يطرح مجلس النواب اليوم الثلاثاء التصويت على موضوع سياسة الحكومة حول مكافحة الظواهر غير الأخلاقية في البحرين «الدعارة» في جدول الأعمال، وكم نتمنى أن يحصل الموضوع على موافقة جميع أعضاء المجلس وذلك لكي تحدد الجلسة القادمة لمناقشته وأن ترى مثل هذه القضايا الحساسة والخطيرة النور فأول خطوات الشفاء وحتى تعالج مرضاً ما عليك أولاً تشخصيه والكشف عنه، أليس كذلك؟

السادة النواب الذين يودون تداول هذا الموضوع مع التحية، نتمنى وأنتم تتداولونه تستندون في طرحكم على الأرقام الحقيقية عن هذه الظاهرة حتى وإن اضطررتم لجعل الجلسة سرية مثلاً، وأن تطرحوا قصصاً حقيقية عن أبعاد وانعكاسات هذه الظاهرة على المجتمع البحريني، كما نتمنى منكم الاجتهاد قليلاً وحصر القضايا الواردة إلى مراكز الشرطة، ليس فقط عن عدد الأجانب الذين يمارسون هذه الظواهر غير الأخلاقية، إنما أيضاً عن عدد البلاغات المقدمة من المواطنين أنفسهم وكيف أن هذه الظواهر ساهمت في تفكيك العديد من العائلات وهدم المنازل وما تسببت فيه من أضرار خطيرة، ونحن في ذلك لا نهدف إلى تشويه سمعة العائلات وبنات البحرين وإنما نهدف إلى معالجة هذا الخلل حتى لا يكون هناك في المستقبل مدخل لأعداء وطننا في الحصول على أدلة واقعية يستندون فيها لوصف مجتمعنا بألفاظ أنتم تعرفونها ولا داعي لخدش حياء القارئ بذكرها!

كما نتمنى يا نوابنا الأفاضل، وقد بح صوتنا في مقالات عديدة بشأن ما يحدث من ممارسات غير أخلاقية في العديد من الفنادق والشقق التي لا تجري في شوارع وطرقات العاصمة والمناطق المجاورة لها بل هناك من رأى في هذه السوق السوداء تجارة رابحة له فأخذ يستهدف بنات الناس في الجامعات وعند المدارس والمجمعات، نتمنى منكم أن تقفوا على بنود اتفاقية الأمم المتحدة التي وقعتها مملكة البحرين بشأن مكافحة الاتجار بالبشر.

إن المخططات الإيرانية اليوم تحاول اختراق مجتمعاتنا من خلال مدخلين، الأول نشر المخدرات والمسكرات، والثاني نشر الفساد الأخلاقي في مجتمعاتنا العربية الإسلامية المحافظة. إن هذين البابين قد لا يكونان ظاهرين على السطح اليوم وهما بالمناسبة مداخل غير مباشرة لاختراق دولنا وقد يكون هناك من يستنكر ويقول «شدخل إيران؟ مخلين إيران مسمار جحا في كل قضية؟» لكنكم من خلال عملكم التشريعي تدركون أكثر منا كمواطنين أن هذا الأمر حقيقي وملموس على أرض الواقع، وها هي تداعياته بدأت تظهر ككرة الثلج التي تكبر، وأن أكثر من يمارسون مهنة الاتجار بالبشر معروفة أصولهم وأجنداتهم وأهدافهم، عليكم اليوم مسؤولية رسم سيناريو المستقبل القادم لمجتمع البحرين والخليج العربي، وتلك مسؤولية وأمانة ثقيلة جداً وبيدكم اليوم صنع قرار أن نجعل من مجتمعنا الخليجي العربي مجتمعاً يحبط هذه المخططات من خلال سد الفراغات التشريعية في بعض المواد الدستورية، أو مرتعاً لتسلسل أعدائنا إلينا، والخيار لكم في ذلك والمطالب والأمنيات لنا والله يعينكم، فالفساد الأخلاقي كالنار إن ومضت شرارتها لا تطفأ بل تحرق جميع البيوت المجاورة، والفساد الأخلاقي كما البرتقالة الفاسدة، برتقالة واحدة فقط من الممكن أن تفسد صندوق برتقال بالكامل، وأنتم تفهمون المقصد من كلامنا فقد سبق أن طرحنا عليكم هذا الموضوع وسبق أن خاطبكم العديد من المواطنين المتضررين من هذه الظاهرة وناشدوكم بإيجاد حل عاجل غير آجل.

