يعمد البعض في هذه الفترة على وجه الخصوص على نشر فكرة أن الدولة «تنتقم» من هذا البعض أو من هذه الفئة أو المؤسسة وأنها تتقصد القيام بكذا وكذا وكذا، لكن هذا الكلام غير صحيح، فما تقوم به الدولة لا يتعدى تأكيد وجودها وتصحيح الأخطاء التي ارتكبها البعض وأدخلت البلاد في متاهات بغية ضمان عدم تكرارها وحماية الشعب المسؤولة عنه أملاً في الخروج من المشكلة التي لاتزال تؤثر سلباً على إيقاع الحياة وتربكها حيث لايزال ذلك البعض ومنذ ست سنوات يعمل في الاتجاه نفسه وبالطريقة نفسها. أما الدليل على عدم اتخاذ الدولة الانتقام نهجاً وغاية فهو أنها تركن إلى القانون الذي تحكمه في كل خطوة تقوم بها، وإلا فإن من السهل على الدولة -كل دولة- أن تضبط الأمور بما تمتلكه من سلطة وقوة، مثلما حدث ويحدث في بلدان أخرى عديدة، عربية وأجنبية.

عندما ترفع الحكومة ممثلة في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف قضية ضد جمعية سياسية فهذا لا يعني أنها تريد تصفيتها وترمي إلى التضييق على «المعارضة» بغية إنهائها ولكنه يعني أن هذه الجهة قررت أن تمارس حقها لعلها تتمكن من تصحيح خطأ وقعت فيه تلك الجمعية أدى إلى حرفها عن مسارها.

وعندما تقوم الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية بالتحقيق مع أو القبض على أو تحويل هذا الشخص أو ذاك إلى النيابة العامة ومن ثم إلى المحكمة فإن هذا لا يعني أنها تعادي الشخص أو البعض المعني ولكن يعني أنها تمارس حقها حسب النظام والقانون كي يتم إصلاح خلل معين.

الدولة لا تقوم بما تقوم به اعتباطاً لسبب بسيط هو أنها مرصودة من المواطنين ومن القانون ومن الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها وليس أمامها إلا الالتزام بها، فإن فعلت ما يعتبر مخالفاً للقانون وللاتفاقات الدولية فإن هذا يؤثر عليها سلباً وهي بالتأكيد لن تقبل بذلك.

لو أن سيناً أو صاداً من الشباب لم يرمِ حجراً على رجال الأمن أو لم يتجاوز على الدولة بالسب والشتم أو لم يعتدِ على الممتلكات العامة أو الخاصة لما تعرض إلى ما يتعرض له من يمارس مثل هذه السلوكيات، ولو كان ما يحاول البعض نشره صحيحاً لبات الجميع في مراكز الشرطة والسجون ولما تجرأ أحد على الخروج من بيته.

ما يجري هو سعي حثيث من قبل البعض بغية الإساءة للدولة وإظهارها بصورة الشخص الذي يجب أن يعاقب من قبل الأمم المتحدة، وما يجري الغرض منه تشويه سمعة الدولة والزعم بفكرة أن الحكومة فاشلة وهذا كله غير صحيح بالمطلق والعالم يشهد بهذا. ما يجري هو أسلوب قديم ربما نجح في بعض الأحيان في بعض الدول لكنه لا يمكن أن ينجح في البحرين التي هي محط الأنظار وليس لديها ما تخفيه عن العالم ولا تفعل إلا ما قد يعينها على الخروج من المشكلة التي أدخلت فيها عنوة ومن دون تجاوز القانون، إذ كل ما تقوم به الدولة في البحرين يتم بشكل قانوني، ولولا أن المجالس التشريعية المعنية بتعديل الدستور وإصدار التشريعات والقوانين اتخذت قراراً بتعديل بعض بنود الدستور وبطريقة ديمقراطية لما تمكنت الدولة من فعل شيء لأنها لا تستطيع تعديل الدستور خارج المجالس التشريعية ولا تستطيع أن تلزم أعضاء تلك المجالس بما تريد.

لهذا يمكن القول وبضرس قاطع إن ما تقوم به الدولة في البحرين لا يدخل في باب الانتقام من أحد أبداً وإنما يندرج تحت باب تصحيح الأخطاء والأمور بغية ضمان عدم تكرارها لأن في تكرارها إرباكاً جديداً للحياة وفرصة للأجنبي كي يطل برأسه ويزداد إصراراً على التدخل في الشؤون الداخلية.