نورشان خالد

خولة الحسن أستاذة في قسم الإعلام والسياحة والفنون بجامعة البحرين، مشت كثيراً حتى وصلت للنجاح والتفوق، صغيرة لكنها فرضت وجودها واحترامها بين أكاديميي جامعة البحرين، كافحت وناضلت ووثبت فوق حواجز قد تفوقها طولاً... تحدثت عن تجربتها في لقاء خالص لـ "الوطن"......

عند سؤال الأطفال عن مهنتهم المستقبلية يكون الرد بطبيب أو مهندس ماذا عنك؟


منذ صغري أحببت الرسم والفنون وأحببت أن أعمل رسامة وأدرس الرسم كما كنت أضع الدمى وأحياناً أجبر أخي على الجلوس وأبدأ بشرح أي شيء أتعلمه حتى إن كان بسيطاً كفتح علبة.

وهل التحقت بكلية الفنون ؟

لا، بداية تم إغلاق تخصص الفنون الجميلة وهي رغبتي الأولى ولكن اضطررت لدراسة الرغبة الثانية وهي كلية التعليم التطبيقي لسنتين ثم انتقلت لبرنامج الإعلام، وشعرت بالضيق وأن صبري على هذه المرحلة ضاع فوجدت أن دراسة الإعلام هي الأقرب وكانت دراسة الدبلوم هي تذكرة دخولي للبكالوريوس كوني درست الفرع التجاري في الثانوية فسبحان الله كيف رتب لي الأمور رغم عدم فهمي للأمر وقتها، والمضحك أنني أنا من أعلنت عن افتتاح البرنامج مرة أخرى وأشرفت على البرنامج وعرفت أن الخطة القديمة لم تكن ما أريده عندما تناقشت مع د. سماء الهاشمي بما يخص الخطة القديمة للتخصص وطورنا الخطة سوياً... فسبحان الله !!

بم استعنت في تخصص دراسي لا ترغبين به ؟

بالصبر الجميل وهو أعلى مراحل الصبر فقد بدأت بلغة إنجليزية ضعيفة ورؤية غير واضحة للأمور وهي الصفة التي ستغير مجرى الأمور للأفضل دائماً.

كيف كانت فترة ابتعاثك لبريطانيا ؟

عندما يقرر الشخص أن يغترب وأن تصبح حقيبة سفره هي كل شيء له هناك تكون هذه أقسى تجربة يخوضها لدرجة أن نطق اسمي كان صعباً ! فقد كانوا ينادونني " كوالا "! واكتشفت أن العالم كبير جداً، وحجمي صغير فيه ويجب علي أن أعتمد على نفسي في كل شيء.. رائحة المكان غريبة.. المباني.. اللغة.. حتى أن المشرف على دراستي كان قاسياً لا يسمح بكثرة الأسئلة؛ فمنذ اليوم الأول قال لي: you are so needy في الحقيقة علمني أن أصوغ سؤالي جيداً في جملة واحدة بشكل غير مباشر، أعطيت نفسي مهلة شهرين إن لم أكمل سأعود إلى البحرين، فقررت الرجوع لأسبابي كي لا أستسلم وأكسر، فقمت بالحضور يومياً والجلوس بجانب الأشخاص الأفضل في الفصل، دارت الأيام وصاروا يستعينون بي وإن غاب المحاضر أقف بدلاً عنه !

كونك فتاة بحرينية، ما العائق الذي واجهك هناك ؟

حجابي كان حاجزاً بالواقع، واحتجت أن أبادر بكل شيء حتى أكسر هذا التردد، فكرة أن أكون محجبة جعلتهم مشوشين بطريقة التعامل معي فوجدت أن الحل بالابتسامة والمبادرة والعفوية، كما إن حجابي أثار فضول الكثير ممن هم حولي وطرحوا الأسئلة، كانت فرصتي بتصحيح المفاهيم المغلوطة حتى شاء الله وقرر شخصان الإسلام فلم أستعن بأسلوب التشدد والضغط بل كنت لينة واعتمدت أسلوب الإقناع فقلت: " أنتي أولريدي مسلمة " لعدم قيامها ببعض السلوكيات ولا أخفيك.. أنني أعددت نفسي جيداً قبل الابتعاث من هذه الناحية وتابعت الكثير من الأسئلة وكيفية الرد عليها.

كيف تقيمين تجربة الابتعاث ؟

لو خيرت بين الشهادة والتجربة لاخترت التجربة فعلياً تعلمت منها الكثير ورأيت الكثير خلال سنة واحدة نضجت لعشر سنوات كانت قاسية بداية وصعبة والحياة لم تكن سهلة كرحلة سياحية ترى أفضل وأجمل الأماكن لكن عندما تعيش هناك كحياتهم ستتعلم الكثير وتقارن بين حياتك هناك وفي البحرين وتأكدت تماماً بأننا هنا أفضل منهم فعلياً في أمور كثيرة منها ثلاثة أرباعهم بلا هدف وعشوائيون بشكل غير طبيعي عكس الأغلبية هنا، ولا ننسى الوقوف الطويل من أجل دفع الضرائب.