أعزاءنا النواب، لستم وحدكم من تعبرون عن حزنكم لما وصلت إليه ظاهرة الدعارة في البحرين، بل نحن كمواطنين فاجعتنا أعمق بل إن كثيراً من القضايا والقصص التي مرت علينا من خلال الصحافة كشفت لنا حجم الضرر وفداحة ما يحدث وخطورته.

وهذه رسالة أمانة عندي طلبت مني مواطنة سعودية أن أوصلها لكم، وبالإمكان الرجوع لنا لمنحكم أوراق قضيتها بالكامل، تقول المواطنة: «فوجئت بزوج ابنتي يخبرني بأنه طلقها من عدة أشهر وتركها في البحرين وقد اختفت ابنتي! حاولت الاتصال كثيراً والوصول إليها إلى أن توصلت أن هناك امرأة بحرينية تؤويها في منزلها وتأخذها لسهرات وحفلات مشبوهة! قد أخبرني طليقها بأنه تعب من ابنتي وحاول إرشادها لكن لا فائدة، فمنذ أن تعرفت على هذه المرأة وقد أصبحت لها حياة أخرى، وأنا أراجع الجهات المعنية صدمت بالإجراءات المتبعة في استعادة ابنتي والقصة تطول لكن الحمد الله أنه ببلدي السعودية أخبروني أن بإمكاني المطالبة بها عن طريق المحاكم وفق نظام الشريعة الإسلامية،وإنها ملزمة بالعودة لي من باب الولاية! لقد استعدت ابنتي بعد معاناة عدة شهور من اختفائها ففور دخولها السعودية قبضوا عليها وأعادوها لي وهي الآن تعيش بأمن وأمان معي في المنزل وباب وانسد ولله الحمد وانتهت مشكلتي، لكن ما أود إيصاله لمن يهمه الأمر في البحرين هو كم أماً مثلي فقدت ابنتها ولم تستطع إعادتها من هؤلاء الذئاب البشرية؟ ما يحدث يخالف فطرة الأمومة قبل الدين، ما رأيته لا يعقل وأحتاج لمسؤول يعنيه الأمر لأخبره، صدقوني أنا سعودية والأمر قد لا يعنيني، لكن في النهاية نحن مسلمون والبحرين بلد شقيق لنا ولا يرضينا هذا!».

ما يحدث لا يخالف طبيعة وأحكام وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف فحسب، بل ما يحدث له أبعاد أمنية خطيرة على مجتمعنا لا يراه لا الفطين وصاحب النظرة البعيدة، والله ثم والله إن أعداء وطننا يجدون في ذلك كنزاً عظيماً للشماتة فينا واختراقنا ويحلمون أن تكون البحرين بلداً مصدراً للانحلال الأخلاقي في الخليج العربي ومجتمعاً متفككاً المفسدون فيه يغلبون الشرفاء، وتأكدوا بأنفسكم من الرؤوس التي تدير هذه الصفقات تحت جنح الليل وفي أوكار الفساد والتي تتعمد إلى جانب هذا الفساد الأخلاقي أن تزينه بالخمور والمخدرات؟!

إن الأمر واضح ويقتضي فقط سد الثغرات القانونية في بعض البنود، ومن جانب آخر تشديد العقوبات وتغليظ القوانين إن كانت هناك جدية في مكافحة هذه الظاهرة حتى لا تتفاقم، نحن لا نطمح لإنهائها بالكامل فتلك مثالية وفي كل بلد توجد مقبرة، لكن أقله تدارك ما يمكن تداركه وسد الثغرة التي فرح أعداؤنا لعدم اهتمامنا بها وأغفالنا لها.