تتناقل الركبان أخبار الحفاوة والتكريم التي لقيها سمو ولي العهد وسمو رئيس الوزراء في قطر، قلت لا غريب في ذلك، أخ كريم يلقى أخاً كريماً، وبالنسبة لنا في البحرين إن ذلك التكريم وتلك الحفاوة وذلك الاستقبال الحميم لم يكن لقياداتنا فحسب، بل لنا كشعب كذلك ولمكانتنا عند أهل قطر ولما عرف من كرم وشهامة أهل قطر.

والواقع أن أخبار الزيارة سرتنا كثيراً نحن أهل البحرين وتستطيع أن ترى مؤشر انعكاس هذه المسرة لتلك الزيارة تحديداً في تلك الصور التي تبادلناها على وسائل التواصل الاجتماعي مستبشرين ومهللين، تبادل مصحوب بدعاء «الله لا يغير علينا» ويديم هذا الود وهذا الانفتاح وهذه الروح بيننا وبين أهلنا في قطر.

لا يمكننا أن ننكر أنه رغم كل أواصر المحبة والعلاقة الاجتماعية بين قطر والبحرين قيادة وشعباً إلا أن جبلاً جليدياً يبرز بين الفينة والأخرى يباعد بينهما، ويسود الفتور لفترات، لكنه جبل سرعان ما يذوب في لحظات لعدم أصالته، ومن ثم يعود فيرتفع، وتلك الزيارة واحدة من فرص الذوبان المشهودة وغير المسبوقة، لأن الحرارة التي أذابته جاءت بزيارتين متتاليتين من أب الجميع سمو الأمير خليفة بن سلمان، ومن ولي العهد لأخيه الشيخ تميم، وتبعهما فوراً اتصال هاتفي من جلالة الملك فذاب كل حاجز جليدي مصطنع ولم يبق له أثر.

نحن إذاً بحاجة لإطالة عمر تلك اللحظة التاريخية وتأصيلها في تاريخ العلاقة الثنائية والبناء عليها منعاً وتحسباً لأي مندس يعمل على بناء ذلك الجبل من جديد.

خصوصيتنا الخليجية تتطلب أن لا تنقطع مثل هذه الزيارات وأن لا تتباعد، فتلك واحدة من عوايدنا وأعرافنا وتقاليدنا، تبقي على حبل الود بين الأهل، فما بالك بحبل بين شعبين، تلك مسؤولية تقع على عاتق قيادات الدولتين، والحفاظ عليها وتنميتها مسؤولية مشتركة بينهما من أجل صالح شعوبهما.

لنقر بأننا كمجتمعات نتأثر أضعافاً مضاعفة بتلك الروابط الاجتماعية والعرفية لتعزيز المصالح، فلا نتكل فقط على لجان مشتركة نتركها لتعمل وحدها بالية جامدة لحفظ مصالحنا معاً، تحتاج تلك اللجان وتلك المؤسسات دائماً لشاحن يحرك التروس بين الفينة والأخرى ولا شئ كتلك الروابط تشحمها وتزيتها تلك الزيارات.

لذا لا نقطع صلة لرحم أو صلة لنسب أو صلة متشعبة إن شئنا إبقاء حبل الود بيننا وبين أي شريك لنا، ولا حاجة للتذكير بالروابط التي تربطنا بأهلنا في قطر فإنها تشمل كل ما قيل، ولا حاجة للتنبيه أن تباعد تلك الزيارات ولقاءات القمة لا يمكن إلا أن يترك أثراً سلبياً، يزيله ذلك التواصل الذي يحول بيننا وبين أي سوء فهم أو التباس ويزيل العقبات فوراً فلا تتراكم.

ودع عنك المشاريع المشتركة والتكامل الاقتصادي المشترك والمنافع المتبادلة فذلك أمر مفروغ منه، إنما هناك حاجة لاقتناع الاثنين أن القرب الجغرافي والعلاقات العائلية التي تربط الشعبين معاً يجعل من ارتباط المصير حتمياً لا خيارياً، فلا يعتقد أي منا أن ضعف أو سقوط أحدنا سينجو بالآخر أو لا يعني الآخر، وعلى هذا الأساس فمسؤولية القيادات أن تبحث عن كل ما يعزز ويقوي هذه العلاقة ويجعل من فصامها استحالة.

ونختم بالدعاء من قلوبنا أن لا يغير الله علينا ويديم علينا هذه الروح والمحبة والألفة وأن نرى هذه الصور تتكرر بفترات متقاربة.. اللهم آمين