تفشت في الآونة الأخيرة ظاهرة السمنة بين الأطفال والمراهقين وأوضحت إحدى الدراسات أن 24% من طلبة المدارس يعانون من السمنة مما يعني وجود خطر يحدق بمستقبل صحة الناشئة لأنها تؤدي إلى إصابتهم بأمراض مزمنة كأمراض القلب والجهاز الدوري، والسكري، وتشوهات المفاصل وغيرها من الأمراض بالإضافة إلى الأضرار النفسية نتيجة الشعور بالإحراج من شكل الجسم أمام الزملاء في المدرسة بالإضافة إلى عدم القدرة على مشاركة أقرانهم في بعض الألعاب الجماعية التي تحتاج لمجهود بدني.

إن انتشار ظاهرة السمنة خاصة بين الناشئين والأطفال خطر يهدد المجتمع فهذه المرحلة هي الأساس لبناء جسم سليم وعقل سليم وبناء شخص قادر على العطاء مستقبلاً ويجب أن نحافظ على سلامة وعافية أبنائنا، فهم أمل وعماد التنمية في المستقبل، ويجب اتخاذ إجراءات من شأنها الحد من ارتفاع هذه النسبة، ومحاولة ترشيد الأساليب الغذائية وتعزيز ثقافة اتباع النمط الصحي السليم للطلبة منذ الصغر، لصعوبة إلزامهم في الكبر بتغيير نمط حياتهم.

إن متغيرات الحياة العصرية والتغيرات الجذرية التي حصلت في الحياة ودخول التكنولوجيا في متطلبات الحياة كافة، أدت إلى ظهور العديد من المشكلات المرتبطة بالصحة، وظهور ما يسمى بأمراض قلة الحركة ومنها السمنة لذا يرجع الاخصائيون سبب إصابة الأطفال بالسمنة في هذا الوقت الحالي إلى انتشار الكمبيوتر والإنترنت وساعات المشاهدة الطويلة التي يقضيها الأطفال أمام شاشاته دون حراك والبعض الآخر يرجع هذه السمنة إلى طبيعة الطعام الذى يتناولونه وانتشار الوجبات السريعة التي تحتوي على دهون مشبعة بنسب كبيرة جداً أدت إلى زيادة السمنة لدى الأطفال ومما زاد من تلك الكارثة أن الكثير من المدارس أدخلت الوجبات السريعة إلى مدارسها.

إن هذه المرحلة العمرية مرحلة مهمة تؤثر على الصحة مستقبلاً في حال زيادة الوزن ومن المعروف أن الطالب يقضي أطول وقت بين جدران المدرسة وبالتالي فإن برامج المدرسة لها تأثير فاعل وكبير على الطفل، على تنشئته، على صحته، والتربية ليست فقط تربية تعليمية إنما المدرسة مزيج من التنشئة من الناحية الجسمية والنفسية والعقلية بالإضافة إلى الجانب العلمي والتربوي.

لذا من المهم جداً التركيز على وجود حلول لمشكلة البدانة فهي ظاهرة تؤثر على الأطفال والتنشئة مستقبلاً، وأكد أخصائيون في التغذية وأطباء السمنة أن العادات الغذائية السيئة والمأكولات غير الصحية تعد أحد الأسباب الرئيسة وراء انتشار ظاهرة السمنة بين طلاب المدارس خصوصاً الوجبات السريعة والمشروبات الغازية المختلفة، فضلاً عن الحلوى الملونة التي تسبب السمنة بشكل سريع والتي نجدها في مقصف العديد من المدارس ولذا يجب اتخاذ قرار بمنع هذه الوجبات السريعة والأكلات المصنعة مثل الشيبس والمقرمشات والحلويات من مقصف المدرسة واستبدالها بوجبات صحية بالإضافة إلى أن العديد من الطلاب لا يمارسون أي نشاط بدني، وهذا يؤكد الحاجة الماسة إلى إيجاد أساليب تعليمية غذائية رياضية ملائمة وإلى تغيير في السلوكيات التي يمكن أن تدفع الطلاب إلى اعتماد العادات الغذائية الصحية وممارسة الرياضة.

وربما تعود أسباب السمنة إلى أسباب طبية مثل خلل في الهرمونات والعوامل الوراثية، ومنها ما يعود لأسلوب حياة الطفل وطبيعة طعامه وعدم ممارسته لأي نشاط بدني أو ممارسته بشكل خاطئ أو غير كافٍ فمهما تعددت الأسباب نتمنى من وزارة التربية أن تتخذ العديد من الإجراءات الوقائية والعلاجية، للحد من انتشار السمنة والأمراض المرتبطة بها بين الطلبة في المراحل الدراسية كافة، وتضع برامج خاصة للطلبة البدناء الذين يتم تحديدهم بناء على إجراء القياسات المتعلقة بالسمنة، وتتعاون مع أسرهم سواء لوضع برامج سواء غذائية أو رياضية أو إرشادية أو توعوية بحيث تضع خطة متفردة لكل طالب لكي يصل إلى الوزن المناسب في فترة محددة وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة في هذا الشأن بحيث يحصل هذا الطالب على هذه الخدمة من خلال المدرسة ويجب التكاتف مع الإعلام لوضع خطة إعلامية وتثقيفية للتوعية بمخاطر البدانة وتأثيرها ورفع سقف التوعية الصحية لدى الأهالي بضرورة الالتزام بالتغذية الصحية السليمة لأبنائهم وبهذا نضمن أن يتخرج أطفالنا من المدارس أصحاء نفسياً وجسمانياً.