اليوم وفي عصر المعلوماتية والسرعة في تناقل الخبر، باتت أجهزة الاتصالات الذكية، المصدر الأول لتداول الأخبار ونشرها، وتسبق بذلك كل وسائل الإعلام التقليدية من تلفاز وراديو وصحافة.

لكن مع ذلك، مازالت شريحة كبيرة من الناس تريد أن ترى كل ما يحصل عبر شاشات التلفزيون الرسمي، متناسين أن هناك لا بد من تعامل خاص مع كل حدث، دون إغفال المحدد الأول للنشر أو عدمه، متمثلاً بسمعة مملكة البحرين.

نعم، هناك حوادث عديدة تحصل، والناس خصوصاً المخلصين للبحرين وقيادتها، يريدون إعلامنا الرسمي أن يكون دائماً في قلب الحدث وينشر كل شيء، وبعضهم يطالب ذلك بحسن نوايا، من منطلق أن تلفزيوننا الرسمي كان خلال المحاولات الآثمة للنيل من البحرين، منبراً للدفاع والتصدي والرد على الأكاذيب والفبركات ومحاولات التشويه.

لكن هنا علينا أن ننتبه لحقيقة مهمة، تتمثل بأن الوضع تغير على الأرض، فما يحصل اليوم ليس بمستوى الذي حصل سابقاً، ما أعنيه، أن من يتابع ما تنشره وسائل الإعلام الخارجية وبالتحديد الإيرانية التي مازالت تستهدف بلادنا يخيل إليه بأننا في بؤرة حرب وصراع مستمرة، بينما الحقيقة تقول إن ما يحصل هي ممارسات تشهدها بعض المناطق والقرى، في مقابلها عشرات الفعاليات التي تشهدها البحرين وتبين وجهها المشرق، الناس تستمتع بوقتها في التسوق والمهرجانات والذهاب لدور السينما والمماشي والمتنزهات والمطاعم التي لا حصر لها.

بالتالي أي الصورة أصدق، وأيهما أفضل للبحرين كبلد تمضي لاستعادة موقعها على خارطة الدول المستقطبة للاستثمارات، والتي تمضي لتعزيز عجلة الاقتصاد والتنمية؟!

تذكروا بأن تلفزيون البحرين الرسمي ليس قناة «العالم» و«المنار» وغيرها، بالتالي ما ينقله من الاستحالة أن يطابق ما تنقله تلك القنوات من مبالغات وفبركات، والتي وصلت لدرجة عرض فيديوهات قديمة، ومسيرات فيها أفراد معدودون وتصويرها على أنها موجات غضب وغيرها، وتذكروا بأن هذا يحصل في مناطق مغلقة، بعض قاطنيها والدخلاء عليها يفتعلون ذلك بغرض التشويه الإعلامي، وليست كل هذه المشاهد تعكس واقع البحرين.

بالنسبة للأحداث الأمنية التي فيها تفاصيل تهم الناس، أتفهم دور جهازنا الإعلامي هنا، إذ التسابق في نشر المعلومة من غير مصدرها، خطأ يقع فيه كثيرون عبر وسائل التواصل، وحصلت مراراً أن أوردت معلومات غير دقيقة، وحصلت أيضاً أن بثت معلومات صحيحة، لكنها ليست «شطارة» ولا نوعاً من «السبق»، طالما أن هناك جهات أمنية رسمية معنية بإصدار البيانات الرسمية التي فيها التفاصيل الممكن إعلانها وفق اعتبارات عديدة، وبالتالي دور تلفزيون البحرين نشر هذه البيانات من مصادرها، وإن كانت له من اجتهادات فلن تخرج عن استقراء آراء المختصين، دون التركيز عليها وتحويل شاشتنا لمصدر يساعد الإرهابيين والمحرضين على ما يريدونه من تصوير للبحرين على أنها بلد فيه مخاطر، ينفر منها المستثمر والسائح والزائر.

وعليه أتفق تماماً مع رد الأخ الفاضل وزير الإعلام الأستاذ علي الرميحي على تساؤلات بعض النواب الكرام، الذين نحسب لهم حرصهم على البلد، إذ ما قاله أصاب كبد الحقيقة، من أنه يتوجب إبراز الصورة المشرقة للبحرين كونها هي «الحقيقة» الفعلية على الأرض، ولا يمكن أن تنجر الشاشة الرسمية لبعض المحاولات أو الضغوط لنقل الصورة السلبية من منطلق حصول حادث هنا وهناك في بعض المناطق يقف وراءه المخربون، وتصوير ذلك على أنه حال البحرين، إذ الواقع مختلف تماماً، وبلادنا تنعم بالأمان، وهناك من يحاول إقلاق هذا الأمن وتصوير خلاف ذلك.

عمل الوزير الرميحي يفترض الاحترام، وتعامله المتزن مع الأحداث والأمور بان منذ استلامه حقيبة هذه الوزارة الصعبة ليكمل مسيرة من سبقوه وعملوا واجتهدوا، وما يحسب له أنه حقق نقلات مميزة ونوعية بحسب الظروف المتاحة والميزانية الضيقة، وكل هذه الأمور تدفع أي منصف وعادل في الحكم لدعوة الناس للتفاعل الإيجابي مع هذا الحراك، وللنواب ممثلي الشعب بأن يكونوا داعمين لهذه الجهود التي تبذل.

ولمن يصر ويلح على أن نحول قناتنا لنسخة من قناة «العالم» وغيرها، نقول بأنه لا يعقل أن يساهم الإعلام البحريني -من غير قصد- في الحملة المغرضة لتشويه صورة البحرين.

إعلامنا كان ولايزال وسيظل منصة دفاع وصد ورد على الأكاذيب والفبركات التي تستهدف البحرين.