترتديها وتخرج بها ومن ثم تقوم بتغليفها أما لترجيعها أو لتبديلها، وتاجر يعتبر نفسه فهلوياً بإخفاء قيمة المبيعات الحقيقية كي يتخلص من الضرائب.. كل ذلك نماذج وغيرها الكثير من مواقف اعتبر أصحابها أنهم قاموا بها عن «فهلوية»، أي عن حذاقة وذكاء ولكنها حقيقة كذب واحتيال ويجب أن يستيقظ أصحابها من وهمهم المخزي.

وفي المقابل لا أحد يخاف إذا أطلق عليه وصفاً أنه «فهلوي».. فالذي يعرف نفسه جيدا لن تطاله مذمة وإن كانت مغلفة بقالب من ذهب.