رغم كل الحواجز من كان ممسكاً بيدك ومؤمناً بقدراتك ؟

حقيقة أنا بنعمة كبيرة بوجود والدي وصبرهما على جميع ما مررت به والثقة التي منحاني إياها أعانتني لأحقق أهدافي، إخواني كذلك و د. أماني الحلواجي، د. مها الراشد، د. سماء الهاشمي، د. فريد البيات هم من صقلوا شخصيتي منذ أن كنت طالبة وأثروا فيّ فعلياً كما إنني مررت بمرحلة قررت فيها الانسحاب، ولكن د. مها أعادت لي الأمل بمدة 15 دقيقة وأنقذتني بآخر دقيقة.. جميعهم أضافوا إلي كونهم نساء بحرينيات وصلن لهذه الدرجات فكنت أسعى لأن أصل لما وصلن له فلا شيء مستحيل بالمثابرة.

كيف كانت تجربتك بمعرض طبقات ؟

بعد التخرج مباشرة من برنامج البكالوريوس في 2014 كنت أبحث عن وظيفة ولم أجد لعام كامل، فصادف أن تم ترشيحي من قبل قسم الإعلام والسياحة والفنون بجامعة البحرين لهذه الفعالية وأن أكون رئيسة اللجنة التنظيمية كأول تجربة لي والشكر موصول لـ د. سماء الهاشمي فقد كانت معي خطوة بخطوة لغاية الخامسة صباحاً !!

هل قررت الانسحاب مرة من أي مرحلة بسبب الإحباط ؟

في كل مراحل حياتي كان الإحباط صديقاً ثقيلاً يرافقني وما كان يواسيني هو قائمة أسبابي التي كانت بحدود 70 سبباً، أعود لها كي لا أتراجع، بالإضافة إلى أن كل من هم حولي كانوا سنداً لي في هذه المراحل وأنا قررت الاستمرار وهو ما يجعلني أقوى وأصنع قصصاً أعظم، ولا يغريني الشخص الناجح بلا عقبات، فالشخص المكافح احترمه تلقائياً.

كيف التحقت بهيئة تدريس جامعة البحرين ؟

ربما إصراري والمواقف التي برزت فيها منها التزامي بالحضور والشرح مع الأساتذة أثناء المحاضرات كما كنت مهتمة بحل المشاكل وأربط بين الطلبة والقسم، وربما أيضاً دراستي في الكلية التطبيقية رغم عدم رغبتي بها بينت لهم مدى جديتي والتزامي بالوصول لأهدافي مما جعلهم يرشحونني من بين زملائي لهذا المكان.

اليوم أنت أصغر أستاذة في قسم الإعلام بجامعة البحرين، كيف يتعامل الأكاديميون والطلبة معك ؟

تحدث مواقف كثيرة منها إذا دخلت لمحاضرة ولم أكن مرتدية بطاقتي التعريفية أجد الطلاب ينتظرون قدوم المحاضر ويتفاجؤون بي، فهكذا يستقبلني الطلاب بالصدمة، أما الأكاديميون وهم أساتذتي سابقاً لم يعاملوني على أني كنت طالبة بل يعبرونها صفحة وانطوت واليوم أنا زميلة لهم في هيئة التدريس بقسم الإعلام والجميل أنني درست وعملت معهم. كما إن لي موقفاً مع أمن الجامعة عندما أريد الدخول من البوابة المخصصة للأساتذة يستغربون صغر عمري وهو أمر لا نجده كثيراً حقيقة في قسم الإعلام.

هل تفوقت على زملاء الدراسة أم ما زلتم في مضمار سباق نحو الأفضل ؟

إلى اليوم التنافس مستمر بيني وبين زملائي وصديقاتي منهم وسن التي تكمل دراستها بالخارج وجمانة التي تواصل ماجستير وكذلك سارة، وأنا أحضر للمرحلة القادمة ولن أتوقف بل سأسعى لتطوير نفسي دائماً وأصل لما أريد لن أتوقف بإذن الله.

ما الموقف الباقي في ذاكرتك ؟

عندما كنت بالحضانة كنت أرسم الأرانب أينما ذهبت وحتى على الطلبة أرسم أرانب ولم يستطع أحد إقناعي بأنه خطأ حتى وصل لمديرة الحضانة وحاولت إقناعي فبكيت.. فقامت بإعطائي قلماً لإسكاتي ورسمت أرانبي على طاولتها بحضورها!! وفي اليوم التالي وجدت أرنباً كبيراً قال لي: " أنا اليوم جيت عشانج خولة أنا مستانس أني جفتج وحزين بنفس الوقت لأن ترسمين أهلي برا الورقة ويضيعون ومادري وين أمي وأهلي إذا تنظفين كل شيء يرجعون " وقمت بتنظيف كل المكان وجعلته يلمع وهذا الدرس نبهني لنقطة أن علاج المشكلة بالنزول لمستوى الشخص ليفهمه جيداً كهذا الحل البسيط.