- «ريحة الوالدين»: مهما مرت السنوات وتقدم بك العمر، فإن «ريحة الوالدين» ستظل تشم عبقها الزاكي على المدى البعيد، وتتذكر تلك الإطلالات الجميلة التي عشتها معهم على مدى السنين.. وتستشعر تلك اللمسات الحانية التي عشقتها من أناملهم الرقيقة.. استغلوا لحظات الجمال والمتعة مع أحن من في الوجود، وقبلوا جبينهم وأقدامهم، واحرصوا على خدمتهم وقضاء حوائجهم حتى الرمق الأخير.. فهم بركة الحياة وطريق الجنان.

- «ريحة الحبايب»: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله» متفق عليه. عندما يقسو قلبك وتلهيك مشاغل الحياة، وتنشغل مع سرعة وتيرة انقضاء الأوقات، تجد نفسك في حيز بعيد محروم عن الاستمتاع «بريحة الحبايب».. ليس تعمداً ولا ابتعاداً عن موطن الأجر الذي أوصى الله سبحانه وتعالى به، وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم.. ولكن سرعة الدنيا والتسويف والملهيات العابثة في كثير من الأحيان، تجعلك تقصر في وصال من تحب من الأهل الذين هم «ريحة الوالدين».. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه» رواه مسلم.. تعالوا معنا نمضي في ركاب التغيير واللحاق بأجر الآخرة.. فلا ندري ما ينتظرنا في الغيب.. تعالوا نحافظ على جلساتنا العائلية مع الأحباب ونستنشق عبق «ريحة الحبايب»، فلا نفرط فيها أبداً.. تعالوا نتزاور ونصل من قطعناه وألهتنا عنه الدنيا، وهو جالس في بيته ينتظر إطلالة «ظلنا» حتى يقبله.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه» متفق عليه.

- «ريحة لول»: مازلنا نستنشق عبير «ريحة لول» الفاتنة، فنزكم بها نفوسنا في كل حين، لأن «ريحة لول» في مضامينها تعني لنا الكثير، فهي الأصالة التي تربينها عليها، والمعاني الجميلة الجياشة التي عطرت حياتنا، والبساطة والابتسامة التي ساهمت في تشكيل شخصياتنا.. فكلما سنحت لي الفرصة الترنم «بفرجان لول» والتأمل في مواقع بيوت الآباء والأجداد، كلما ترطبت نفسي بمعان فريدة انمحت آثارها الجميلة عن حياتي، وابتعدت نفسي عن التلذذ بها في طرق الحياة المتشعبة.. وكلما حانت لي الفرصة الالتقاء بأصدقاء الزمن الجميل، كلما تذاكرنا معاً تلك المواقف الجميلة على عتبات الحياة.. وكلما أرسل لي «صديق المحبة» صور الماضي الجميلة وبعض المقاطع المصورة، كلما أثار في نفسي تلك الشجون التي لا تنتهي، فلم أستطع أن أمنع قطرات الدمع من أن تنهمر على خدي.. ولكن.. من الصعوبة بمكان أن نرجع «ريحة لول» ولكن باستطاعتنا أن نستمر في خطى الخير، ونتواصل مع الآخرين، حتى نمسك بزمام خيوط الأجور الأخروية التي نعيش من أجلها..

- روائح الذكر: جميل جداً أن تشم في كل لحظة «روائح الذكر» العطرة التي تعطر بها حياتك وحياة الآخرين.. كم نقصر في استنشاق هذه الروائح العبقة، أو نجعل الآخرين يتسابقون إلى استنشاقها.. فعلى الرغم من بساطة أن تشيد في نفسك «حديقة ذكر» جميلة يشم عبق ورودها كل من يتردد على حدائق نفسك، إلا أننا -مع الأسف الشديد- نتثاقل من أن نروي بذور الخير المزروعة في نفوسنا، فنتركها للزمن تتقادم ويعتريها النسيان والجفاف.. فبمجرد أن تستفتح يومك بصلاة الفجر وأذكار الصلاة والصباح ثم الاستغفار والتسبيح والتهليل.. فإنك بذلك قد فتحت أمامك باباً واسعاً من الأجر والخير، ورطبت نفسك وسقيت حدائقها العامرة.. ثم ترويها في بقية يومك بقراءة وردك القرآني وأذكار المساء، والتسبيح في الغدو والرواح، وأدعية الرقية والدعاء.. حينها ستثمر حدائق نفسك تلك الزهور الجميلة وتلك الروائح الزكية التي تزكي بها نفسك أولاً ثم الآخرين بصنيع الأفعال.. ومن فوائد الذكر التي ذكرها ابن القيم رحمه الله: «أنه يطرد الشيطان، ويرضي الرحمن، ويزيل الهم والغم عن القلب، وينور القلب والوجه، ويجلب الرزق، ويكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة، ويورث القرب من الله عز وجل..».

- روائح الخير: هناك أناس سخرهم المولى الكريم ليكونوا ومضات خير في حياة غيرهم، بل أبعد من ذلك بكثير، فهم كالجبال الشامخات، وكالزهور العبقة الزكية التي تجذب الآخرين كما تجذب الزهور النضرة الفراشات.. هي نفوس مخلصة تبصم بصمتها المؤثرة في كل ميدان بروائحها المميزة، وبأصداء عملها المتقن، وبإخلاصها وتفانيها في كل مهمة توكل إليها، وفي كل مبادرة تتحفز لها.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عن كربة أو تقضي عن دينا أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً...» رواه الطبراني.

- روائح الوطن: هم قامات الوطن العريقة الذين استطاعوا أن يشيدوا بنيان الخير، ويساهموا في رفعة الوطن وازدهاره، وينشروا قيم الحب والولاء والعرفان لأحلى وطن احتضنهم وقدر جهودهم.. هي روائح تلك القامات الفذة التي بذلت الغالي والنفيس من أجل أن يتبوأ الوطن مكانته المرموقة بين الدول، ومن أجل أن ينتشر فيه أجمل معاني الخير والعطاء والسعادة.. هم من يحبون أن يكونوا لبنات مؤسسة لكل فكر وسطي تتربى عليه الأجيال، ولكل عمل خيري وتطوعي يساعد الشباب للوصول إلى مراتب صناعة القرار.. هي روائح من ارتسمت على تقاسيم وجوههم تعب السنين.. وباتوا اليوم يبحثون عن من يكتب تاريخهم وإنجازاتهم لتكون «خبرات ناضجة» للأجيال..

* ومضة أمل:

مهما أثقلتك خطوب الدهر، وصدك عن المسير شرور البشر ومصدات الظروف.. فثق أنك «البطل» الذي لا يهزم، وقوة الخير التي لا تتقهقر.. لأنك على يقين بأن لديك «صفحة ناصعة» تريد أن تقابل بها ربك وهي ممتلئة بصنائع المعروف.