حين استلم ترامب مقاليد الرئاسة في البيت الأبيض تصور كثيرون وتوقعوا أنه سيضع روسيا وكيلاً عن الولايات المتحدة في المنطقة، وكثيرون توقعوا أنه في عهده ستكون روسيا هي اللاعب الأول في المنطقة، خاصة بعدما حسمت الأمور لصالح الأسد بسبب تدخلها في الحرب السورية. ولكن اليوم الأمور تتضح خلاف ذلك، فالتحقيقات التي بدت تظهر أن لروسيا يداً في التلاعب بالانتخابات وبقرصنة حسابات البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون غريمة ترامب وأن مستشارين لحملة ترامب كان لديهم تواصل مع مسؤولين روس خلال الحملة الانتخابية غيرت الحسابات. فاليوم أكثر من أي وقت مضى الولايات المتحدة وإدارة ترامب بحاجة أن تظهر الحزم في وجه روسيا. فبينما أوباما اكتفى بتحذير بوتين من مغامرته في سوريا فاليوم إدارة ترامب تجد نفسها مضطرة أن تأخذ إجراءات أكثر حزماً مع الروس. كما أن شخصين في موقع القيادة ولديهما خبرة طويلة واحترام من أعضاء الكونغرس هما جيمس ماتيس واتش أر ماكماستر لديهما مواقف حازمة من الروس. فخلافاً لترامب الذي امتدح بوتين خلال حملته الانتخابية، الجنرالان لديهما وجهة نظر سلبية للدور الذي تلعبه روسيا في المنطقة وفي أوروبا. السؤال ماذا سيكون الموقف الأمريكي الجديد من روسيا وأطماعها التوسعية في المنطقة وأوروبا؟ هل ستسعى أمريكا من خلال المفاوضات لأن تكبح جماح الدب الروسي أم ستستعمل أساليب قسرية لصد روسيا؟ ممكن أن تعرض أمريكا على روسيا محفزات مثل ضمان قواعدها العسكرية المطلة على المتوسط لقاء أن تحجّم روسيا نفوذ الميليشيات التابعة لإيران المسيطرة على مساحات واسعة من سوريا وأن تتخلى عن الأسد. ولكن هذا السيناريو يطرح عدة عقبات. أولاً فحلف النظام مع الروس قديم ويرجع للأسد الأب وفي محادثات جنيف لم يبدِ الروس للمعارضة السورية أية نية لتقديم أية تنازلات في موضوع الأسد، كما أن الروس بحاجة للإيرانيين كقوة فاعلة على الأرض، وبالرغم من أن طيرانهم هو الذي قبل المعادلة في سوريا فليس لهم قوة على الأرض. أما بالنسبة للاحتمال الثاني وهو أن تستعمل أمريكا أساليب قسرية وأن تقوم بفرض عقوبات اقتصادية إضافية على روسيا حتى ينهار الاقتصاد الروسي وتنسحب روسيا من تلقاء نفسها فهذه مخاطرة. فالأزمات عادة ما تشجع الناس على الالتفاف حول قياداتهم خاصة إذا ما نجح بوتين بتصوير العقوبات داخلياً كمؤامرة غربية ضد روسيا. وبالرغم من أن خطة أمريكا تجاه المنطقة غير واضحة في الوقت الحالي وحالما يدلي وزير الخارجية ريكس تيلرسون بأية تصريحات مفيدة، فالشيء الأكيد هو أن أمريكا ستأخذ موقفاً أكثر حزماً من روسيا وأطماعها في المنطقة.