حسن الستري:

رفضت لجنة المرافق العامة والبيئة الاقتراح بقانون بتعديل المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 1976 في شأن الإسكان؛ والمتمضمن استحداث شرط مرور عشر سنوات على اكتساب الجنسية البحرينية للاستفادة من الخدمات التي تقدمها وزارة الإسكان للمواطنين، وذلك لتعارضه مع المادة (18) من الدستور التي تنص على أن (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة).

وبحسب مقدمي المقترح "النواب عباس الماضي، ماجد الماجد، محمد ميلاد"، فهو يهدف لحل مشكلة تراكم الطلبات الإسكانية التي تزداد سنوياً، وتقليص فترات انتظار حصول المواطنين على الوحدات السكنية، ناهيك عن معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار الإيجارات، ولجوؤهم إلى البنوك التجارية للحصول على قروض عقارية بنسب أرباح عالية لشراء منازل متواضعة، وما يسببه ذلك من اختلال أوضاعهم المادية، الأمر الذي يفرض ضرورة توجيه الخدمات الإسكانية إلى مستحقيها لتلبية كافة الطلبات في مدد زمنية معقولة.


ورأت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية أن الاقتراح بقانون تشوبه شائبة عدم الدستورية؛ لتعارضه مع المادة (18) من الدستور التي تنص على أن (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة)، وأجاب مقدموا المقترح أن الاقتراح بقانون ينظِّم حق الانتفاع بالخدمات الإسكانية ولا يمسّ جوهره؛ حيث إنه لم يحرم من اكتسب الجنسية من الحصول على الخدمة الإسكانية وإنما نظم هذا الحق بتحديد مدة زمنية للانتفاع، وذلك استناداً للمادة (31) من الدستور التي تنص على أن (لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً عليه. ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية).

وبخصوص التفرقة بين (المواطن بالسلالة) و(المكتسب للجنسية)، أفاد مقدمو المقترح أن شروط المدة الزمنية لأي مكتسب للجنسية للحصول على حق معين يمكن أن يكون في أي قانون غير الدستور، وهو أمر جوازي للمشرّع القانوني، حيث جاء في المذكرة التفسيرية لتعديلات دستور مملكة البحرين الصادرة سنة (2012م) وفي الفقرة الخاصة بتفسير المادتين (53، 57/أ) أنه (... تم تعديل هاتين المادتين بما يؤدي إلى التفرقة بين المواطن الذي يتمتع بالجنسية الأصلية والمواطن الذي اكتسب الجنسية بالتجنس وفقا لما يقرره قانون الجنسية من شروط لكل منهما، واشترطت كل من المادتين لعضوية مجلس الشورى وعضوية مجلس النواب أن يكون قد مضى على اكتساب العضو الجنسية البحرينية عشر سنوات. ويلاحظ أن هذه التفرقة التي تضمنتها المادتان (53، 57/أ) بعد تعديلهما، أمر وارد في الدساتير عامة في شأن مباشرة الحقوق السياسية، ولا يخل بما تقرره مبادئ حقوق الإنسان. فلقد جرت أغلبية الدساتير على تحديد فترة معينة لا يجوز لمن اكتسب الجنسية البحرينية أن يمارس فيها حق تمثيل الشعب في المجالس النيابية، واعتبرتها فترة تمرين على الولاء للجنسية الجديدة، كما أنها تحقق ضمانات للدولة أثبتت التجارب العالمية ضرورتها. أما شروط الناخب فلم تتعرض لها هاتان المادتان أو غيرهما من مواد الدستور، وإنما يتولى بيانها قانون مباشـرة الحقـوق السياسيـة، وبـذلك يجـوز لهـذا القانـون أن يسمح لمن اكتسب الجنسية البحرينية بممارسة حق الانتخاب دون قيد زمني، باعتباره أقل خطورة من حق الترشيح وعضوية المجالس النيابية ...)؛ لذلك فإن هناك فرقاً بين (البحريني بالسلالة) و(البحريني بالتجنيس)، وهو ما يعني عدم مخالفة الاقتراح بقانون لنص المادة (18) من الدستور.

ورأى مقدمو المقترح أن حرمان مكتسب الجنسية من الخدمات الإسكانية بشكل مطلق مجافٍ لاختبار الولاء، كما أن السماح المطلق فيه تضييع لحق المواطنين بالسلالة، لذلك فإن تحديد مدة زمنية للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الدولة هو الموقف الوسط في هذا الأمر.

من جهتها، أوضحت وزارة الاسكان أنها لن تتوانى عن تبني كل ما يعزِّز من إمكانيات استهداف الشرائح المستحقة للخدمات الإسكانية خاصة إن كانت المبررات الداعية إلى تعديل (المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 1976 في شأن الإسكان) تتمركز حول الجانب التنظيمي للفئة المستحقة للدعم الإسكاني وذلك أسوة بالمدة المحددة بعشر سنوات لإمكانية ممارسة الحقوق السياسية في مملكة البحرين، وأشارت إلى ضرورة أن يتوافق التعديل المقترح مع الدستور ليكتسب الحلة القانونية الصحيحة للإصدار والنفاذ.